شرح الدرر اللوامع في قراءة الإمام نافع الشيخ محمد برعيش الصفريوي

نص:
فنافـــــع يشبــــــع مدهنـــــــه للســــاكن اللازم بعدهنـــــه
شرح:
لما ذكر المصنف رحمه الله ما يتعلق بجميع القراء من مسائل المد؛ شرع في بيان مذهب نافع بالخصوص لأنه المقصود بهذا النظم.
واعلم أن للمد سببين: السكون والهمز وقد تعرض الناظم في هذا البيت إلى ما كان السبب فيه سكونا.
قوله: (فنافع) الفاء واقعة في جواب شرط محذوف تقديره فإن سألت أيها الطالب عن مذهب نافع في المد (فنافع يشبع مدهنه..).
وقوله (فنافع) أي: باتفاق قالون وورش.
وقوله (يشبع) أي يزيد ويطول.
وقوله: (مدهنه) أي: مد الحروف الثلاثة التي هي الألف والواو والياء، والهاء للسكت.
وقوله: (للساكن) نعت لمنعوت محذوف تقدير ذلك لأجل الحرف الساكن.
وقوله: (اللازم) أي الثابت الملازم.
وقوله (بعدهنه) أي بعد حروف المد الثلاثة والهاء للسكت.
وقول الناظم : (للساكن اللازم) فيه احتراز من شيئين:
الأول: الساكن العارض المنفصل (في كلمتين) نحو: (موسى الْكتاب) (عيسى بْن مريم) (عليها الْماء) (قالوا اطَّيرنا) فالمد فيه ساقط في الوصل بالكلية لالتقاء ساكنين.
والثاني: الساكن العارض المتصل (في كلمة واحدة) لأجل الوقف وهذا سيتعرض له فيما بعد إن شاء الله.
وفائدة المد مع السكون: كراهية التقاء الساكنين لأن المد يقوم مقام الحركة فحصل به الفرق بين الساكنين .
وما ذكره الناظم في هذا البيت هو المعروف عند علماء التجويد والقراءة بالمد اللازم الكلمي.
نص:
كمثـــل محياي مسكنا وما جـاء كحـاد والــدواب مدغمــا
شرح:
1ذكر الناظم رحمه الله في هذا البيت أمثلة المد اللازم الكلمي بنوعيه المخفف والمثقل .
قوله: (كمثل محياي) أي أن سبب المد لأجل السكون مثل قوله تعالى: (محياي) والكاف زائدة.
قوله: (مسكنا) أي: على رواية الإسكان سواء كان السكون مظهرا مثل (محياي) وكذا (أرايْت) و(ءاشْفقتم) ونحوها على رواية البدل.
أو مخفى نحو: (ءانذرتهم) (ءانت) ونحوها.
قوله : (وما جاء كحادَّ والدوابِّ مدغما) أي: وما جاء مدغما.
نحو : (حادَّ) و(الحاقَّة) و(والدوابِّ) و(ودابَّة) و(ءامِّين) و(صوافّ) و(شاقُّوا) و(الصاخَّة).
وقد ذكر الناظم من المد اللازم ما كان السكون فيه لازما وحرف المد فيه لازما؛ ولم يتعرض لما كان السكون فيه لازما والمد عارض نحو: (شاء انشره) (جاء امرنا) ونحوها على رواية البدل.
وقد اختلفوا في التفاوت بين مد الساكن المدغم والساكن المظهر على ثلاثة أقوال:
فقيل مد المدغم أطول 2 وقيل مد المظهر أطول.
3وقيل هما متساويان وهو المشهور وعليه الجمهور .
نص
أو همزة لبعدهـــا والثقـــل والخلف عن قالون في المنفصل
شرح :
في هذا البيت تطرق الناظم إلى ما كان سبب المد فيه همز.
والهمز على قسمين: متقدم ومتأخر.
فالمتقدم سيأتي بيانه في قوله: (وبعدها ثبتت أو تغيرت).
والمتأخر على قسمين: متصل ومنفصل.
فالمتصل 4 ما اجتمع فيه المد مع سببه في كلمة واحدة نحو: (جاء) و(سوء) و(نبيء) فهذا لا خلاف في إشباعه بين 6قالون وورش 5 كل بحسب مرتبته فيه .
والمنفصل ما انفصل فيه المد عن سببه 7 وهو قسمان:
منفصل في اللفظ والمعنى نحو: (بما أنزل).
ومنفصل في المعنى دون اللفظ نحو: (هؤلاء) و(يأيها) و(يأبت)
وهذا أيضا مما يجب إشباعه لورش 8 وأما قالون فسيذكر حكمه فيه.
قوله: (أو همزة) معطوف على قوله: للساكن اللازم، والتقدير فنافع يشبع مد الحروف الثلاثة لأجل الساكن اللازم بعدهن أو همزة بعدهن.
قوله: (لبعدها) الضمير يعود على الهمزة والمعنى لبعد الهمزة في المخرج.
قوله: (والثقل) الألف واللام عوض عن الضمير المضاف والتقدير: لبعدها وثقلها واللام في قوله (لبعدها) لام التعليل والمعنى إنما يشبع نافع المد قبل الهمزة لأجل بعدها في المخرج وثقلها في اللفظ 9 فإنها تخرج من أقصى الحلق وهي ثقيلة في النطق واللفظ.
وإنما مدت حروف المد قبل الهمزة لكي يقوى القارئ بهذا المد على إخراجها.
إلى هنا انتهت حلقة هذا العدد والله تعالى أعلى وأعلم.
——————————-
1- وقد يعبر عنه بالمظهر والمدغم.
2- وذهب ابن مجاهد وأبو حاتم سهل بن محمد والحسن بن سليمان الأنطاكي شيخ الداني وأبو العز الواسطي ومكي القيسي وغيرهم إلى المفاضلة فقالوا المدغم أقوى من المظهر ونصره ميمون الفخار في التحفة.
ونسبه صاحب الدر النثير إلى ابن شرح وهو خلاف ما نص عليه في الكافي فإنه قال والحق أنهما سيان لأن سكونهما واحد وعليه الجمهور.
وقال ابن الجزري: واللازم ذهب بعضهم إلى التفاوت فيه وهو طريق ابن الفحام وغيره والناس قاطبة على خلافه وبه قرأت وبه آخذ. اهـ.
3- وهو ظاهر كلام الداني في التيسير وظاهر كلام الشاطبي وظاهر كلام الناظم وابن الجزري.
وإليه أشار الداني في المنبهة قائلا:
وبعضهم قد قال إن المــــــد أقصر في المدغم فيمــــــا حد
لأنه يعدل في التمثيـــــــــــل حركة فليس بالطـــــــــويل
والأول المعروف عند الناس وهو الذي يصح في القيـــاس
وقال ابن الجزري: واللازم ذهب بعضهم إلى التفاوت فيه وهو طريق ابن الفحام وغيره والناس قاطبة على خلافه وبه قرأت وبه آخذ. اهـ.
قلت: ومن العجب أن ابن البادش في الإقناع نسب التفاوت بتقوية المدغم على المظهر إلى أكثر أهل الأداء خلاف ما نص عليه الداني وهذا يضاف إلى شذوذات ابن البادش رحمه الله.
4- ويسمى بالواجب المتصل وكما يكون متصلا لفظا يكون متصلا معنى.
5- وهل إشباعه من قبيل الواجب الشرعي أو من قبيل الواجب الصناعي.
نقل أبو شامة جواز قصر المتصل في القرآن ونقل مكي جوازه في غير القرآن ونقل محمد بن شقرون بن أحمد بن أبي جمعة المغرواي الوهراني أن ابن العربي قال: الأولى أن يمد مثل ذلك فإن اقتصر فيه على الطبيعي كان من الامر الذي لا يقدح في الصلاة هـ الفجر 2/117 .
قلت: ولعل هذه الأقوال مخرجة على كون القراءات السبع متواترة فيما ليس من قبيل الأداء كالمد والإمالة وتخفيف الهمز ونحوه وقد تنوزع في ذلك
6- قال ابن الجزري في النشر 1/ 373 فإذا كان حرف المد مع الهمزة في كلمة واحدة أجمعوا على مده زيادة ويتفاضلون في ذلك على قدر مذاهبهم في التجويد والتحقيق انتهى.
7- بأن يكون المد في طرف كلمة والهمز في أول كلمة.
8- وهل هناك تفاوت بين المتصل والمنفصل قال الداني رحمه الله في إيجاز البيان:المد المتصل للزوم الهمزة فيه لحروف المد أقوى منه في المنفصل لعدمها معه عند الوقف عليه .الفجر 2/115.
قال ميمون في التحفة: وورشهم مد الجميع مشبعا وقيل في متصل قد أمتعا .

9- وقد أشارالناظم إلى هذا بقوله : والهمز في النطق به تكلف

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *