كلنا يتذكر الأجواء التي رافقت ما سمي بالحرب على الإرهاب وقوانين الإرهاب وأجواء الإرهاب الفكري التي برى لها أشخاص معينون أقلامهم، وسودت صحف معلومة الصفحات وأنجزت الملفات تشويها وتحريضا..
فكانت في المغرب مثلا، جوقة مهمتها البحث والتنقيب عن الأخبار لتضخيمها وتشويهها، أو اختلاقها وتأليفها، من أجل توفير الغطاء الإعلامي لتلك الحرب على العالم الإسلامي التي أوصت التقارير الاستخباراتية وعلى رأسها تقارير راند، أن تسمى حربا على الإرهاب أو على الأصولية أو على التطرف أو على الوهابية! وانتخبت لها من بين من انتخبت جوقة من الصحفيين المستعدين لتعهير أقلامهم.
بعد ما سمي بالربيع العربي، الذي جرت رياحه بغير ما تشتهي سفن العلمانية، فخيب آمالها ودق مسمارا آخر في نعش مشاريع الشرق الأوسط الجديد والحرب على الإرهاب ومشروع السلام وغيرها من المخططات، تحاول نفس الأقلام ونفس الأبواق، بعث تلك المشاريع من رمادها، وهي تمني النفس بعودتها، من خلال إعادة إنتاج نفس الأجواء، وصب الزيت على نار الفتنة النائمة.
إنها نفس الأقلام والمنابر التي آذت قطاعا من أبناء هذا الوطن وحرضت عليهم وكانت سببا في إرسال الآلاف منهم إلى السجون، وحرمان آلاف آخرين منهم من ممارسة حقوقهم كباقي المواطنين في تأسيس الجمعيات وممارسة العمل الجمعوي والدعوي والخيري والثقافي والإعلامي..
إنها أقلام تجيد جيدا التآمر والغدر والكذب والخيانة والتلفيق والتزوير، تعيد في هذه المرحلة التي اعتقدنا أنها مختلفة؛ إنتاج نفس خطابها التحريضي البئيس، واختلاق الأكاذيب وترويج الإشاعات، لأجل ذلك كان ملفنا لهذا العدد بعنوان: “الصحافة العلمانية والتحريض ضد السلفيين”، من أجل تسليط الضوء على حيثيات هذه الحرب ودوافعها ودواعيها، وإماطة اللثام عن صور منها والمنخرطين فيها وأيضا ضحاياها، رابطين بين بداياتها ونهاياتها من أجل رسم صورة واضحة ومتكاملة ليفهم من خلالها المتابع والقارئ والمهتم الأحداث التي تقع والأخبار التي تروج، ضمن سياقها المحلي والإقليمي والدولي، لا على أنها أحداث معزولة، أو زلات وأخطاء، أو سبق قلم أو لسان، بل هو مخطط محبوك مدروس، إنه المكر السيئ الذين لا يحيق إلا بأهله.
مصطفى الحسناوي