صناعة القمار أو عندما تقتات الدولة من دماء أبنائها أحمد السالمي

منذ أن أصدر المارشال ليوطي ظهير القمار المؤسس لـ(PMUM)، وحتى سنة 1962 تاريخ إنشاء الشركة المغربية للألعاب والرياضات، وإلى قانون 33 دجنبر 1971 الذي تمت بموجبه مغربة شركات القمار الفرنسية، أصبحت الدولة المغربية هي الحاضنة للقمار عبر ثلاث شركات عمومية وهي:
– “الرهان التعاضدي الحضاري” التابعة لوزارة الفلاحة والصيد البحري المختصة في: “التيرسي، والكوانتي، والكوارتي”.
– “المغربية للألعاب والرياضات” التابعة لوزارة الشباب والرياضة والمختصة في: “الكرونو، والطوطوفوت، وكوتيسبور”.
– “اليناصيب الوطني” الخاضعة لرقابة صندوق الإيداع والتدبير المكلفة بكل القمار الرقمي والمختصة في “كواطرو، كينو، واللوطو”.
– بالإضافة إلا ستة كازينوهات.
وقد فاق رقم معاملات هذه الشركات 650 مليار سنتيم، وتجاوز عدد وكالاتها 341 وكالة، موزعة على 21 مدينة، كما أنها تتوفر على 4000 نقطة بيع موزعة على جل المدن المغربية؛ منها 1400 نقطة بيع خاصة بشركة “اليناصيب الوطني”.
وقد بلغ عدد المقامرين ستة ملايين ونصف، منها ثلاثة ملايين مدمن على اللعب، وثلاثة ملايين ونصف يلعبون بشكل مؤقت، أي ما يقارب الـ20% من المغاربة مقامرين، كما ارتفع معدل إنفاق المواطن المغربي على القمار إلى 120 درهم.
كل هذه الأرقام تبين لنا مدى استفادة هذه الشركات من شرعنة الدولة لهذا القطاع، حيث أن وزارة الداخلية تعتبر القمار نوعا من أنواع الألعاب والرهانات التي ينظمها القانون، وأن الألعاب المتداولة في الكازينوهات، والتي تخضع لمقتضيات تنظيمية تؤطر هذا القطاع؛ تتم مزاولتها وفق ضوابط منصوص عليها في دفتر التحملات، وتسهر مصالح الأمن الوطني على تنفيذها، وأن مزاولة هذا النوع من الألعاب يندرج في إطار تشجيع الاستثمارات السياحية؟!
هذا في الوقت الذي تصنف وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية لعبة اللوطو ضمن لائحة القمار والميسر، بحسب فتوى نشرتها الوزارة على موقعها الإلكتروني، بتاريخ 11/07/2005؛ جاء فيها: اللوطو نوع من القمار الذي هو الميسر، والميسر حرام، واستدلت بقوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالأَنصَابُ وَالأَزْلاَمُ رِجْسٌ مِّنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ}.
وتتجسد في هذه الشركات الشراسة الرأسمالية المتوحشة في أعتا تجلياتها، فهي تتاجر في الأوهام وتبيع السراب للمواطنين الذين يعيشون تحت رحمة هذا الاستعباد الجديد (القمار).
وليس بأمر خفي ما يسببه القمار من آفات اجتماعية خطيرة وتفكك أسري، وتشرد الأطفال، وارتفاع نسب الطلاق، والإدمان على المخدرات والخمر، والسرقة، والاختلاسات، والتشرد، والقتل، وممارسة الدعارة؛ لأن هذه الظاهرة اقتحمت حتى الوسط النسوي في زمن المساواة غير المنضبطة.
كل هذا يوضح أن البقاء على هذه الألعاب المحظورة شرعا؛ هو من المخاطرة بالأمن المجتمعي لصالح اللوبيات الفاسدة المتغلغلة في جسم الدولة والمستفيدة من هذا القطاع المحرم، والتي ترغب في إقامة نموذج مجتمعي يلائم توجهاتها، ويكدس خزائنها، ويكون فيه القمار أحد الركائز من خلال العمل على توسيع قاعدته وسط فقراء المجتمع، كما ألمح إلى ذلك الخبير الاقتصادي الدكتور عمر الكتاني.
وفي الختام نناشد المسؤولين والعلماء والغيورين كل من موقعه، على اتخاذ التدابير، وسن القوانين الموافقة لشريعة رب العالمين، التي تحفظ كرامة المواطنين، وتقطع الطريق على المفسدين، حتى لا تصبح المدن المغربية قبلة للمقامرين الذين هم في حب “الطوكار” و”الفافوري” هائمين.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *