التكلم بغير العربية دون حاجة

(لا نحب ألا ينطق بالعربية فيسمي شيئا بالعجمية، وذلك أن اللسان الذي اختاره الله عز وجل لسان العرب، فأنزل به كتابه العزيز، وجعله لسان خاتم أنبيائه محمد صلى الله عليه وسلم، ولهذا نقول: ينبغي لكل أحد يَقدِرُ على تعلم العربية أن يتعلمها؛ لأنها اللسان الأَوْلَى بأن يكون مرغوبا فيه، من غير أن يحرم على أحد أن ينطق بالعجمية). الإمام الشافعي

بعض الناس يستبدل في كلامه العبارات العربية بالكلمات الفرنسية أو الانجليزية، وهذا أمر شاع وداع؛ سواء في الوسط الأسري أو الإدارات والمؤسسات أو الشركات؛ بل دخل هذا الأمر بيوت الله أيضا؛ فنجد بعض الوعاظ والخطباء يقحمون في دروسهم ومحاضراتهم وخطبهم كلمات باللغة الفرنسية لا حاجة لها على الإطلاق؛ وربما تسرب إليهم هذا الأمر من رواسب قديمة ومما نشؤوا عليه؛ أو من ضعف وعيهم بعدم جواز استعمال لغة أخرى في الخطاب الشرعي خاصة إلا لحاجة.
فاعتياد اللغة يؤثر في العقل والخلق والدين تأثيرا قويا بينا، هذا ما أكده علماء الشريعة وعلماء التواصل وغيرهم؛ ولشيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى كلمة ضافية أوفى فيها المقصود، وجمع فيها من المنقول والمعقول في هذا الموضوع، فقال رحمه الله تعالى في اقتضاء الصراط المستقيم 1/204- 208:
” اللسان العربي شعار الإسلام وأهله، واللغات من أعظم شعائر الأمم التي بها يتميزون، ولهذا كان كثير من الفقهاء، أو أكثرهم، يكرهون في الأدعية التي في الصلاة والذكر، أن يدعى الله أو يذكر بغير العربية..
وأما الخطاب بها (يعني الأعجمية) من غير حاجة في أسماء الناس والشهور، كالتواريخ ونحو ذلك، منهي عنه مع الجهل بالمعنى بلا ريب، وأما مع العلم به فكلام أحمد بَيِّنٌ في كراهته.. وهو قول مالك أيضا، فإنه قال: لا يُحرِم بالعجمية ولا يدعو بها، ولا يحلف بها. وقال: نهى عمر عن رطانة الأعاجم؛ وقال: “إنها خِبّ” (المكر والغش) المدونة 1/62-63، فقد استدل بنهي عمر عن الرطانة مطلقا.
وقال الشافعي فيما رواه السلفي بإسناد معروف إلى محمد بن عبد الله بن الحكم قال: سمعت محمد بن إدريس الشافعي يقول: “لا نحب ألا ينطق بالعربية فيسمي شيئا بالعجمية، وذلك أن اللسان الذي اختاره الله عز وجل لسان العرب، فأنزل به كتابه العزيز، وجعله لسان خاتم أنبيائه محمد صلى الله عليه وسلم، ولهذا نقول: ينبغي لكل أحد يَقدِرُ على تعلم العربية أن يتعلمها؛ لأنها اللسان الأَوْلَى بأن يكون مرغوبا فيه، من غير أن يحرم على أحد أن ينطق بالعجمية”.
فقد كره الشافعي لمن يعرف العربية أن يسمي بغيرها، وأن يتكلم بها خالطا لها بالعجمية، وهذا الذي قاله الأئمة مأثور عن الصحابة والتابعين.
وسمع محمد بن سعد بن أبي وقاص قوما يتكلمون بالفارسية فقال: ما بال المجوسية بعد الحنيفية.
فاعتياد الخطاب بغير العربية التي هي شعار الإسلام ولغة القرآن، حتى يصير ذلك عادة للمصر وأهله، ولأهل الدار، وللرجل مع صاحبه.. فلا ريب أن هذا مكروه، وهو نوع من أنواع الاستلاب الثقافي والتشبه بغير المسلمين، وهذا مكروه.
لهذا كان المسلمون المتقدمون لما سكنوا أرض الشام ومصر ولغة أهلهما رومية، وأرض العراق وخراسان ولغة أهلهما فارسية، وأهل المغرب ولغة أهلها أمازيغية، عودوا أهل هذه البلادِ العربية، حتى غلبت على أهل هذه الأمصار مسلمهم وكافرهم.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *