لماذا اخترنا الملف؟

لم يعد بلد من بلاد المسلمين اليوم يخلو من تواجد مكثف للجمعيات النسوية التي ترفع شعارالدفاع عن المرأة؛ والمطالبة باسترجاع حقوقها المهضومة!
مقتديات في ذلك بنسويات الغرب؛ اللاتي ثرن على موروثهن الديني والثقافي؛ الذي يلصق بالمرأة صفات سلبية عديدة؛ وينظر إليها نظرة دونية؛ ويعتبرها كائنا شريرا..
فصارت كل الرسالات السماوية بالنسبة لهاته الحركات النسوية تشل وعي الشعوب والمجتمعات الأبوية الذكورية؛ فطورت بعض حركاتها نظرتها ورفعت سقف مطالبها بناء على نظرية سارتر الوجودية في تصورها للكائن الإنساني كونه مشروع حرية ومشروع كينونة.
وعموم هاته الحركات تستقي مرجعيتها من كتاب الفيلسوفة الوجودية الفرنسية (سيمون دي بوفوار) الذي يعده بعض الباحثين إنجيل الحركة النسوية بأسرها.
فـ(سيمون دي بوفوار) هي صاحبة المقولة التي تكررها العلمانيات كثيرا: (المرأة لا تولد امرأة بل تصبح امرأة)؛ إشارة إلى الدور الذي يقوم به المجتمع في صياغة وعي المرأة ودورها بالنسبة للذكر.
فمكونات الحركة النسائية في بلادنا -ومن يقف في صفها- تلجأ إلى استغلال ما يقع من ظلم واحتقار للمرأة -لا يقره الإسلام خلافا للنصرانية واليهودية المحرفتين- لإقحام أمور شرعية أخرى مع تلك العادات القبيحة المحرمة؛ بدعوى أن فيها احتقاراً للمرأة، تلبيساً على الناس. ولو أنهم اقتصروا في دعوتهم على محاربة العادات القبيحة المخالفة للشرع أصلا؛ والتي لم ينـزل الله بها سلطاناً لوجدوا أن أهل الخير والصلاح أول من يعينهم، ويصطف في صفهم.
فمما تؤاخذ العديد من الجهات على هاته الجمعيات اهتمامها البالغ بالقشور والتركيز عليه، دون الحديث عن اللب والمضمون بشكل مناسب ومتوازن، وعدم إعطاء قضايا جوهرية تمس المرأة أساسا العناية والاهتمام، ودغدغة الأحاسيس وتهييج العواطف لكسب أصوات الناس إلى صفهم -لاسيما عند النساء-؛ باستخدام عبارات تبالغ في وصف النساء المظلومات؛ المسجونات؛ مسلوبات الحقوق؛ مكسورات الجناح..؛ وفي المقابل تجعل الرجل كبش الفداء، وتتهم الأحكام الشرعية المتعلقة بالمرأة بوصفها لا تجعل للمرأة قيمة معنوية سوى الاستمتاع المجرد؛ وحضانة الأولاد؛ وخدمة البيت؛ في لغة متباكية حزينة. والواقع السيئ -للأسف الشديد- يمدهم بأدلة ووثائق يستغلونها لإثارة هذه القضية.
لقد بات من الضروري والمؤكد اليوم على المرأة المغربية المسلمة أن تنظر بعين ثاقبة ونظرة متأنية إلى سمو الشريعة الإسلامية الكاملة والشاملة لجميع نواحي الحياة؛ المنزهة عن كل نقص؛ المُصلحة لكل زمان ومكان، وأن تكون على علم وبصيرة بحقيقة الدعاوى التي ترفعها الجمعيات والمنظمات والحركات النسائية؛ وتعلم أن السبيل الوحيد لمقاومة هذا المد الغربي الجارف هو الانكباب على فهم الإسلام وتحصيل العلم الشرعي الذي يجعل المرأة والرجل على حد سواء يبصران سبيل الرشاد وسبيل الضلال، ويتمسكا بغرز الدين، ويتعظا بما آل إليه حال الأسرة في الغرب.
وعن بعض تلك الدعوات وأصحابها وجذورها ومآلاتها خصصنا هذا الملف.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *