الذبح لغير الله شرك أكبر

من المقرر في الشريعة أنه لا يجوز صرف أي نوع من أنواع العبادة لغير الله جل وعلا؛ قال سبحانه: {قُلْ إِنَّ صَلاَتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، لاَ شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ}.
وبعض الناس هداهم الله يذبحون لغير الله تعالى في مناسبات شتى؛ والله تعالى ذكره يقول: {إِنَّمَا حَرَّمَ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةَ وَالدَّمَ وَلَحْمَ الْخِنْزِيرِ وَمَا أُهِلَّ بِهِ لِغَيْرِ اللَّهِ {البقرة: 173.
فما معنى قوله تعالى: {وَمَا أُهِلَّ بِهِ لِغَيْرِ اللَّهِ {
قال ابن كثير رحمه الله: “ما أهل به لغير الله” وهو: ما ذبح على غير اسمه تعالى من الأنصاب والأنداد والأزلام ونحو ذلك مما كانت الجاهلية ينحرون له.
وفي تفسير الآية 3 من سورة المائدة قال رحمه الله تعالى: وقوله “وما أهل به لغير الله” أي: ما ذبح فذكر عليه اسم غير الله فهو حرام لأن الله تعالى أوجب أن تذبح مخلوقاته على اسمه العظيم، فمتى عدل بها عن ذلك وذكر عليها اسم غيره من صنم أو طاغوت أو وثن أو غير ذلك من سائر المخلوقات فإنها حرام بالإجماع.
وقوله سبحانه: “وما ذبح على النصب” قال مجاهد وابن جريج: كانت النصب حجارة حول الكعبة، قال ابن جريج: وهي ثلثمائة وستون نصبا كانت العرب في جاهليتها يذبحون عندها.. ويشرّحون اللحم ويضعونه على النُّصُب .. فنهى الله المؤمنين عن هذا الصنيع وحرم عليهم أكل هذه الذبائح التي فعلت عند النصب حتى ولو كان يذكر عليها اسم الله في الذبح عند النصب من الشرك الذي حرمه الله ورسوله، وينبغي أن يحمل هذا على هذا لأنه قد تقدم تحريم ما أهل به لغير الله . انتهى.
وقال صلى الله عليه وسلم: (لعن الله من ذبح لغير الله). رواه مسلم والنسائي وأحمد.
والمقصود من الحديث: “تحريم الذبح لمن مات من الأنبياء والأولياء؛ رجاء بركتهم، والذبح للجن إرضاء لهم، ورجاء قضائهم للحاجات، أو دفعاً لشرهم، فإن هذا شرك أكبر يستحق فاعله لعنة الله وغضبه.
أما الذبح للضيوف إكراماً لهم، أو للأهل توسعة عليهم، والذبح تقرباً إلى الله من أجل أن تجعل صدقة على الأموات يرجى ثوابها من الله للحي والميت، فهذا جائز، بل هو إحسان يرجى ثوابه من الله، وهكذا الضحايا يوم النحر عن الأموات والأحياء”.
قال الشيخ ابن عثيمين: “الذبح إزهاق الروح بإراقة الدم على وجه مخصوص ويقع على وجوه:
الأول: أن يقع عبادة بأن يقصد به تعظيم المذبوح له والتذلل له والتقرب إليه، فهذا لا يكون إلا لله تعالى على الوجه الذي شرعه الله تعالى، وصرفه لغير الله شرك أكبر ودليله قوله تعالى: {قل إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين لا شريك له} والنسك هو الذبح.
الثاني: أن يقع إكراما لضيف أو وليمة لعرس أو نحو ذلك فهذا مأمور به إما وجوبا أو استحبابا لقوله صلى الله عليه وسلم: “من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليكرم ضيفه” وقوله صلى الله عليه وسلم لعبد الرحمن بن عوف: “أولم ولو بشاة”.
الثالث: أن يقع على وجه التمتع بالأكل أو الاتجار به ونحو ذلك فهذا من قسم المباح فالأصل فيه الإباحة لقوله تعالى: {أولم يروا أنا خلقنا لهم مما عملت أيدينا أنعاما فهم لها مالكون وذللناها لهم فمنها ركوبهم ومنها يأكلون} يس/71، 72 وقد يكون مطلوبا أو منهيا عنه حسب ما يكون وسيلة له.” مجموع الفتاوى 6/62.
جاء في مواهب الجليل: “وأما الذبح للأصنام، فلا خلاف في تحريمه، لأنه مما أهل به لغير الله انتهى” 3/213.
وجاء في المجموع:” لا يجوز أن يقول الذابح: باسم محمد، ولا باسم الله واسم محمد، بل من حق الله تعالى أن يجعل الذبح باسمه واليمين باسمه، والسجود له لا يشاركه في ذلك مخلوق. وذكر الغزالي في الوسيط أنه لا يجوز أن يقول: باسم الله ومحمد رسول الله، لأنه تشريك ” 8/384
فأيّ ذبيحة ذُكر عليها اسم غير الله من نبي أو وليّ أو صنم أو شيطان أو أيّ معبود فلا يجوز أكلها، والله أعلم.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *