الردة في الكتاب والسنة والإجماع

ذكر الحق جل في علاه الردة في كتابه في غير ما آية؛ فقال تعالى: {وَمَنْ يَرْتَدِدْ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَيَمُتْ وَهُوَ كَافِرٌ فَأُولَئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَأُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ} البقرة:217.
وقال سبحانه: {مَنْ كَفَرَ بِاللَّهِ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِهِ إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمَانِ وَلَٰكِن مَن شَرَحَ بِالْكُفْرِ صَدْرًا فَعَلَيْهِمْ غَضَبٌ مِنَ اللَّهِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ} النحل:109.
وقال جل في علاه: {إنَّ الَّذِينَ ارْتَدُّوا عَلَى أَدْبَارِهِم مِّن بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ الْهُدَى الشَّيْطَانُ سَوَّلَ لَهُمْ وَأَمْلَى لَهُمْ} محمد:25.
وقال عز وجل: {يَحْلِفُونَ بِاللّهِ مَا قَالُواْ وَلَقَدْ قَالُواْ كَلِمَةَ الْكُفْرِ وَكَفَرُواْ ‏بَعْدَ إِسْلاَمِهِمْ} آية:74.
وقال النبي صلى الله عليه وسلم: “من بَدّل دينه فاقتلوه” صحيح البخاري:3017 .
ونفد النبي صلى الله عليه وسلم حكمها؛ فعن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال: “ارتدت امرأة عن الإسلام فأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يعرض عليها الإسلام وإلاّ قتلت فعرضوا عليها الإسلام فأبت إلا أن تقتل، فقُتلت” سنن البيهقي:17337 ؛ والدارقطني 3/118 ؛ وانظر: تلخيص الحبير 4/49 .
وقد أمر النبي صلى الله عليه وسلم بقتل ابن خَطَل وقد كان مسلمًا ثم ارتد مشركًا. صحيح البخاري:1846 ؛ صحيح مسلم:1357.
وعن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “لا يحل دم امرئ مسلم إلا بإحدى ثلاث: الثيّب الزاني، والنفس بالنفس، والتارك لدينه المفارق للجماعة” صحيح البخاري: 6878؛ صحيح مسلم:1676.
وعن عثمان عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: “لا يحل دم امرئ مسلم إلا بإحدى ثلاث: رجل كفر بعد إسلامه، أو زنى بعد إحصانه، أو قتل نفسًا بغير نفس” سنن الترمذي:2158 وحسنّه؛ والنسائي:7/91؛ وابن ماجة: 2533.
وفي رواية: “أو ارتد بعد إسلامه فعليه القتل” سنن النسائي: 7/103.
وثبت القتل للمرتد من فعل صحابة النبي صلى الله عليه وسلم.
والحكم بقتل المرتد محل إجماع من المسلمين، فلم يقع في أصله خلاف، وإن حصل اختلاف في فروعه كالاستتابة ومدتها وأنواع المكفرات. الإجماع لابن المنذر ص:123 والأم للشافعي 6/158 والمغني لابن قدامة 12/266.
ولكن هذا القتل لا يكون إلا بأمر ولي أمر المسلمين، لأن مرجع تنفيذ الأحكام إليه عند جمهور أهل العلم، ولا ينفد الحكم في المرتد حتى يستتاب ويُصِرّ على ردّته، ولابد من تحقق الردّة بثبوت موجبها وتحقق شروطها، وانتفاء موانعها من الخطأ والإكراه ونحو ذلك. حاشية الروض المربع 7/399 فما بعدها؛ مغني المحتاج 4/142؛ حاشية ابن عابدين 4/668؛ الموسوعة الفقهيّة الكويتية 22/194؛ التشريع الجنائي الإسلامي لعبد القادر عودة 2/706.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *