تقويم بعض المفاهيم الحديثية إبراهيم الصغير

عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “لَا يَفْرَكْ مُؤْمِنٌ مُؤْمِنَةً، إِنْ كَرِهَ مِنْهَا خُلُقًا رَضِيَ مِنْهَا آخَر” رواه مسلم.
(يَفْرَك) بفتح الياء وإسكان الفاء وفتح الراء معناه: يبغض.
قال أهل اللغة فرِكه؛ بكسر الراء؛ يفركه بفتحها؛ إذا أبغضه. والفرك بفتح الفاء وإسكان الراء: البغض.
قال ابن فارس: فَرِكَتِ الْمَرْأَةُ زَوْجَهَا تَفْرَكُهُ، إِذَا أَبْغَضَتْهُ.
وفي لسان العرب: والفِرْكُ، بِالْكَسْرِ: البغْضَةُ عَامَّةً، وَقِيلَ: الفِرْك بغْضَةُ الرَّجُلِ لامرأَته أَو بغْضة امرأَته لَهُ، وَهُوَ أَشهر، وَقَدْ فَرِكَتْه تَفْرَكُه فِرْكاً وفَرْكاً وفُروكاً: أَبغضته.
وَحَكَى اللِّحْيَانِيُّ: فَرَكَتْه تَفْرُكه فُروكاً وَلَيْسَ بِمَعْرُوفٍ.
والبعض يرددها (لا يفرُك) بالضم والمعنى: يدلك ويحث، ومنه أَفْرَكَ الزرعُ إِذَا بَلَغَ أَن يُفْرَك بِالْيَدِ، وفَرَكْته وَهُوَ مَفْرُوكٌ وفَرِيك، وَمَنْ رَوَاهُ بِفَتْحِ الرَّاءِ فَمَعْنَاهُ حَتَّى يَخْرُجَ مِنْ قِشْرِ.

وفي الحديث المتفق عليه: “مَطْل الْغَنِيّ ظُلْم”.
وأصل المطل المد، قال ابن فارس: (مَطَلَ) الْمِيمُ وَالطَّاءُ وَاللَّامُ أَصْلٌ صَحِيحٌ يَدُلُّ عَلَى مَدِّ الشَّيْءِ وَإِطَالَتِهِ. وَمَطَلْتُ الْحَدِيدَةَ أَمْطُلُهَا مَطْلًا: مَدَدْتُهَا.
وقال الأزهري: المطل المدافعة. والمراد: تأخير أداء الدين من وقت إلى وقت. فهذا من الظلم.
أما المطل بضم الميم وسكون الطاء، فلم يضبطه أحد هكذا في هذا الحديث.

قال صلى الله عليه وسلم: )إنَّ رُوحَ القُدُسِ نَفَثَ في رُوْعي، أن نَفْسًا لن تموتَ حتى تَسْتكمِلَ رزقَها، فاتَّقوا الله، وأَجْمِلوا في الطَّلَب(.
(في رُوْعي) نرددها بفتح الراء أي (في رَوْعي). والرُوْع بضم الراء غير الرَوْع بفتحها.
فالرُوْع بضم الراء هو الخلد والقلب والنفس والعقل.
قال أبو عُبيد القاسم بن سلاّم -رحمه الله-: وَقَوله: رُوعي مَعْنَاهُ كَقَوْلِك: فِي خلدي ونَفسِي وَنَحْو ذَلِك فَهَذَا بِضَم الرَّاء. وَأما الروع بِالْفَتْح فالفزع؛ وَلَيْسَ من هَذَا بِشَيْء.
فالرَّوْع بالفتح هو: الفَزَعُ والخَوفُ، وليس المقصود هنا.
وَفِي حَدِيثِ الدُّعَاءِ (اللَّهُمَّ آمِن رَوْعَاتِي) هِيَ جمعُ رَوْعَةٍ، وَهِيَ المرّةُ الْوَاحِدَةُ مِنَ الرَّوْعِ: الفَزَع.

جاء من حديث عمران بن حصين رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: (لا رُقية إلاَّ من عين أو حُمَة).
فالحُمَة هي السم، والمراد حصول أذى من ذوات السموم كالعقرب والحية مثلا.
أما الحُمَّة فتعني ارتفاع درجة حرارة الجسم.
قال الخطابي: (وليس في هذا نفي جواز الرقية في غيرهما من الأمراض والأوجاع…، وإنما معناه: أنه لا رقية أولى وأنفع من رقية العين والسم، وهذا كما قيل: لا فتى إلا علي ولا سيف إلا ذو الفقار، لأنه قد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه رقى.
قال الشيخ عبد المحسن العباد -حفظه الله :- والعين هي إصابة العين، وهذا فيه دليل على أن علاج العين يكون بالرقية، وهذا علاج آخر غير اغتسال العائن.
والحُمَة هي السم، والمراد حصول أذى من ذوات السموم كالعقرب والحية، فيعالج سمها بالرقية.

عن أنس رضي اللّه عنه أن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم قال: “اللَّهُمَّ لا سَهْلَ إِلاَّ ما جَعَلْتَهُ سَهْلاً، وأنْتَ تَجْعَلُ الحَزْنَ إذَا شِئْتَ سَهْلا..”
والحَزْن :بفتح الحاء المهملة وإسكان الزاي: هو غليظ الأرض وخشنها.
والمراد به في الحديث: الأمر الصعب العسير.
أما الحزن بفتح الحاء والزاي فهو الهم والغم.
قال تعالى: {وَقَالُوا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَذْهَبَ عَنَّا الْحَزَنَ إِنَّ رَبَّنَا لَغَفُورٌ شَكُورٌ} (فاطر34).
ولله الحمد والمنة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *