سُنَّة متروكة: الإقعاء بين السجدتين

الإقعاء له صفات عدة، منها إقعاء منهي عنه، ومن ذلك أن ينصب المصلي ساقيه وفخذيه ويجلس على إليتيه، ويعتمد على يديه كإقعاء الكلب فهذا ورد النهي عنه.
وهناك صفة من صفات الإقعاء وهي أن ينصب المصلي قدميه ويجعل ركبتيه في الأرض ويجلس على عقبيه، فهذه الصفة سنة ثابتة.
جاء في صحيح مسلم من طريق عن أبي الزبير أنه سمع طاووسا يقول: قلنا لابن عباس -رضي الله عنه- في الإقعاء على القدمين، فقال: “هي السنة”، فقلنا له: إنا لنراه جفاء بالرجل، فقال ابن عباس: “بل هي سنة نبيك صلى الله عليه وسلم” مسلم.
وفي رواية للبيهقي عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: “من سنة الصلاة أن تمس اليتاك عقبيك بين السجدتين” وذكر البيهقى حديث ابن عباس هذا ثم روى عن ابن عمر رضي الله عنهما أنه كان إذا رفع رأسه من السجدة الأولى يعقد على أطراف أصابعه ويقول أنه من السنة، ثم روى عن ابن عمر وابن عباس رضي الله عنهم أنهما كانا يقعيان، ثم روى عن طاوس أنه كان يقعي وقال رأيت العبادلة يفعلون ذلك عبد الله ابن عباس، وعبد الله بن الزبير رضي الله عنهم.
قال الشيخ محمد ناصر الدين الألباني رحمه الله تعالى في “سلسلة الأحاديث الصحيحة وشيء من فقهها وفوائدها” (1/735- 736) تحت حديث: “من السنة في الصلاة أن تضع أليتيك على عقبيك بين السجدتين”:
سُنَّة متروكة
ففي الحديث وهذه الآثار دليل على شرعية الإقعاء المذكور، وأنه سنة يتعبد بها، وليست للعذر كما زعم بعض المتعصبة، وكيف يكون كذلك وهؤلاء العبادلة اتفقوا على الإتيان به في صلاتهم، وتبعهم طاووس التابعي الفقيه الجليل، وقال الإمام أحمد في “مسائل المروزي” (19):
“وأهل مكة يفعلون ذلك”.
فكفى بهم سلفاً لمن أراد أن يعمل بهذه السنة ويحييها.
ولا منافاة بينها، وبين السنة الأخرى -وهي الافتراش-، بل كل سنة.
فيفعل تارة هذه، وتارة هذه، اقتداء به صلى الله عليه وسلم، وحتى لا يضيع عليه شيء مِن هديه عليه الصلاة والسلام.
وقال تحت حديث في “الصحيحة” (4/234): “نهى عن الإقعاء والتورك في الصلاة”:
“ثبت كل من الإقعاء والتورك في الصلاة عن النبي صلى الله عليه وسلم من فعله في موضعين، الإقعاء بين السجدتين، والتورك في التشهد الثاني الذي يليه السلام، كما هو مبين في كتابي “صفة صلاة النبي صلى الله عليه وسلم” ، لكن الجمع ممكن، بحمل الحديث على الإقعاء والتورك في غير الموضعين المشار إليهما، كما فعل النووي وغيره بحديث: “وكان ينهى عن عقبة الشيطان” فقالوا: المراد به الإقعاء المنهي عنه. مع أنه قد أعل بالانقطاع، ولكنه صحيح لشواهده كما بينته في صحيح أبي داود (752)، ومنها حديث الترجمة. والله سبحانه وتعالى أعلم”.
وقال في “سلسلة الأحاديث الضعيفة” (10/329-330):
“والإقعاء بين السجدتين ثابت في السنة العملية؛ كما بينته في “صفة الصلاة” (ص162-الطبعة السابعة).
وقد جاءت أحاديث يدل مجموعها على ثبوت النهي عن الإقعاء كإقعاء الكلب؛ كما في الرواية الثانية؛ ومنها حديث أبي هريرة المخرج في “صفة الصلاة” (ص: 167)؛ فيحمل على الإقعاء المشابه لإقعاء الكلب، فلا يشمل الإقعاء الثابت بين السجدتين، وهو الانتصاب على العقبين؛ لأنه ليس كإقعاء الكلب؛ فتنبه!” اهـ.
وانظر أصل (صفة الصلاة 2/802-807).
وفقنا الله جميعا لإحياء السنن والعمل بها، ونبذ البدع والتحذير منها.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *