قوله:
والواو واليـــــاء متـــى سكنتـــــا مـــــا بين فتحة وهمز مدتـــــا
في هذا البيت تطرق الناظم إلى مد اللين.
واللين في اللغة هو السهولة.
واصطلاحا: هو عبارة عن الواو والياء الساكنتين المسبوقتين بفتحة.
ولاعتبار اللين شروط:
الأول: أن يقع ذلك على الواو والياء ليخرج بذلك غيرهما من الحروف.
الثاني: أن تكون الواو والياء ساكنتين ليخرج ما إذا تحركتا بالفتح أو بالضم أو بالكسر فإنهما حينئذ يصيران حرفا هجائيا لا حرف لين.
الثالث: أن يكون قبلهما حرف متحرك بالفتح فلو تحرك ما قبل الياء بالكسر وما قبل الواو بالضم فإنهما يصيران حرف مد ولين لا حرف لين.
وقد تضمن بيت الناظم كل هذه الشروط وزيادة.
والأصل في مد اللين قصره أي قصر حبس يعني عدم المد بالكلية وذلك لجميع القراء.
ومد اللين قسمان:
قسم مهموز: وهو ما كان فيه بعد حرف اللين همزة
وقسم غير مهموز: وهو ما كان فيه بعد حرف اللين غير الهمزة.
فالذي فيه بعد حرف اللين همزة نحو : (السَوْء) (كهيَئة) (شَيْئا) (شَيْء).
والذي فيه بعد حرف اللين غير الهمزة نحو: (أَيْمانكم) (البَيْت) (الليل) (الطَّيْر) (الخَيْر) (لا َضيْر) (سَوْف) (رَيْب) وهو كثير.
ولكل واحد منهما حالتان حالة وصل وحالة وقف.
وفي قوله: (والواو والياء متى سكنتا ما بين فتحة وهمز مدتا) بيان لسبب مد حرف اللين.
ولمد حرف اللين سببان:
الأول: أن يكون بعده همزة كما مضى ليخرج غيرها فإنه سيتطرق إلى حكمه.
الثاني: أن يكون كل من حرف اللين والفتحة قبله والهمز بعده في كلمة واحدة كما مضى في الأمثلة ليخرج بذلك ما إذا كانا في كلمتين نحو: (ابْنَيْ أَدَمَ) (وخَلَوْا إلَى) فلم يعتبر ذلك أحد من القراء واتفقوا على القصر .
وورش يتخلص منه بالنقل.
وإلى حكم اللين المهموز أشار الناظم بقوله: (والواو واليـــــاء متـــى سكنتا ما بين فتحة وهمز مدتا).
وقوله: (ما بين فتحة وهمز) ما زائدة أي بين فتحة وهمزة.
ثم ذكر الحكم المترتب على هذه الشروط في قوله: (مدتا) أي: مدت الياء والواو.
لكن مد اللين المهموز على ثلاثة أنواع:
نوع يمد له بلا خلاف وإليه أشار بقوله: (مدتا له توسطا) فهذا هو الأصل في كل مد لين بعده همزة.
ونوع يمد له بخلاف وهو ما جاء من لفظ (سوءات).
ونوع لا يمد له بلا خلاف وهو لفظتا (موئلا والموءودة) وسيتعرض له.
نص:
له توسطا وفي سـواءت خلف لما في العين من فعلات
في هذا البيت أشار الناظم إلى النوعين الأولين وهما ما يمد بلا خلاف وما يمد مع الخلاف
قوله: (له توسطا) متعلق بقوله (مدتا) أي: مدت الياء والواو لورش مدا متوسطا
فالضمير يعود على ورش لأنه آخر مذكور
وأما قالون: فيقرأ مد اللين كله بالقصر على الأصل
إلا في حالة الوقف فله ثلاثة أوجه للمد العارض للسكون وهي عدم المد بالكلية والتوسط والإشباع وذلك إن وقع حرف اللين قبل الهمزة المتطرفة نحو: (السوء و شيء) أو قبل حرف سُكِّن لأجل الوقف نحو: (لا ريب ولا ضير).
وقوله: (توسطا) أي: على المشهور في رواية أبي يعقوب ويجوز له فيه الإشباع أيضا وهذا الحكم وصلا ووقفا.
قوله: (وفي سوءات خلف) أي وفي مد واو لفظ (سوءات) خلاف.
وذلك في موضعين في القرآن وهما: (سوْاتهما) و(سوْءاتكم).
قوله: (لما في العين من فعلات) أي: أن سبب الخلاف في مد حرف اللين في لفظ (سوءات) إنما هو لأجل ما في عين هذا اللفظ الذي هو على وزن (فعلات) من خلاف في اللغة.
ويعني بذلك الخلاف الكائن في واوه هل هو مسكن في الأصل؟ فيمد الآن أو هو مفتوح في الأصل؟ وإنما سكن للتخفيف فلا يمد الآن.
وبيان هذه المسألة: أن (فَعْلات) بسكون العين إن كان صحيح العين اتفق العرب على جمعه بفتح العين نحو: (قصْعة وقصَعات وصحْفة وصحَفات) وإن كان معتل العين كـ(سوأة ولوزة وبيضة) ففيه لغتان للعرب أكثرهم يسكنون العين في الجمع لاستثقال الحركة على الياء والواو فقالوا: (سوْءات لوْزات بيْضات).
واللغة الثانية: لغة هذيل فإنهم يفتحون العين في الجمع كالصحيح فقالوا: (سوَءات لوَزات بيَضات).
فمن نظر إلى لغة الإسكان مد (سوْءاتهما) (وسوْاتكم) لأنه رأى السكون لازما فيمد بالتوسط على قول أو بالإشباع على قول مثل غير سوءات من سائر حرفي اللين ومن نظر إلى لغة الفتح فلا يمد لأن أصل الواو الحركة وليس هناك حرف يوجب المد وإنما سكن في القرآن للتخفيف .
وما ذكره الناظم من الخلاف في (سوءات) إنما هو في الواو وأما الألف الذي بعد الهمزة فهو مد بدل وقد سبق بيانه.
تنبيه: في لفظ (سوءات) لورش تسعة أوجه.
المقدم لورش من طريق أبي يعقوب الأزرق هو التوسط في حرف اللين وفي البدل
إلى هنا انتهت حلقة هذا العدد والله تعالى أعلى وأعلم.