الحلقات المضيئات في سلسلة تراجم أئمة القراءات القارئ الأول: نافع المدني المقرئ رشيد إفراد

نافع بن عبد الرحمن بن أبي نعيم أبو رويم ويقال: أبو نعيم ويقال: أبو الحسن وقيل: أبو عبد الله، وقيل: أبو عبد الرحمن الليثي مولاهم وهو مولى جعوفة بن شعوب الليثي حليف حمزة بن عبد المطلب المدني. أحد القراء السعة والأعلام.

أصله أصبهاني، ولد في خلافة عبد الملك بن مروان سنة بضع وسبعين، وجود كتاب الله على عدة من التابعين بحيث أن موسى بن طارق حكى عنه، قال: قرأت على سبعين من التابعين.
قال الذهبي: قلت: قد اشتهرت تلاوته على خمسة، عبد الرحمن بن هرمز الأعرج صاحب أبي هريرة، وأبي جعفر بن يزيد بن القعقاع أحد القراء العشرة، وشيبة بن نصاح، ومسلم بن جندب الهذلي، ويزيد بن رومان وحمل هؤلاء عن أصحاب أبي بن كعب وزيد بن ثابت. (السير 8/337).
روى القراء عنه عرضا واسعا، عيسى بن وردان وسليمان بن مسلم بن حماز ومالك بن أنس إمام دار الهجرة، وهم من أقرانه، وعيسى بن مينا قالون وعبد الملك بن قريب الأصمعي وأبو عمرو بن العلاء وعثمان بن سعيد ورش وعردم المغربي والفاز بن قيس الأندلسي عرض عليه القرآن وضبط عنه اختياره، قال ابن الجزري: اقرأ الناس دهرا طويلا نيفا عن سبعين سنة وانتهت إليه رئاسة القراءة بالمدينة، وصار الناس إليها.
وقال أبو عبيد: وإلى نافع صارت قراءة أهل المدينة وبها تمسكوا إلى اليوم.
وقال ابن مجاهد: وكان الإمام الذي قام بالقراءة بعد التابعين بمدينة رسول الله صلى الله عليه وسلم نافع، قال: وكان عالما بوجوه القراءات متبعا لآثار الأئمة الماضين ببلده.
وقال سعيد بن منصور، سمعت مالك بن أنس يقول: قراءة أهل المدينة سنة. قيل له: قراءة نافع؟ قال: نعم؛ وقال عبد الله بن أحمد بن حنبل: سألت أبي أي القراءة أحب إليك؟ قال: قراءة أهل المدينة، قلت: فإن لم يكن؟ قال: قراءة عاصم.
وروى إسحاق المسيبي عن نافع قال: أدركت عدة من التابعين فنظرت إلى ما اجتمع عليه اثنان منهم، فأخذته، وما شذ فيه واحد تركته حتى ألفت هذه القراءة.
وقال الليث بن سعد، حججت سنة ثلاث عشرة ومائة وإمام الناس في القراءة بالمدينة نافع بن أبي نعيم (السير 7/337)، قال أبو عمرو الداني: علي بن الحسن المعدل ثنا محمد بن علي ثنا محمد بن سعيد ثنا أحمد بن هلال قال: قال لي الشيباني: قال رجل ممن قرأ على نافع: إن نافعا كان إذا تكلم يشم من فيه رائحة المسك، فقلت له: يا أبا عبد الله أو يا أبا رويم تتطيب كلما قعدت تقرئ الناس. قال: ما أمس طيبا ولا أقرب طيبا ولكني رأيت فيما يرى النائم النبي صلى الله عليه وسلم وهو يقرأ في في، فمن ذلك الوقت أشم من فيّ هذه الرائحة.
وقال قالون: كان نافع من أطهر الناس خلقا ومن أحسن الناس قراءة وكان زاهدا جوادا صلى في مسجد النبي صلى الله عليه وسلم ستين سنة؛ وقال الأعشى: كان نافع يسهل القرآن لمن قرأ عليه إلا أن يقول له إنسان أريد قراءتك.
وقال الأصمعي: قال لي نافع: تركت من قراءة أبي جعفر سبعين حرفا، وقال مالك لما سأله عن البسملة: سلوا عن كل علم أهله، ونافع إمام الناس في القراءة.
قال الذهبي: لا ريب أن الرجل رأس في حياة مشايخه، وقد حدث أيضا عن نافع ولي ابن عمر والأعرج وعامر بن عبد الله بن الزبير وأبو الزناد، وما هو من فرسان الحديث.
وروى عنه القعنبي وسعيد بن أبي مريم، وقال خالد بن مخلد ومروان بن محمد الطاطري واسماعيل بن أبي أويس؛ وثقه ابن معين وقال أبو حاتم: صدوق، وقال النسائي: ليس به بأس، ولينه أحمد بن حنبل -أعني في الحديث- أما في الحروف فحجة بالاتفاق.
وقيل كان أسود اللون، وكان طيب الخلق، يباسط أصحابه. قلت (يعني الذهبي): ينبغي أن يعد حديثه حسنا. (السير 7/338).
قال محمد بن إسحاق: لما حضرت نافعا الموافاة قال له أبناؤه: أوصنا قال: ﴿فاتقوا الله وأصلحوا ذات بينكم، وأطيعوا الله ورسوله إن كنتم مؤمنين﴾ ﴿غاية النهاية: 2/291)
توفي رحمه الله سنة تسع وستين ومائة قبل مالك بعشر سنين.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *