اختلف الأئمة في وقوع المعرب في القرآن: فالأكثرون ومنهم الإمام الشافعي وابن جرير وأبو عبيدة والقاضي أبو بكر وابن فارس على عدم وقوعه فيه لقوله تعالى: (قرآنا عربيا).
وقوله: ({وَلَوْ جَعَلْنَاهُ قُرْآناً أَعْجَمِيّاً لَّقَالُوا لَوْلَا فُصِّلَتْ آيَاتُهُ أَأَعْجَمِيٌّ وَعَرَبِيٌّ}.
لو كان فيه من غير لغة العرب شيء لتوهم متوهم أن العرب إنما عجزت عن الإتيان بمثله، لأنه أتى بلغات لا يعرفونها، قال ابن جرير: “ما ورد عن ابن عباس رضي الله عنهما وغيره من تفسير ألفاظ القرآن أنها بالفارسية أو الحبشية أو النبطية أو نحو ذلك إنما اتفق فيها توارد اللغات فتكلمت بها العرب والفرس والحبشة بلفظ واحد”.
كان للعرب العاربة التي نزل القرآن بلغتهم بعض مخالطة لسائر الألسنة في أسفار لهم فعلقت من لغاتهم ألفاظ غيرت بعضها بالنقص من حروفها واستعملتها في أشعارها ومحاوراتها حتى جرت مجرى العربي الفصيح، ووقع بها البيان.
ولغة العرب متسعة جدا، ولا يبعد أن تخفى على البعض كما خفي على ابن عباس رضي الله عنهما معنى «فاطر» مثلا، قال الشافعي رحمه الله في الرسالة: لا يحيط باللغة إلا نبي.
وإن كان موجودا -على الظن- فإن الكلمات القليلة غير العربية لا تخرجه عن كونه عربيا فمثلا: القصيدة الفارسية لا تخرج عنها بلفظة فيها عربية.
كما قال أبو عبيد القاسم بن سلام بعد أن حكى القول بالوقوع عن الفقهاء والمنع عن أهل العربية: «والصواب عندي مذهب فيه تصديق القولين جميعا، وذلك أن هذه الأحرف أصولها أعجمية، كما قال الفقهاء، لكنها وقعت للعرب فعربتها بألسنتها وحولتها عن ألفاظ العجم إلى ألفاظها، فصارت عربية، ثم نزل القرآن وقد اختلطت هذه الحروف بكلام العرب، فمن قال إنها عربية فهو صادق ومن قال: إنها عجيبة فصادق».
وهذا هو الذي جزم به ابن جرير.