“إن لله تسعة وتسعين اسما من أحصاها دخل الجنة” من آثار أسماء الله تعالى العليم، عالم الغيب وعلام الغيوب الحلقة الخامسة والخمسون ناصر عبد الغفور

تتمة (ما يلزم من اختصاص الله تعالى بعلم الغيب)
ب- ضلال من أثبت شيئا من علم الغيب لغير الله تعالى :
لما خص الله عز وجل نفسه بعلم الغيب علم ضلال من أثبت شيئا من هذا العلم لغيره سبحانه، لأن ذلك تكذيب ورد لكلام الله وذلك عين الكفر.
عن عائشة رضي الله عنها قالت: “ومن زعم أنه -أي رسول الله صلى الله عليه وسلم- يخبر بما يكون في غد فقد أعظم على الله الفرية، والله يقول: “قُل لَّا يَعْلَمُ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ الْغَيْبَ إِلَّا اللَّهُ” ، وفي صحيح البخاري عن مسروق عن عائشة رضي الله عنها وأرضاها قالت: “من حدثك أن محمدا رأى ربه فقد كذب؛ وهو يقول: “لاَّ تُدْرِكُهُ الأَبْصَارُ”، ومن حدثك أنه يعلم الغيب فقد كذب، وهو يقول: “لا يعلم الغيب إلا الله”” .
ومن صور هذا الضلال : غلو صاحب البردة البوصيري في رسول الله صلى الله عليه وسلم حيث وصفه بما لا يليق إلا بالله، فمما جاء في قصيدته:
فإن من جودك الدنيا وضرتها — ومن علومك علم اللوح والقلم
وهذا شرك ظاهر حيث وصف النبي صلى الله عليه وسلم بما اختص الله به من علم الغيب، والله تعالى يقول على لسان نبيه الكريم عليه من ربه أفضل الصلاة والتسليم: “وَلَوْ كُنتُ أَعْلَمُ الْغَيْبَ لاَسْتَكْثَرْتُ مِنَ الْخَيْرِ وَمَا مَسَّنِيَ السُّوءُ” (الأعراف:188)، وقال عز من قائل: “قُل لاَّ أَقُولُ لَكُمْ عِندِي خَزَآئِنُ اللّهِ وَلا أَعْلَمُ الْغَيْبَ وَلا أَقُولُ لَكُمْ إِنِّي مَلَكٌ…” (الأنعام-50).
فانظر أخي القارئ إلى هذه المصادمة مع كلام الله تعالى، وكيف استعمل هذا الرجل حرف “من” الدال على التبعيض مما يعني أن علم اللوح والقلم ليس إلا جزءا من علم الرسول صلى الله عليه وسلم، والسؤال هنا: إذا كان الأمر كذلك فماذا بقي لله تعالى من العلم؟ .
فالنبي صلى الله عليه وسلم ليس له من علم الغيب شيء، إلا ما أطلعه الله عليه، كما قال تعالى: “عَالِمُ الْغَيْبِ فَلَا يُظْهِرُ عَلَى غَيْبِهِ أَحَداً إِلَّا مَنِ ارْتَضَى مِن رَّسُولٍ فَإِنَّهُ يَسْلُكُ مِن بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ رَصَداً..” (الجن:26-27)، قال الإمام القرطبي رحمه الله تعالى: “قال العلماء رحمة الله عليهم: لما تمدح سبحانه بعلم الغيب واستأثر به دون خلقه كان فيه دليل على أنه لا يعلم الغيب أحد سواه، ثم استثنى من ارتضاه من الرسل فأودعهم ما شاء من غيبه بطريق الوحي إليهم، وجعله معجزة لهم ودلالة صادقة على نبوتهم، وليس المنجم ومن ضاهاه ممن يضرب بالحصى وينظر في الكتب ويزجر بالطير ممن ارتضاه من رسول فيطلعه على ما شاء من غيبه، بل هو كافر بالله مفتر عليه بحدسه وتخمينه وكذبه” .
ج- تحريم إتيان الكهان ومدعي علم الغيب:
لما كان الكاهن ومن شابهه يدعي علم الغيب فقد حرم الشارع الحكيم إتيانه وتصديقه وتوعد من فعل شيئا من ذلك بالوعيد الشديد، فعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: “من أتى كاهنا فصدقه بما يقول فقد كفر بما أنزل على محمد صلى الله عليه وسلم” (السلسلة الصحيحة،ح رقم:3387)، وفي لفظ: “من أتى عرافا أو كاهنا..”، وفي لفظ: “من أتى كاهنا فصدقه بما يقول فقد برئ مما أنزل على محمد صلى الله عليه وسلم”، وعن معاوية بن الحكم السلمي قال: “قلت يا رسول الله أمورا كنا نصنعها في الجاهلية، كنا نأتي الكهان”، فقال: “فلا تأتوا الكهان” .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *