كثيرا ما نلوك كلمة في سياق متصل أو منفصل مقررين أن التاريخ يعيد نفسه لكن هذه القاعدة لا يشوبها الاطراد كأصل؛ فكثيرا ما نكون أمام ظواهر لها سيرورة دائمة متصلة إذ هي لا تخبو ولا تموت ولا ينقطع وصلها حتى نتكلم عن التكرار أو إعادة صياغة واستنساخ ما كان قد وقع سلفا؛ ثم استحدثه ظرف تاريخي معين.
فمثلا مقولة (شعب الله المختار) أو لنقل اليهود لا يمكن في مجال السلوك أن نطبق على بعض سياساتها حقيقة أن التاريخ يعيد نفسه؛ حيث كان من المؤسف ولا يزال سعي هؤلاء الحاقدين لم يتغير ولم يتبدل قيد أنملة عن سيرتهم الأولى، فالحقد لا يزال هو الحقد والخيانة لا تزال هي الخيانة والجفاء هو الجفاء، ونسف العهود وإبطال العقود هو هو، وعموما كل ما من شأنه أن يسخط الرب وينال من خلقه هو هو، لم ينقص ولم ينزل عن عتبة ضراوته وحجم تكالبه.
وليس هذا بغريب إذ متى كان للذئاب الجائعة عهد إذا ما وقعت على غنم في واد قد نام عنها حارسها، أو أخذته غفلة وهو يعانق ببصره بقيعة السراب الذي يصطلح عليه اليوم بمعاهدات السلام، وما ينضوي تحت هذا من هرولة في مسعى التسامح والتناقح والذوبان باسم نبذ العنف والنفخ في روح الوسطية والاعتدال الذي يعيد للأمة مكانتها المرادة لها من قبل ذئاب المجتمع الدولي، والتي كان عنوانها ولا يزال “رضي المفعول به ولم يرض الفاعل”.
واليوم تطلع علينا وسائل الإعلام المشرقية والغربية بخبر مفاده أن هذا الحمل الوديع وهذا الجسد المظلوم والمتداعي على حقوقه الصهيونية قام بضربة استباقية لثكنة عسكرية تحوي أسلحة نوعية وصواريخ فتاكة في سوريا بدعوى أن النظام النصيري كان ينوي ضخها في مخزون حزب اللات اللبناني أو إن شئت فسميه (الناب الإيراني) في الجسد اللبناني.
ويهمنا بعد هذا الخبر أن نقف على ما تلا هذه الضربة من أحداث كان على رأسها خروج أمين حزب اللات بخطاب يتوعد فيه ويهدد وينقل إلى مسامعنا بأن سوريا كانت ستعطي حزبه أسلحة نوعية لم تمسها أيدي مقاتلي عصابته من ذي قبل، مؤكدا الطرح الإعلامي الذي سوق للأسباب الحقيقية وراء الضربة الصهيونية لبلاد الشام.
بعدها يخرج وزير الدفاع بخطاب إنذاري للكيان الصهيوني يتوعد بالرد على كل ضربة، وهو النظام الذي لم يخرج رصاصة واحدة صوب نحر صهيوني يحتل أرض الجولان العربية الإسلامية ليكتمل السيناريو الذي خططت له القوى الشيعية وعلى رأسها إيران الماجوسية والدولة اللقيطة الصهيونية، ولندخل في الخانة التي رسمت لنا حدودها والتي كان عنوانها البارز هو إعادة صياغة خطاب دولي ذي تركيز أفقي وعمودي يعمل على تخوين المقاومة السورية، ويجعلها مع الكيان الصهيوني وأمريكا والغرب في خندق واحد، كما يعيد بأعجوبة بريق ولمعان كذبة (محور الممانعة) التي تدعي إيران وسوريا وعميلهما حزب اللات لعبه في المنطقة.
ولست أدري كيف استطاع الإعلام السني وعلى رأسه قناة الجزيرة أن يتماهى مع هذا الطرح الذي أعاد التوازن للاختلال الذي عاشه النظام السوري المجرم أياما قبل هذه الضربة الصهيونية المباركة بمنطق بشار وأعوانه في المنطقة.
بينما تظل كل المعطيات تحكي بالصوت والصورة والأرقام والتراكمات والسلوكيات والخدمات الجليلة التي قدمها المحور الشيعي لأسياده في العراق وأفغانستان قضية التواطؤ الصهيوني والأمريكي والغربي والإيراني على مشروع واحد عنوانه استباحة الدم السني والعرض السني والأرض السنية بل إن كل المعطيات التي لم تجترها ذاكرة الإعلام السني تؤكد أن الضربة الصهيونية لهذا المخزون السوري كان الغرض منها هو قطع الطريق على المقاومة السورية، إذ هي والأكيد أنها كانت على وشك السيطرة على هذا المخزون من السلاح النوعي والذي من شأنه أن يعجل بالإطاحة بالنظام النصيري ويقضي على أعوانه بدءا من إيران ومرورا بكل شيعي من اليمن والبحرين والكويت ولبنان والعراق.
ولكن المصادر الاستخبراتية المتعاونة تعطي الإشارة متى ما كاد أن يحصل الخط المقاوم على الحق والصدق وهو الخط السني على أسلحة نوعية هجرتها عصابة الأسد وقطعان الشبيحة حصولا يغنيها عن طرق أبواب الجلادين والقتلة الذين يشربون ولا يزالون نخب المحاليل الكحولية على ذلك الركام الضارب في الطول والعرض من جثث الدم السني الطاهر.
وحتى لا ننسى أن نربط آخر الكلام بما سبقه نقول.. ولكن المصادر الاستخبراتية الإيرانية والسورية والروسية تعطي الإشارة الضوئية الخضراء لكي يضرب الصهاينة مغنم المقاومة وأنفال الخط الممانع على الحق والحقيقة، ليتم بعد هذه الضربة افتعال ضجة ما قد ورد مما نتعفف عن تكرار بهتانه وكذبه؛ فإن لذلك مضرة على قلب كل غيور عينه بصيرة ويده قصيرة.