تقويم بعض المفاهيم الحديثية

– قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (الطُّهُورُ شَطْرُ الْإِيمَانِ، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ تَمْلَأُ الْمِيزَانَ).
(الطُّهُورُ) بالضم غير الطَّهور بالفتح.
يقولُ العلماء: المفتوحة: اسمٌ لما يحصل به الشّيء، والمضمومة: هي نفسُ فعلِ الشّيء.
فالطَّهور: هو الماء الذي يُتطهّر به، والطُّهور:هي الطّهارة نفسها.
وكذلك السَّحور: هو ما يُتسحّر به من تمرٍ أو غيره، والسُّحور: بالضّم هو أكل ذلك السَّحور .
ونظير ذلك الوَضوء بالفتح والوُضوء بالضم.

– قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إِنَّ بَيْنَ يَدَيِ السَّاعَةِ أَيَّامًا يُرْفَعُ فِيهَا الْعِلْمُ، وَيَنْزِلُ فِيهَا الْجَهْلُ، وَيَكْثُرُ فِيهَا الْهَرْجُ) وَالْهَرْجُ الْقَتْلُ.
يرددها البعض بالفتح (الهرج) والهَرْجُ غير الهرج.
فالهَرْجُ بسكون الراء كما فسره النبي صلى الله عليه وسلم: القتل. وفسر بالفتنة واختلاط أمور الناس في قوله صلى الله عليه وسلم: (الْعِبَادَةُ فِي الْهَرْجِ كَهِجْرَةٍ إِلَيَّ).
قال ابن منظور: “هرج: الهَرْجُ: الِاخْتِلَاطُ، هَرَجَ النَّاسُ يَهْرِجُون بِالْكَسْرِ هَرْجاً مِنَ الِاخْتِلَاطِ أَي اخْتَلَطُوا. وأَصل الهَرْج: الْكَثْرَةُ فِي الْمَشْيِ والاتساعُ. والهَرْجُ: الْفِتْنَةُ فِي آخِرِ الزَّمَانِ. والهَرْجُ: شدَّة الْقَتْلِ وَكَثْرَتُهُ”.
أما الهرج بفتحها فغير ذلك، ولم يضبطه أحد في هذا الحديث.

– قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (مَنْ ظَلَمَ قِيدَ شِبْرٍ مِنَ الأَرْضِ طُوِّقَهُ مِنْ سَبْعِ أَرَضِينَ).
تشتهر على الألسنة بـ(قِيدَ شبر) بالفتح، وهذا غير سديد.
فالقيد بالفتح معروف وهو الرباط الذي نستعمله في تكبيل شيء، ومنه الشرط.
أما القِيد بالكسر فيعني قدر شبر ومقداره، وباختلاف المبنى يختلف المعنى.
ومثل ذلك قوله صلى الله عليه وسلم: (فإنه من فارق الجماعة قِيدَ شبر فقد خلع ربقة الإسلام من عنقه).
وقوله في الحديث: (قِيدَ رمح) أي قدر رمح ومقداره. وفي العربية نقول قِيدَ أنملة.

– وفي الحديث )نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن النَّجْشِ).
(النَّجْشِ) بسكون الجيم نوع من البيوع المنهي عنها، وصيغته اتفاق اثنين على أن يزيد أحدهما في ثمن السلعة وهو لا يريد شراءها ليوهم غيره بنفاستها. وهو نوع من الخداع في البيع.
يرددها البعض بالفتح (النجَش).

– عن عائشة -رضي الله عنها- أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقسم بين نسائه فيعدل ويقول: (اللهم هذا قَسْمِي فيما أملك فلا تلمني فيما تملك ولا أملك).
(قَسْمِي) بسكون السين من القسمة.
أما ما يتردد على ألسنتنا (قَسَمي) بالفتح فهو من القَسَم، وهو الحلف.
ففي لسان العرب: قسم: القَسْمُ: مَصْدَرُ قَسَمَ الشيءَ يَقْسِمُه قَسْماً فانْقَسَمَ.
قال الخليل بن أحمد الفراهيدي والقَسَم: اليمين، ويجمع على أقسام، والفعل: أقْسَمَ.

– قَالَ رسول الله صلى الله عليه وسلم: (فَمَا تَعُدُّونَ الصُّرَعَةَ فِيكُمْ؟ قَالَ قُلْنَا: الَّذِي لا يَصْرَعُهُ الرِّجَالُ، قَالَ: لَيْسَ بِذَلِكَ، وَلَكِنَّهُ الَّذِي يَمْلِكُ نَفْسَهُ عِنْدَ الْغَضَبِ).
يلحن من يضبطها بالسكون (الصرعة). إنما هي (الصُّرَعَةَ).
بضم الصاد وفتح الراء على وزن هُمَزَةٍ ولُمَزَةٍ.
قال العلقمي (الصُّرَعَةَ) بضم الصاد المهملة، وفتح الراء الذي يصرع الناس كثيرا بقوته والهاء للمبالغة في الصفة.
و(الصُّرْعَةُ) بضم الصاد وسكون الراء بالعكس وهو من يصرعه غيره كثيرا.
قال ابن التين: ضبطنا (الصُّرَعَةَ) بفتح الراء، وقرأه بعضهم بسكونها وليس بشيء لأنه عكس المطلوب، قال: وضبط أيضا في بعض الكتب بفتح الصاد وليس بشيء.

– وما جاء في مسلم من حديث أبي هريرة عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه (ذكر الرجلَ يطيل السفر أشْعَثَ أغَبَرَ يمدُ يديه إلى السماء: يا ربُّ يا ربُّ، ومطعمه حرامٌ، ومشربه حرامٌ، وملبسه حرامٌ، وغُذِيَ بالحرام فأنى يستجاب لذلك).
(غُذِيَ) يشددها البعض والتخفيف أولى والله تعالى أعلى وأعلم.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *