عندما يصير الإلحاد عضواً في منظومة الثقافة الإعلامية المأجورة محمد بوقنطار

في عالم الفكر والإعلام والثقافة أصبحنا اليوم نواجه تنميطاً موجهاً توجيهاً رتيباً كئيباً، وجهته الأولى والوحيدة هي ضرب عرى الدين، والقدح في صفاء العقيدة ونقاوة التوحيد، والتهارش بنواجذ ضبعية على كل فضيلة؛ وعلى قدر اشتداد الرمي ورفع عقيرة التكالب يكون الأداء الفوري، إعمالاً لقاعدة “بقدر ما تعطيهم من دينك يعطونك من دنياهم”.
والمرء مع هذا اللهث الكلبي المؤدى عنه بالانسلاخ عن آيات الله في النفس، وما يحيط بها من تجليات عظيمة، تشرح عظمة ومجد وجبروت وحكمة مبدع هذا الكون، فلكأنه (المرء) يواجه روبوتات من سيئات مواجهتها أنك تكون أمام نتاج صناعي عُبِث بعقله الإلكتروني، ومُلئ على وفق حركة وسير وصوب لا يحيد عنه قدر أنملة، فأنّى للمرء أن يحاور بدعة هذا شأنها؟
إن المرء وكما أنه في عالم الروبوتات هذا لا يمكنه أن يحاور ويناظر ويطارح رجلاً آلياً، برمج على أن لا يركع وأن لا يسجد، وأن لا يقول إلا “لا مساس لا مساس”، فكذلك اليوم في عالم الفكر في زمن السنوات الخداعات، حيث الخيانة بطعم الأمانة، والكذب بنكهة الصدق، والإلحاد بمذاق التوحيد، والرذيلة بلون الفضيلة، لا يمكن أن تسمع وأن تقرأ هنا وهناك، من منابر الدخن الإعلامي والنفث الإلحادي، إلا ما تقرأ من ظاهره وباطنه عذاب الجحود والنكران، والانسلاخ السالف ذكره.
وحتى لا نطيل، فإن الكلام قد لا يجدي مع هذه الكائنات الإعلامية المستنسخة عن جيل الروبوتات، نفتح القوس على ما دنّست به جريدة “الصباح” اللاهثة ركنها اللاثقافي، نقلا عن هرطقة واحد من متيميها، ذلك هو الفيلسوف الألماني “فريدريك نيتشه” المشهور بعدائه للدين ومسلماته الغيبية، قول مفاده “لا يمكنني الإيمان بإله يود أن يُمجَّد طول الوقت”!
ولعله قول أول ما يجب أن نقرأ منه هو الوقوف على هذا الهامش من الكر والجرأة والتعاطي بدناءة وخسة، مما وصل إليه بعض بني الجلدة في بلاد يدين أغلب سكانها بدين الإسلام، بل ينص دستور مملكتها في ديباجته على أن الإسلام هو دين الدولة، متسائلين تزامنا مع هذا الوقوف عن الجدوى والقيمة التي يمكن نزولاً عند ضرورتها حشر مثل هكذا عفن في الركن الثقافي لهذه الجريدة الموبوءة؟
فهل يا ترى أصبح الكفر والجحود والإلحاد مضامين معيارية للأسس الثقافية في بلادنا؟
ثم ما هي الإضافة النوعية التي يمكن للقارئ أيا كان لونه أن يزيدها لجعبته الثقافية؟
وهل ينضاف هذا الإلحاد إلى فسق العري والسفور، ومجون الرقص والغناء، لتحجير واسع مفهوم الثقافة البريئة من كل هذه التمثلات الحائفة براءة الذئب من دم ابن يعقوب؟
وهل يمكن اعتبار مثل هذه النقولات من باب خدعة الحرب المقامة على الوهابية السلفية المتطرفة؟ أم على الدين ومولاه، باعتبار أن الرب رب على السلفيين وعلى من سواهم من خلقه أجمعين؟
إننا لا نملك بعد هذه الاستفهامات إلا أن نبشر القوم -وفي البشرى نكاية بهم- بأن سيل الحق ماض في طريقه، وأن نستشرف هذا المضي متيقنين بوعد من الله ورسوله إلى أن سيره لا بد أن يقطع سبيله نحو المصب ولو كره الكارهون، ذلك المصب الذي التقت عليه جهود المرسلين والمصلحين قاطبة، حيث البشرى من رب الأرباب أن الغلبة بالكتاب والقضاء لله ولرسله ولو بعد حين، مصداقا لقوله تعالى: {كتب الله لأغلبن أنا ورسلي} {والعاقبة للمتقين} وما ذلك على الله بعزيز.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *