التنبيه إلى شر ما في ولاية الفقيه؟! وعلاقتها بالحرب على شامنا اليوم زمن التيه! الدكتور يوسف مازي

توالت الأحداث وتعاقبت حتى أصبح الحليم منا حيران من جراء ما نرى ونسمع. ودخل الناس في تيه عن حقيقة الحقائق التي تجري على أرض الواقع، فصُدق الخائن وكُذب الصدوق، واتهم البريء وبرئ المتهم.. حتى إننا اليوم أصبحنا أمام حقيقة واجبة تتمثل في تقديم تصور منهجي موثق عن الرافضة والباطنية والصفويين يكشف ما خفي واندثر وتوارى خلف أسوار التقية وأستارها، ويزيل الغمامة عن أعين المتعاطفين مع العمامة، وتقام الحجة على الجاحدين.
وحتى نحقق التميز دون تحيز سنعمد إلى استقراء ما جاء على ألسن وفي كتابات أقطاب الشيعة قبل الخميني وبعده، لنصل إلى تصور كامل ومتكامل بإذن الله تعالى يقدم لنا حكما شاملا لما يقع اليوم بأرض الشام.
وقد اعتمدت كثيرا على ما جاء في كتاب أحمد فهمي: حزب الله وسقط القناع، ضمن سلسلة مجلة البيان الصادر عام 1428هـ/2007م وسأبدأ بحول الله، ولا حول لي ولا قوة إلا به تعالى، ولا علم لي إلا ما علمني سبحانه بــ:

شروط الإمامة التي هي أحد أركان الإيمان عندهم..
من شروطها:
– أن يكون من نسل الحسين.
– أن يكون النسب عموديا لا أفقيا من أخ إلى أخيه بعد الحسن: وهكذا استمر الأمر إلى الإمام الحادي عشر: الحسن العسكري ابن علي الهادي الذي مات من غير عقب، فأحدث موته خللا عقديا انقسم الشيعة بسببه إلى أربع عشرة فرقة. ونتج عنه الكثير:
فتجمد ميراث الحسن سبع سنين ثم حُكم به لأخيه جعفر بعد أن ثبت كذب ادعائهم الولد للحسن العسكري له من جارية قيل أن اسمها: نرجس أوسوسن أوصقيل.
يقول نصر الله: “الروايات الشيعية تقول بأن المهدي ولد وهو حي يرزق وهو غائب…” هكذا تكلم نصر الله ص:180.
إذن ابن الحسن العسكري هو محمد المهدي المنتظر، القائم وصاحب الزمان والإمام الغائب.
وبهذا دخلت الشيعة في عصر الغيبة الصغرى.
فابتدعوا ما يسمى السفراء -الوكلاء- أي الوسطاء بين المهدي وأتباعه، وهؤلاء ينوبون عن المهدي في تصريف الأمور، وجمع الأموال دون رقابة، لأنهم يعتقدون أن المهدي يرسل للسفير قبل موته ليعين خليفته. ولهذا وجدنا من ادعى هذا المنصب من مرضى القلوب كالحلاج الزنديق المعروف.
ثم جاءت مرحلة أخرى عندهم يدعون فيها أن المهدي أرسل إلى السفير الرابع أن “لا توصي لأحد بعدك”، وبالتالي لما مات السفير الرابع عام 329هـ لم يجدوا من ينوب عنه: فدخلت الشيعة فيما يسمى عندهم عصر الغيبة الكبرى التامة.
وبعد انتهاء فترة السفراء وبدء الغيبة الكبرى تولى العلماء قيادة الطائفة الشيعية، وتحدثوا عن لقاءات مزعومة بينهم وبين المهدي ورسائل بينهم. المهدي المنتظر عند الشيعة الإثنى عشرية ص: 259 لجواد علي.
فاستمر الأمر هكذا يتولى فيه العلماء -حراس الشريعة ونواب الإمام المعصوم- الأمور الدينية دون السياسية إلى عهد الدولة الصفوية (1501م-1736م) التي أعلنت رسميا تشيعها. وقدم آية الله الكركي من جبل عامل بلبنان دعمه للشاه الصفوي (طهماسب ابن الشاه إسماعيل) ومنحه إجازة للحكم باسمه باعتباره: نائب المهدي الغائب.

السبب الذي أدخل علماء الشيعة بعد مأزق الغيبتين مأزقا جديدا
وتمثل في اختيارين:

هل يؤيدون الدولة الصفوية انطلاقا من عقيدة نيابة الفقيه؟ وبالتالي ينقضون صلاحيات عقيدة المهدي؟ ويغصبون حقه؟
أم يرفضون التعدي على هذه الصلاحيات ولو تحت اسم دولة شيعية صفوية؟ خصوصا وروايات كثيرة في ثراتهم المقطوع المجرد من السند تنص على التحذير من اتخاذ ولي غير المهدي، ومثالها ما روي عن أبي جعفر في مستدرك الوسائل (2\248): “كل راية ترفع قبل راية القائم فصاحبها طاغوت”.
فاشتد انقسامهم وصدرت الكتب والمؤلفات كل منها يؤيد اختياره. وعقدت المناظرات…
فكان مما ألف زمنها كتاب عوائد الأيام في بيان قواعد الأحكام لأحمد بن محمد نراقي كاشاني الشيعي فأسس فيه صراحة لولاية الفقيه لأول مرة في تاريخ الشيعة، ودعا إلى تولي الفقهاء زمام أمور الحياة بصورة كاملة تجمع بين الحكم والدين.
يقول في كتابه: “كل ما كان للرسول والإمام يؤول إلى الفقيه أيضا إلا ما أخرجه الدليل من إجماع أو نص” كتاب حدائق الإحزان، إيران وولاية الفقيه لمصطفى اللباد ص:93. وهذا الذي ذكره هنا هو ما يسمى بالإمامة الكبرى.
كان كتاب عوائد الأيام في بيان قواعد الأحكام لأحمد بن محمد نراقي كاشاني الكنز الثمين الذي وقع في يد روح الله -وهو اسمه وليس لقبا له- الموسوي الخميني المعروف الذي اعتمده ليعيد تأسيس نظرية ولاية الفقيه.
فانتقلت الشيعة معه إلى زمن ما قبل بروز الثورة الإسلامية الإيرانية عام 1979م. تحت مرجعية كتاب الخميني «الحكومة الإسلامية» الذي صدر عام 1970م بمنهج الاجتهاد الانقلابي عن الإمامة عند الشيعة.
فأسس الخميني لنظرية ولاية الفقيه من جديد عن طريق اجتهادات انقلابية على ثوابت الأمة الشيعية وعلى حساب عقيدة الإمام الغائب وصلاحياته.
يقول الخميني في ذلك: “قد مرَّ على الغيبة الكبرى لإمامنا المهدي أكثر من ألف عام، وقد تمر عليه ألوف السنين قبل أن تقتضي المصلحة قدوم الإمام المنتظر، وفي طول هذه المدة المديدة هل تبقى أحكام الإسلام معطلة يعمل الناس خلالها ما يشاءون؟
فخرق نظام الغيبة وأصبغ مرة أخرى طابع القداسة على الدولة الجمهورية الدينية قال فيها: “وقد فوض الله الحكومة الإسلامية من أمر الإدارة والرعاية والسياسة للناس…” إيران بين التاج والعمامة ص: 237
ويقول آية الله مشكيني الرئيس السابق لمجلس الخبراء الإيراني في مكانة الدولة وقداستها: “الجمهورية الإسلامية هي استمرار لله على الأرض، وبالتالي فإن أي عصيان لقواعدها يرقى إلى التمرد على الله” الشرق الأوسط 13\10\2006م
وهذا ما هو ثابت في دستوره الذي أعده للدولة الإيرانية المادة 57 التي نصت بأن الأمر كله لإمام الأمة ومرشدها.
وللبحث بقية..

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *