بعد سنوات من نشر التشيع وعقيدة الروافض والجهر بسب صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم، يوهم إدريس هاني صاحب كتاب “شيعني الحسين” المغاربة أنه تخلى عن تشيعه.
في الحقيقة كانت محاكمة قاسية، تلك التي خصصتها جريدة الصباحية للمتهم -كما أطلقوا عليه- في عددها الصادر بتاريخ : 3-4-2009، وكان المحاور صريحا إلى درجة كادت معها تقية إدريس هاني أن تتمزق، وإن كانت قد تخرقت منذ وقت طويل…
لم يكن بودي أن أكتب أي شيء ردا على محاولة مكفر الصحابة أن يتهرب من كلام قال إنه كتبه في شبابه كما يزعم، مع أن كتبه الناضحة بالتكفير ما زالت تباع إلى الآن، وما زالت السفارات الإيرانية توزع واحدا منها في العالم كله، لم يكن بودي أن أكتب شيئا لأن كل من يقرأ المقال، يدرك أن مثل هذا العذر لا يقبل من الناحية العلمية، وليس كون الكاتب شابا أو طائشا في فترة من الفترات عذر كاف كي نقبل منه شطحاته، إلا إن صرح بالرجوع عما كتبه، أو ندم عليه، أو تاب منه، خصوصا حينما يتعلق الأمر بتكفير قمة الهرم الديني في مجتمعنا المسلم، وكم كنت أتمنى أن يعلن هذا المكفر توبته من تكفير الصحابة، ويعلن الترضي عنهم ويذكرهم بخير، لكنه لم يفعل، بل خانته تقيته حين قال في سياق الكلام ما معناه: “إنني في إحدى المرات ذكرت عائشة الصديقة بخير”، أي أنه لم يذكرها بخير إلا في تلك المرة هذا إن صدق فعلا.
وأيضا لم يكن بودي أن أكتب شيئا، لأن أمثال هؤلاء يفرحون بمن يكتب عنهم ولو كان ذاما، لأنه يجعل لهم حيزا في الوجود.
لقد ابتسمت حين وصفني بالمغفل، وتقبلت منه ذلك من باب (وأعرض عن الجاهلين) فالسب شيء متوقع من الشيعي، إذ أن كل إناء بما فيه ينضح، ومن توقع من الحمار غير النهيق فهو مخطئ، لكني لم أتقبل منه أن يستغفل المغاربة كلهم، ويدعي أنه لا يكفر الصحابة، مع أنه لم يجرؤ أن يصرح بإسلامهم أو أن يترضى عنهم في مقالته، فالمغاربة اليوم يعرفون المذهب الشيعي، بعد أن اطلعوا على كتبه، وشاهدوا قنواته، وسمعوا علماءه، ولم يعد أحد يشك في أن الشيعة يكفرون الصحابة وعلى رأسهم أبا بكر وعمر، وقد توقع المسكين أن المغاربة مغفلون ليصدقوا إيحاءاته التي تحوم حول المعاني ولا تكاد تبين منها شيئا، فما هو في المذهب الشيعي إلا بوق صغير يقول كما يقولون، ويعتقد كما يعتقدون، وليس له أمام عقيدته ومرجعياته إلا التسليم المطلق وتقبيل الأيادي جزاء ما يأخذه من الخمس كحال كل طلبة الحوزات العلمية.
وأود أن أستغل هذا التعليق على تلك المحاكمة، كي أبين جزئية مهمة في القضية، وهي أن الصراع ليس بين مذهب سلفي وشيعي، بل هو صراع بين إسلام صحيح وإسلام دخيل، بين سنة وشيعة، بين حق وباطل، وقد حاول مجري الحوار في صحيفة الصباحية أن يجعل السلفية هي المتصدي للتيار الشيعي في المغرب، وأنا أعذره إن كان غير مطلع على مواقف أئمة المالكية من هذا المذهب قديما وحديثا، فالمالكية من أشد الناس دفعا لهذا المذهب وكرها له، وقد قتل الكثير من علمائهم الكبار على يد الشيعة الفاطميين، غير أني أستغرب منه أشد الاستغراب حين وصفني بالسلفي لمجرد أني رددت على الشيعة!!!
وأود كذلك أن أبين شيئا آخر، وهو أن تلكؤ المتهم في الجواب حين حاصره المحاور بسؤاله المباشر (هل أنت سني أم شيعي)، له أبعاد ودلالات كثيرة.
وقبل أن أقف على هذه الدلالات أنقل شيئا من كلامه حتى نؤكد التهمة، ونبين أن المحاكمة لم تكن خاطئة وأن الجريدة لم تسمه متهما ظلما وعدوانا:
يقول في كتابه لقد شيعني الحسين صفحة 331: “أنا هنا لا أتحدث عن أبي بكر، ذلك الذي انزرع في وجداني من خلال التطعيم التاريخي المزيف. أنا هنا أتحدث عن أبي بكر الحقيقي غير ذلك الذي لا يزال في أذهان الناس. وسأركز على أمرين، الأول على مدى سلوكه المخالف للشرع، والثاني، على التحقيق واختبار ما نسج حوله من روايات مزيفة، صنعت منه أسطورة التاريخ الإسلامي كغيرة من الصحابة المختلقين”.
إن مثل هذا الكلام المتطرف، متناثر في صفحات كتبه بين التصريح والتعريض، ولولا مخافة التطويل لنقلت أكثر، لذا فإن إنكاره اليوم لتشيعه ومحاولة التنصل من كتاباته بدعوى أنه كان شابا أو طائشا له دلالات كثيرة، منها:
أن أكبر شخصية شيعية في البلد، قد أصبح يتنصل من تشيعه، ويخاف من التصريح بذلك، وهذا درس كبير يجب أن يستفيد منه صغار الشيعة الذين تأخذهم النشوة المذهبية وتجرئهم على إعلان تشيعهم، فليأخذوا العبرة من كبيرهم، وليعرفوا أنه لا مكان لهم بيننا، وهذه فرصتهم ليراجعوا أخطاءهم ويرجعوا عن ضلالهم، وهذا كتاب الله بين أيديهم فيه كل النجاة وكل الخير.
ومن الدلالات العميقة التي نأخذها من هذا التنصل، أن البرنامج الإيراني في المغرب قد بدأ عده التنازلي، ويمكنني كمتتبع للنشاط الشيعي في المغرب أن أجزم بأننا نعيش نقطة تحول في مسيرة التشييع، هي بمثابة بداية النهاية للتخريب الإيراني في المنطقة.
بقي أن أشكر جريدة الصباحية على هذه المحاكمة وأثمن لها هذا الموقف الواعي لمحاكمة كل من سولت له نفسه المساس بالمقدسات، وأملي أن تبقى مقدساتنا وثوابتنا محفوظة من أيادي المتلاعبين…
وأملي كذلك أن يكون للمجلس العلمي دور في نقل مثل هذه المحاكمة من صفحات الجرائد إلى أروقة المحاكم، حتى لا تكون عقيدتنا عرضة للإفساد من طرف كل شاب طائش أو غرضا لأي فكر أهوج.