لا شك أن الأزمة التي نعانيها هي أزمة فكرية بالأساس، والتسليم بهذا تندرج تحته سائر الأزمات السياسية والاقتصادية والاجتماعية، وحينما نتحدث عن أزمة فكرية فإننا لا يمكن أن نقف عند حدود الكلمة دون الكلام عن الأسباب والمسببات الكامنة وراء استفحال هذه الظاهرة المرضية، عندها تلوح في الأفق أزمة تعليمنا؛ ذلك الغول الذي ساق الأمة إلى مهالك التخلف والرجعية، حيث تعطلت الآلة العقلية للمسلمين في مشارق الأرض ومغاربها عن وظيفة الإنتاج والمردودية والحضور الوازن المؤثر في رهان مواجهة التحديات التي تقف في وجه استرداد ماضينا الريادي في كل شيء.
وهكذا وحتى ساعة حبر هذه السطور لا تزال إشكالية التعليم وموضوعات الإصلاح والهيكلة والتقويم حاضرة في وجدان وآمال وأحلام وتفكير القائمين على ثغور الفكر والثقافة والتربية، وقد جاء الخطاب الملكي ليقرب بل ليدق ناقوس الخطر وليضع اليد على مكامن الداء، معطيا الإشارة الضوئية للمرور وعبور السبيل من أجل فتح أوراش إصلاحية قادرة أولا على تشخيص الداء وتشريح مكامنه ، منتقلة بعد ذلك إلى إنتاج منظومة فكر إصلاحي تكون مهمته إعادة الاعتبار للمعلم والتلميذ والمدرسة والأسرة، وكذا إعادة صياغة مناهج تربوية جد متخصصة تكون مستوعبة لكل الفضاءات الحضرية منها والقروية، غير مستثنية لأصالتنا وهويتنا العربية الإسلامية، بدء بالاعتناء بتاريخ أمتنا ومقومات لغتنا ومناهج تربيتنا الإسلامية.
ولعلها محاور حاول الفكر الإقصائي العلماني قدر الوسع والإمكان ركنها بعيدا في مقارباته المستوردة التي كثر عددها وعتادها وقل نفعها وتضخم حجم ضررها.
من أجل هذا وزيادة، وحتى نسلط الضوء على جانب من هذا القطاع الهام والحساس آثرنا فتح هذا الملف.