1- من خلال الطريقة البيداغوجية الحالية؛ والحيز الزمني الهزيل، والمعامل المنخفض المخصص لمادة التربية الإسلامية، هل يمكن لهذه المادة أن تؤدي الدور المنوط بها في منظومة التربية والتعليم؟
إن المشكل الأساس الذي تعاني منه مادة التربية الإسلامية، ينبع من تصور مختل، ظل متحكما في وضع مناهجها منذ الاستقلال، ففي إطاره تصنف باعتبارها مادة أدبية ثانوية، وليس باعتبارها مادة الهوية الدينية للمسلم، مما أدى إلى تهميشها على أكثر من مستوى في الماضي والحاضر، رغم بعض التطورات الإيجابية، التي طالت منهاجها وحاولت تدارك ما لحقها من حيف.
والسؤال الذي يواجهنا بقوة هو هل يتم استغلال معطيات الوضع الحالي لهذه المادة من قبل مدرسيها ومؤطريها لتحقيق أهدافها التربوية في تنشئة الأجيال؟
إن هذا السؤال هو ما يشكل تحديا كبيرا لرجال ونساء التربية الإسلامية وكذلك للجمعية المغربية لأساتذة التربية الإسلامية، التي تعمل بكل الوسائل والإمكانيات المتاحة لحفز الهمم، وتقديم الدعم الممكن لمختلف الأطر، كي يضطلعوا بمسؤولياتهم التربوية، واستثمار إمكانيات المنهاج الحالي على أحسن وجه، مع المطالبة المستمرة بسد الخلل ومواصلة التقويم والإصلاح.
فالأستاذ أو المؤطر إزاء ما يلاحظه في المنهاج من نقائص وثغرات يتحمل مسؤوليته كاملة؛ فإما أنه يستشعر واجب تجاوز الثغرات والسيطرة عليها بما يملك من كفاءة فكرية وتربوية، وما يستنهض همته للارتقاء بعمله إلى وضع تحقيق ما يمكن تحقيقه من الأهداف المرتبطة بالمضامين المقررة من قريب أو من بعيد، وإما أنه يكتفي بالتعامل مع البرامج كما هي دون كبير عناء، أو ربما يتذرع بما يشوبها من ضعف لتعميق إحساسه بالإحباط واللامبالاة.
ومن الاختلالات العميقة التي طبعت محاولات إصلاح التعليم وجعلتها تنتهي إلى الفشل، إهمال العنصر البشري وما يتطلبه من تعبئة وتحفيز وتكوين وتوجيه، وإيلاء كل الاهتمام للجوانب التقنية والإجرائية والإدارية، مع ما يعتري ذلك أيضا من غياب رؤية إصلاحية واضحة وشاملة.
2- بات الشباب المغربي اليوم مهددا بالعديد من الأفكار الهدامة الوافدة عبر مختلف القنوات الإعلامية والثقافية، ونذكر على سبيل المثال: الإلحاد والعلمنة والتشيع، فهل ما يلقنه التلاميذ والطلبة في المؤسسات التعليمية كفيل بأن يحصن أبناء المغاربة عقديا وفكريا؟
صحيح أن شبابنا ذكورا وإناثا صاروا عرضة لموجات من الانحراف المتنوع عبر الإعلام غير الملتزم بقيم الإسلام وتوجيهاته في الداخل والخارج، كما أن الأنترنت بإغراءاته وسهولة استعماله أضحى خطره أشد وأعم.
ومن يتصفح مناهجنا الدراسية داخل المادة الإسلامية وخارجها لا يشعر باستحضار واضعي البرامج لهذه التهديدات في الحسبان، وأخذهم لها بعين الاعتبار، والتي تتزايد خطورتها يوما بعد يوم، كما أن المضامين التي يمتد تحليلها إلى التحذير من الانحرافات والتوعية بأخطارها جد محدودة، فلا يتحقق بها التنبيه المتواصل، الذي يضمن تفاعل التلاميذ معها واستشعارهم لخطورتها.
ولمواجهة حاجات النشء التربوية الطارئة، التي لا تستوعبها المقررات الدراسية ولا تحيط بما تشكله من أخطار قد تتخذ أبعادا جديدة في الواقع الحاضر، يمكن فتح مجال المادة لدرس أو اثنين في كل دورة لمواجهة ما استجد من تهديدات فكرية وسلوكية، أو توجيهات سلوكية معينة، على أن تكون موضع تنسيق واتفاق على مستوى مقاطعة أو مدينة أو مؤسسة تعليمية، مما يكون من شأنه إتاحة هامش من الحرية والمسؤولية للفاعلين التربويين مع إشراك جمعيات آباء وأولياء التلاميذ والإدارة التربوية وأطر المادة.
3- ما هي الحلول التي تقدمونها وترون ضرورة الأخذ بها للنهوض بهذه المادة؟
إضافة إلى ما ذكرته في ثنايا الجوابين السابقين من اختلالات وطرق توقيها، أرى ضرورة الاهتمام بما يلي:
– الانطلاق في تجديد أسس نهضتنا من رؤيا إصلاحية شاملة وفعالة تتركز على مقوماتنا الدينية والحضارية، وترمي إلى إعداد نشء متشبع بقيمه الإسلامية والوطنية ومنفتح على إيجابيات الحضارة المعاصرة.
– توجيه المنظومة التربوية برمتها للانضباط بمقتضيات الرؤية الإصلاحية الشاملة، والاحتكام الإجرائي لمختلف أبعادها في تأهيل النشء، لرفع التحديات الواقعية والمستقبلية، على مستوى الفكر والسلوك والإنجاز الحضاري.
– بناء منهاج مادة التربية الإسلامية على أساس البعد التربوي الذي يستهدف ترسيخ مبادئ العقيدة الإسلامية وتعميق الاعتزاز بالانتماء للإسلام وقيمه وممارسة عباداته ومعاملاته وأخلاقه وتحصين الفكر ضد الانحرافات والضلالات.
– جعل روح الإسلام موجهة للمواد الأخرى الحاملة للقيم، ودرء كل تنافر أو تناقض بين مضامين المواد الدراسية ومادة التربية الإسلامية خاصة والإسلام بصفة عامة.
– إيلاء تكوين المؤطرين التربويين والمدرسين العناية اللازمة، وإشراكهم في بناء وتقويم المشاريع الإصلاحية قبل اعتمادها النهائي، ورصد جوائز تشجيعية للمبدعين منهم والمجدين في أداء المهام الموكولة إليهم.
(ن.غ)