آيات تفهم على غير وجهها (سورة الزخرف) إبراهيم الصغير

– قوله تعالى: {وَإِنَّهُ فِي أُمِّ الْكِتَابِ لَدَيْنَا لَعَلِيٌّ حَكِيمٌ}(4).
(لعلي) من الرفعة و العلو لا من علي -رضي الله عنه و أرضاه- كما يدعي الشيعة.
قال ابن كثير: (لعلي) أي: ذو مكانة عظيمة وشرف وفضل.
قال الشوكاني: (لَعَلِيٌّ حَكِيمٌ) أي: رفيع القدر محكم النظم لا يوجد فيه اختلاف، ولا تناقض.
قال العلامة السعدي: (لَعَلِيٌّ حَكِيمٌ) أي: لعلي في قدره وشرفه ومحله، حكيم فيما يشتمل عليه من الأوامر والنواهي والأخبار، فليس فيه حكم مخالف للحكمة والعدل والميزان.

– قوله تعالى: {لِيَتَّخِذَ بَعْضُهُم بَعْضاً سُخْرِيّاً}(32).
فكلمة (سخريا) من التسخير لا السخرية والاستهزاء.
قال الطبري: وقوله: (لِيَتَّخِذَ بَعْضُهُمْ بَعْضًا سُخْرِيًّا): ليستسخر هذا في خدمته إياه، وفي عود هذا على هذا بما في يديه من فضل، فقد جعل تعالى ذكره، بعضا لبعض سببا في المعاش في الدنيا.
قال الألوسي: {لِيَتَّخِذَ بَعْضُهُمْ بَعْضًا سُخْرِيًّا} ليستعمل بعضهم بعضا في مصالحهم، ويستخدموهم في مهنهم، ويسخروهم في أشغالهم، حتى يتعايشوا، ويترافدوا، ويصلوا إلى مرافقهم.
قال العلامة السعدي: وفي هذه الآية تنبيه على حكمة الله تعالى في تفضيل الله بعض العباد على بعض في الدنيا {لِيَتَّخِذَ بَعْضُهُمْ بَعْضًا سُخْرِيًّا}أي: ليسخر بعضهم بعضا، في الأعمال والحرف والصنائع.
فلو تساوى الناس في الغنى، ولم يحتج بعضهم إلى بعض، لتعطلت كثير من مصالحهم ومنافعهم.

– قوله تعالى: {وَمَن يَعْشُ عَن ذِكْرِ الرَّحْمَنِ نُقَيِّضْ لَهُ شَيْطَاناً فَهُوَ لَهُ قَرِينٌ}(36).
كلمة (يَعْشُ) تشكل في الفهم قليلا.
قال الماوردي: (وَمَن يَعْشُ عَن ذِكْرِ الرَّحْمَنِ) فيه ثلاثة أوجه: أحدها: يعرض، قاله قتادة. الثاني: يعمى، قاله ابن عباس. الثالث: أنه السير في الظلمة، مأخوذ من العشو وهو البصر الضعيف.
قال القرطبي: ومن يعش بفتح الشين، ومعناه يعمى، يقال منه عشي يعشى عشا إذا عمي. ورجل أعشى وامرأة عشواء إذا كان لا يبصر، ومنه قول الأعشى:
رأت رجلا غائب الوافدين … مختلف الخلق أعشى ضريرا
أي: أعمى.
قال صاحب اللباب في علوم الكتاب: قوله: {وَمَن يَعْشُ} العامة على ضم الشين من عَشَا يَعْشُو، أي يَتَعَامَى، ويَتَجَاهَلُ.
وعن ابن عباس وقتادة ويَحْيَى بْنِ سَلاَّم بفتح الشين بمعنى يَعْمَ، يقال: عَشِيَ يَعْشَى عَشاً إذَا عَمِيَ، فَهُوَ أَعْشَى، وامرأَةٌ عَشْوَاء.
قال بن العلامة عاشور: ويعش: مضارع عشا كغزا عشوا بالواو، إذا نظر إلى الشيء نظرا غير ثابت يشبه نظر الأعشى، وأما العشا بفتح العين والشين فهو اسم ضعف العين عن رؤية الأشياء، يقال: عشي بالياء مثل عرج إذا كانت في بصره آفة العشا ومصدره عشى بفتح العين والقصر مثل العرج. والفعل واوي عشا يعشو.
قال العلامة السعدي: (وَمَنْ يَعْشُ) أي: يعرض ويصد.
قلت: ولا تعارض بين القولين فالتعامي والتجاهل من الإعراض والصد عن ذكر الرحمان.

– قوله تعالى:{ وَهَذِهِ الْأَنْهَارُ تَجْرِي مِن تَحْتِي أَفَلَا تُبْصِرُونَ}(51).
(من تحتي) اختلف المفسرون في تحديد معناها.
قال الطبري: يعنى بقوله: (مِنْ تَحْتِي): من بين يدي في الجنان.
قال القرطبي: (وهذه الأنهار تجري من تحتي) يعني أنهار النيل. قال قتادة: كانت جنانا وأنهارا تجري من تحت قصوره. وقيل: من تحت سريره. وقيل: (من تحتي) أي تصرفي نافذ فيها من غير صانع.
وقيل: كان إذا أمسك عنانه أمسك النيل عن الجري. وقيل: معنى (وهذه الأنهار تجري من تحتي) أي القواد والرؤساء والجبابرة يسيرون تحت لوائي، قاله الضحاك. وقيل: أراد بالأنهار الأموال، وعبر عنها بالأنهار لكثرتها وظهورها. وقوله: (تجري من تحتي) أي أفرقها على من يتبعني، لأن الترغيب والقدرة في الأموال دون الأنهار.
والله تعالى أعلى و أعلم.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *