البيان لما في كتاب “أسماء حسنى غير الأسماء الحسنى” من الأوهام -3- ناصر عبد الغفور

من الأخطاء العقدية والمنهجية التي حواها هذا الكتاب “أسماء حسنى غير الأسماء الحسنى” للدكتور عقيل حسين عقيل:
– عدم نقله في غالب الأحيان للأدلة من القرآن أو السنة على ما يذكره من الأسماء:
وذلك موافقة لمذهبه حيث اعتمد العقل وما سماه اجتهادا في هذا الباب العظيم الذي يحرم فيه إعمال الرأي أو القياس والاجتهاد.
وإذا ذكر دليلا فإنما يذكر ما يدل على الفعل لا الاسم، فمثلا سمى الله “الناهي” واستدل بقوله سبحانه: “قل إني نهيت أن أعبد الذين تدعون من دون الله..”-الأنعام:56- وبقوله سبحانه: “قل إني نهيت أن أعبد الذين تدعون من دون الله…”غافر:66، ثم قال معلقا مستنبطا: “وعليه من الآيتين السابقتين من الذي نهى الرسول محمدا صلى الهر عليه وسلم؟
الله تعالى.
وبأي صفة من صفاته الحسنى قد نهاه؟
بصفة الناهي جل جلاله.” 1.
ومن الأمثلة كذلك استدلاله على اسم “الواعظ” الذي أثبته لله سبحانه بقوله تعالى: “واذكروا نعمة الله عليكم وما أنزل عليكم من الكتاب والحكمة يعظكم به..” البقرة:231، وقوله عز شأنه: “إن الله نعما يعظكم به” النساء:58 2 .

– إثبات الكاتب لأسماء لم تثبت لا في الكتاب ولا في السنة، يعد من صور الإلحاد في أسماء الله جل جلاله:
يقول العلامة ابن عثيمين رحمه الله تعالى في معرض الكلام عن أنواع الإلحاد في أسماء الله تعالى: “الثالث: أن يسمى الله تعالى بما لم يسم به نفسه، كتسمية النصارى له: (الأب) وتسمية الفلاسفة إياه: (العلة الفاعلة) وذلك لأن أسماء الله تعالى توقيفية فتسمية الله تعالى بما لم يسم به نفسه ميل بها عما يجب فيها” اهــ. القواعد المثلى.
ويقول الإمام البغوي في تفسيره: قال أهل المعاني الإلحاد في أسماء الله تسميته بما لم يتسم به ولم ينطق به كتاب الله ولا سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم.” 3 اهــ.
وهذه لائحة بالأسماء الذي أثبتها في كتابه والتي لا دليل عليها من كتاب أوسنة ولعله لم يسبقه أحد إلى إثباتها كما صرح بذلك في مقدمته حيث قال: “لذلك كان اجتهادنا منصبا على الوقوف على أسماء حسنى هي موجودة لم يقف عليها أحد4 ، معتمدين الدليل النقلي الذي جاء به الشارع، واستنبطنا منه دليلا عقليا يدعم رأينا فيما ذهبنا إليه من الأسماء الحسنى التي لا تحصى” –ص:13-:
– الآمر، – الناهي، – الواعظ، – المنزل، – الراضي، – المدرك، – المطعم، – الفالق، – المتم، – الشديد، – المسيطر، – الجاعل، – الموفي، – المدخل، – المخرج، – المرجع، – المؤتي، – المكيد.
والملاحظ أنه لم يذكر من الأسماء الثابتة لله سبحانه إلا القليل كاسم الرب والشافي والمنان والقريب والمقتدر.. ومعظم الأسماء التي ذكرها لا دليل عليها ولم يعتمد لاستخراجها إلا العقل والرأي والاشتقاق من الأفعال، وهذا مذهب خاطئ كما سلف.

– دعائه سبحانه بأسماء لم تثبت:
فتجده يختم كل اسم بدعاء يدعو الله تعالى فيه بهذا الاسم، من ذلك قوله في نهاية اسم “المكيد”: “اللهم إنك المكيد الذي لا يكيده كيد فكد كيد من أراد بنا كيدا…” ص:299، ويقول في نهاية اسم “الواعظ”: “اللهم الواعظ، عظ إيماننا بما وعظتنا به، واجعلنا من المنتهين عما نهيت… اللهم الواعظ، إن إتباع مواعظك يوفي الكيل والميزان ويضاعف الحسنات ويزيد النعم، فأنعم علينا بإتباع مواعظك التي أنزلتها في الكتاب الحكيم…” ص:55.
وهذا مخالف لما أمرنا الله به، فإنه سبحانه ما أمرنا أن ندعوه إلا بأسمائه الحسنى الثابتة له، لا بأسماء اخترعنها من أنفسنا أو أعملنا فيها آرائنا واجتهاداتنا، قال تعالى: “ولله الأسماء الحسنى فادعوه بها”.
يقول شيخ الإسلام رحمه الله تعالى: “ويفرق بين دعائه والإخبار عنه فلا يدعى إلا بالأسماء الحسنى؛ وأما الإخبار عنه: فلا يكون باسم سيئ؛ لكن قد يكون باسم حسن أو باسم ليس بسيئ وإن لم يحكم بحسنه” 5.
وقال في موضع آخر: “وقال تعالى: {ولله الأسماء الحسنى فادعوه بها} فلا يدعى إلا بأسمائه الحسنى” 6.
فهل من أسمائه سبحانه المكيد أو المدرك أو الراضي حتى ندعوه بها دعاء مسألة أو دعاء عبادة أو دعاء ثناء؟
—————-
1- أسماء حسنى غير الأسماء الحسنى:46-.
2- نفسه: 51.
3- معالم التزيل: 3/307.
4- لكن وجدت أن بعض هذه الأسماء سبقه غيره إلى ذكرها، و قد جعلها الدكتور محمد بن خليفة التميمي في قسم الأسماء التي يرجح عدم ثبوتها، وذلك في كتابه: معتقد أهل السنة و الجماعة في أسماء الله الحسنى.
5- مجموع الفتاوى:6/142.
6- نفسه:10/554.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *