نظمت الجمعية المغربية لحماية اللغة العربية ندوة علمية حول موضوع “اللهجة العامية المغربية (الدارجة) واللغة العربية: أية علاقة ؟”، وذلك يوم السبت 16 نونبر بقاعة محمد المنوني بكلية الآداب والعلوم الإنسانية بالرباط.
وقد أطر الندوة كل من الأساتذة: موسى الشامي، رئيس الجمعية المغربية لحماية اللغة العربية، وسعاد اليوسفي، مكونة بالمركز الجهوي لمهن التربية والتكوين، ومحمد عدناني، أستاذ البلاغة والنقد وتحليل الخطاب، وسعيد بحير، أستاذ الصحة النفسية والاستشارة السيكولوجية، فيما تولى إدارة الندوة الدكتور أحمد بنعمو، أستاذ بكلية علوم التربية.
وجاءت الندوة ردا على مذكرة عيوش التي دعا فيها لاعتماد الدارجة لغة رسمية عوض لغة القرآن الكريم، كما طالب بتقليص دور الدين في التعليم الأولي، وهو ما أثار جدلا واسعا وأنتج سجالا تداخل فيه البعد السياسي بالبعد الثقافي التربوي.
وانطلقت الندوة بعرض للدكتورة سعاد اليوسفي، تحدثت من خلاله عن الإشكاليات التي تعتري الدارجة المغربية كحال كل اللهجات، حيث تفتقر هذه الأخيرة للغنى الاشتقاقي الذي يكسب اللغة قوة ومرونة وقدرة على التعبير والتركيب والبيان، في حين تمتاز اللغة الفصحى بشموليتها وغناها الاشتقاقي مما يؤهلها لتكون وعاء حقيقيا للفكر.
كما أكدت أستاذة التعليم العالي على كون الدعوة لاعتماد الدارجة تعتبر مصادمة للثقافة العربية الغنية، والمرتبطة بالهوية المشتركة بين شعوب المنطقة، وبثوابت الدين الإسلامي الذي حفظ تماسك العرب.
وفي مداخلته تحدث الدكتور محمد عدناني عن النسق الذي يميز اللغة العربية الفصحى، وأن اعتماد الدارجة من شأنه خرق هذا النسق، كما تساءل عن الأسباب التي تقف خلف التغييب المتعمد والمستمر للغة العربية من الحياة العامة مع أن الدستور ينص على كونها اللغة الرسمية للدولة.
وتركز عرض الدكتور سعيد بحير حول إبراز أبعاد الدعوة إلى اعتماد الدارجة وتهميش اللغة العربية، حيث سيؤدي ذلك إلى خلق فتنة وإثارة قضايا جانبية لن تصب إلا في مصلحة الفرنسية ذات النفوذ القوي في الاقتصاد والإعلام.
كما أوضح أن المطالبين بتقليص دور الدين في التعليم الأولي يسعون لتقويض اللغة العربية بضرب إحدى أسس حمايتها وترسيخها في هوية الأمة، وأعطى مثالا بكون تعليم الأطفال تجويد القرآن الكريم يكسبهم القدرة على إتقان مخارج الحروف العربية وضبط قواعدها في سن مبكرة.
اللغة العربية قائمة بذاتها بخلاف اللهجة العامية، كان هو محور مداخلة الأستاذ موسى الشامي الذي نبّه إلى البعد السياسي الحاضر في دعوة الفرنكفوني نور الدين عيوش، وأن ما جاء في مذكرته الهدف منه هو إضعاف اللغة العربية لصالح الفرنسية والتمكين للثقافة الغربية في المجتمع المغربي.
وختم الأستاذ الشامي كلمته بالتذكير بأن المستقبل يحمل ما يشير إلى تطور اللغة العربية وانتشارها، وليس انقراضها كما يدعي أعداؤها.
يذكر أن الندوة شهدت حضور عدد من الدكاترة والأساتذة الباحثين والأدباء من الجنسين، وكانت لبعضهم مداخلات قيمة عززت ما تفضل به الأساتذة المحاضرون؛ وأجمع الحضور على ضرورة العمل على حماية اللغة العربية وتطويرها وتنمية استعمالها، ودعمها في كل المجالات الثقافية والاجتماعية والسياسية، وعدم ترك الفرصة لخصوم هوية الأمة لإقصاء لغة القرآن الكريم.