من الظلمات إلى النور (1)
لم تكن «جيمي» تتوقع أنها ستصبح مسلمة في يوم من الأيام، وهي التي نشأت في أسرة نصرانية بالولايات المتحدة الأمريكية، وعملت عارضة في مجلة «بلاي بوي» لخمس سنوات، وكانت -كمعظم الأمريكيين- تكره الإسلام والمسلمين بسبب ما تراه وتسمعه وتقرأه عنهم في الإعلام الغربي المدلس.
«جيمي»، الأمريكية التي انتشرت قصة إسلامها في مقطع فيديو قصير على مواقع التواصل الاجتماعي بشكل واسع، عاشت طفولتها مدللة؛ وفي سن السابعة عشر طردها والدها من البيت، فهامت على وجهها تواجه التشرد بكل أخطاره على أنثى في سن المراهقة؛ أمضت سنوات من الضياع في حياة صاخبة بعيدا عن أية قيم أو أخلاق، تتعاطى المخدرات وتشرب الخمر إلى دركة الإدمان، تقترف أعمالا سيئة مما يتلبس به الشباب الغربي.
تحكي بحرقة -بعد أن من الله عليها بنعمة الإسلام- كيف دمرت المخدرات حياتها وأخذتها إلى الحضيض على حد تعبيرها؛ وبعد أن تزوجت كان زوجها بدوره مدمنا، وكان عنيفا في تعامله معها؛ ثم قررت التوقف عن تعاطي المخدرات نهائيا بعد أن أوشكت على وضع أول مولود لها؛ لقد فكرت في أن طفلها سيحتاج إلى أم صالحة ترعاه وتسهر على تربيته، فيما المخدرات ستعيقها عن القيام بهذه المهمة؛ وقد حاول زوجها ثنيها عن قرارها ترك تعاطي تلك السموم، لكن عبثا، فقد كانت مصممة.
حين كانت تعمل عارضة في مجلة «بلاي بوي» الإباحية، حظيت «جيمي» بشهرة كبيرة واهتمام بالغ في الأوساط الفنية، حيث كانت تؤدي مشاهد مثيرة في هوليود، لكنها تخلت فجأة عن كل ذلك، فتركت الأنوار الكاذبة الخادعة، واتبعت نور الله الحق.. لقد تسلل نور الإسلام إلى قلبها، فأضاءت محاسنه أرجاء روحها المتعطشة للخلاص، وأزال القرب من الله عن كاهلها أثقالا من الخطايا، راكمتها سنين البعد عن منبع كل فضيلة ومصدر كل خير وفلاح.
لقد تفاجأ كثير من الناس حين اعتنقت “النجمة” الشابة الإسلام، إذ كيف لها أن تتخلى عن كل الشهرة والمكانة الراقية في عرف زمن الإباحية لأجل أن تكون مسلمة؟
كيف رضيت بغتة أن تزهد في كل “التألق” و”التميز” اللذان حققتهما لتلتزم بتعاليم دين لطالما رآه الغربيون رمزا للتشدد والتخلف وامتهان كرامة البشر، لا سيما المرأة؟؟
لكن لـ«جيمي» اليوم رأي مخالف عن الدين الذي قلب حياتها إلى متعة حقيقية، ومنحها -كما تؤكد- السلام الداخلي والأمان والاستقرار النفسي، وهي الأشياء التي افتقدتها في حياتها قبل أن يشرح الله صدرها للإسلام؛ إحساس لا يوصف ذاك الذي تملَّك روحها، شعور غريب انتابها عند النطق بالشهادتين، مشاعر عظيمة اجتاحت قلبها وهزت كيانها، فتلاشت معها كل الرغبات للقيام بتلك الأمور السيئة التي كانت تفعلها قبل الإسلام.
تحكي «جيمي» كيف أن مشاعر الحقد والكراهية الكبيرة التي يكنها كثير من الغربيين للمسلمين كانت الباعث الأكبر لبحثها عن حقيقة الإسلام، لأنها رأت الظلم والعنف في الأخبار يُنسب للمسلمين، فاستفزها ذلك ودفعها للتنقيب عن حقيقة ما يروجه الإعلام في بلدها؛ وكلما بحثت أكثر زاد تعمقها في معرفة حقيقة الإسلام، فأثار إعجابها بتعاليمه السمحة على عكس ما يشاع، وأذهلها جانب الاحترام الكبير الذي تحظى به المرأة في الإسلام، وأبهرها التنظيم المحكم للعلاقة بين الرجل والمرأة.
فالإسلام كرم المرأة وحفظها من الشرور التي قد تلحقها من الرجل والعكس صحيح، بحيث يضمن الالتزام بشرائعه السلامة والسعادة للطرفين؛ وعندما أدركت عارضة «بلاي بوي» هذه المعاني العظيمة قررت أن تصبح مسلمة، وهي الآن تحافظ على صلواتها، وتحرص على ارتداء حجابها ولا تبالي بمن يرفضون شكلها الجديد وأسلوبها في الحياة، وتتردد على المسجد الذي تقول بأنها كلما صلت فيه ازدادت طمأنينة، وهدأت نفسها التي عانت طويلا من كم هائل من الشهوات والشبهات التي عصفت بذهنها، وأفقدتها القدرة على إدراك الحق، وتمييز الخير من الشر.
لقد أنزل رب العالمين في قلبها سكينة وراحة لم تنعم بها في السابق، وهي التي تقول أنها لم تشعر يوما في النصرانية بوجود الله، على الرغم من كل محاولاتها لفهم النصرانية، ولم تجد وهي على دين التثليث طوال ثلاثة عقود أجوبة مقنعة عما كان يدور بخلدها من أسئلة عن الله، والغاية من الخلق، والمصير بعد الموت، والجنة والنار؛ لقد أحيا الله أرض قلبها بِغيث توحيده تبارك وتعالى {أَوَمَنْ كَانَ مَيْتاً فَأَحْيَيْنَاهُ وَجَعَلْنَا لَهُ نُورا يَّمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ كَمَن مَّثَلُهُ فِي الظُّلُمَاتِ لَيْسَ بِخَارِج مِّنْهَاۚ كَذَلِكَ زُيِّنَ لِلْكَافِرِينَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ}.