العنوان: الفتاوي.
المؤلف: العلامة الفقيه محمد كنوني المذكوري رحمه الله (ت1398هـ) مفتي رابطة علماء المغرب سابقا -من علماء الدارالبيضاء-.
تقديم: العلامة الجليل والمفكر الفذ والسياسي المحنك الأستاذ عبدالله كنون رحمه الله (ت1409هـ) الأمين العام لرابطة العلماء بالمغرب
الأجزاء: رسالة لطيفة في (224) صفحة، محتوياتها كالتالي:
تقديم العلامة الأستاذ عبد الله كنون رحمه الله: وممَّا جاء فيه باختصار شديد -وقد نقلته لنفاسته وواقعيته- قوله رحمه الله: “تعتبر مهمة الإفتاء مسؤولية دينية ودنيوية معاً، فالمـُفتي مُخبرٌ عن الله كما يقول الفقهاء، أي: عن شَرعه وأحكام دينه، وهو بمُقتضى ذلك يجب أن لا يُصدر فتوى إلا بعد التحرِّي والمبالغة في تحرير مَناط المسألة، والتماس الدَّليل الشرعي عليها… وكانت الفتوى قبل اليوم تدور في فلك المذهب وقواعده، وتعتمد أقوالَ علمائه وحاملي رايته، لا تكاد تخرج عن ذلك إلا نادراً، حينما يكون الدّليلُ الشرعي واضحاً وبمتناول الجميع.
أما اليوم وبعد أن نُشرت كتبُ السنة وشروحها وكُتبُ الخلاف العالي والمذاهب الفقهية المتعددة، وأصبحت متداولة بين أيدي الناس، واطَّلع الفقهاء وطلبة العلم على مابها من أدلة ومدارك تُخالف ما كانوا يعهدونه ويتمسكون به في بعض المسائل، فإن المـُفتي الآن صار مُطالباً بتخريج المسألة على مُقتضى الدليل الشرعي من الكتاب والسنة وما في حُكمهما، ومقارنة المذاهب وأقوال الأئمة والترجيح بينها… -إلى أن قال رحمه الله: فالحقُّ أن الشعورَ الديني والحمد لله ما يزال مُتغلغلاً في النفوس، وإن جَهد من جهد في مَحوه وتَعفية أثره، وادعاء أن العصر يقتضي الأخذ بالقوانين الوضعية التي تُجاري هذه المعاملات، وإلا توقَّف الاقتصادُ الإسلامي عن النمو والازدهار، وهو ادِّعاءٌ باطل ومحاولة للتخلص من أحكام الشريعة الإلٰهية التي كفلت للناس جميعَ المصالح، ودَرأت عنهم كل المفاسد، ولا يمتنع في ظلِّها أي تقدم ونمُو لا يكون فيه حيف على حق الغير، واستغلال للمجهود الخاص أو المصلحة العامة”. قلت: وهذا ردّ قوي على أدعياء الحرية والحداثة من العلمانيين واللبراليين ومن على شاكلتهم ممَّن ابتلي بهم بلدنا الحبيب وغيره من بلاد المسلمين.
مقدمة العلامة الفقيه محمد كنوني المذكوري: وبعد أن ذكر سبَب جمعه لهذه الفتاوى، بيـَّن رحمه الله مسلَكه فيها بقوله: “وقد سلكتُ في ذلك سلوكَ الاستدلال بكتاب الله تعالى وبحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم بكلام الفقهاء بعد ذلك، بعد مقابلته بالأصول المبني عليها، إذ من المعلوم المقرَّر من أقواله وأفعاله وتقريراته صلى الله عليه وسلم أنَّ ما كان عليه هو وأصحابُه رضي الله عنهم هو هذان الأصلان الأوَّلان للتشريع الإسلامي، فكيف يمكن إذن للمسلم أن يدعَ هذين الأصلَين الصَّحيحين إلى أقوال البشر المعرضة للخطإ، وكيف يمكن لأهل العلم أن يُنفِّر بعضُهم ممَّن يدعو إلى العمل بكتاب الله الكريم وبالسنة المطهرة، ويسلكَ السبيلَ الذي أراده بعض الإخوان من الفقهاء، حيث انتقدوا هذا السلوكَ الذي يُخالف رغبتَهم في التقيُّد بالتَّقليد الأعمى المُحرَّم كتاباً وسنَّةً”.
وقال رحمه الله: “ولذلك فإننا ندعوا على سبيل الذِّكرى التي تنفع المؤمنين جميعَ إخواننا المسلمين إلى مُراجعة ما هم عليه من هذا التقليد، بحيث يعرضون أعمالَهم وسلوكَهم على كتاب الله العزيز الذي لا يأتيه الباطلُ من بين يديه ولا من خلفه تنزيلٌ من حكيم حميد، وعلى حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي لا ينطق عن الهوى إن هو إلا وحيٌ يوحىٰ، وعلى ما استخرجه السادات العلماء رحمهم الله من ذلك”.
وبعد أن ذكر رحمه الله أقوالَ الأئمة الأربعة في وجوب اتباع الدليل من الكتاب والسنة، قال: “على أنَّ أتْبَاعَ هؤلاء الأئمة خالفوهم في كثير من المسائل، فلم تكن هاته المخالفةُ جريمةً في حقِّهم جميعا، فالرُّجوعُ إلى الحقِّ فضيلةٌ والتَّمادي على الباطل رذيلة، ونحن نحملُ لهم بين جوانحنا جميعا الإكبارَ والإجلالَ والتعظيمَ والإحترام”.
الفتاوي: وقد جاءت كالتالي:
1- سؤال حول جواز أو عدم جواز إعطاء الزكاة للإخوان المجاهدين الفلسطينيين. 2- سؤال حول البسملة في الصلاة، وهل هي من الفاتحة أم لا، وهل قراءتها فيها مكروهة، الخ. 3- هل يجوز المسح على ما يُسمى اليوم بالتقاشير أم لا؟ 4- هل يكفي في التيمم ضربة واحدة أو ضربتان؟ وهل منتهاه إلى الرسغين أو إلى المرفقين؟ وهل يُتيمَّم لكل صلاة أم لا؟ 5- سؤال حول وضع الركبتين قبل اليدين في السجود أو العكس. 6- سؤال ورد علينا من تاركيست وبني وكيل: ما هو الدليل على أن الذكر بلا إله إلا الله أو غيرها عند حمل الميت بدعة؟
وبعد أن بيَّن الشيخُ رحمه الله أن ذلك بدعةٌ ابتدعها الناس، وأنها لم تكن في عهد رسول الله ولا في عهد الخلفاء الراشدين، كما نصَّ عليه العلامة الرهوني المالكي في حاشيته على المختصر للشيخ خليل، وأن السنة هي الصمت والتفكر والاعتبار، قال رحمه الله: “وبهذا نقول، وهو اعتقادنا في مثل هذه المسألة، ممَّا لا دليل عليه من كتاب الله ولا من سنة رسوله صلى الله عليه وسلم، وإنما الاعتماد فيها على الأعراف والعادات وعلى المرائي، وقول فلان وفعل فلان، مع أن قول وفعل غير المعصوم ليس بحجة كما هو واضح”.
7- سؤال حول القبض والسدل في الصلاة. وقد بيَّن الشيخ أن القبض سنة سنها الرسول صلى الله عليه وسلم في أحاديثه، وهي كما قال العلامة الشوكاني عشرون عن ثمانية عشر صحابيا وتابعيين، وحكى الحافظ عن الإمام ابن عبد البر المالكي أنه قال: لم يأت عن النبي صلى الله عليه وسلم فيه خلاف.
8- سؤال عن رجل مسلم فرنسي الجنسية يُقال إنه بدَّل دينَه بالنصرانية ثم مات ودفن في مقبرة المسلمين. 9- سؤال حول وضعية الحبس في الإسلام والمعاوضة عنه. 10- سؤال حول الضجة القائمة في المساجد وغيرها والتي أدَّت إلى التباغض والحقد والضغينة، حول مسائل مختلفة.
11- سؤال عن الاستئجار لعمل الفدية بالسبحة، وبعد أن بيَّن الشيخ رحمه الله أنها بدعة محدثة، وأنه لم يرد فيها حديث صحيح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: “فليقتصر المسلم على ما ورد في الشريعة الإسلامية، أو ما تناولته قواعدها العامة، ففي ذلك الكفاية التامة، ومن لم تصلحه السنة فلا أصلحه الله”.
12- سؤال حول الصلاة داخل القبة مع مواجهة القبر. 13- سؤال حول قراءة المأموم خلف الإمام. 14- سؤال حول الفوائت من الصلوات، هل تُقضى أم لا؟ 15- سؤال حول القراءة على الميت، وما هو دليل المنع إلخ؟ 16- سؤال حول قراءة القرآن جماعةً كما هو واقع بالمغرب. 17- سؤال حول التأمين خلف الإمام، وهل هو واجب لما ثبت في السنة: إذا أمَّن الإمام فأمِّنوا. 18- سؤال حول فاقد الماء والصعيد، ماذا يفعل؟ 19- سؤال حول الدعاء والفاتحة بعد صلاة الفريضة. 20- سؤال حول حديث “اقرأوا على موتاكم يس”، هل ينتفع به الميت مطلقا قبل خروج الروح وبعدها، أو قبل الخروج فقط إلخ؟ وقد بيَّن الشيخُ رحمه الله ضعفَ الحديث وكلامَ المحدِّثين في تضعيفه.
21- سؤال حول الدَّعوة إلى الله. 22- مجموعة أسئلة وردت من بعض العلماء عن قيمة الشروط التي اشترطها بعض الفقهاء المالكية في صلاة الجمعة. 23- سؤال حول تارك الصلاة، هل يُعد كافرا بلا معارض أم لا؟ 24- سؤال حول الوجد والسماع، وتحته أسئلة منها:
1) ماحكم القبة التي تبنى على أضرحة الأولياء والصالحين؟
فأجاب الشيخ رحمه الله بقوله: “فذلك حرام وبدعة لم تكن في عهده صلى الله عليه وسلم، ولا في عهد خلفائه الراشدين، ولا في عهد الصحابة والتابعين، فقد نصَّ العلامةُ الشوكاني رحمه الله أن بناء القبب والمساجد على القبور أمر مُحدث في الإسلام من قريب. ثم ذكر الشيخُ الأدلة والبراهين وأقوالَ العلماء في التحريم، فراجعه فإنه مهم.
2) ما حكم الاستسقاء عند ضريح وَليٍّ كل عام، في موعد محدد مع حفلة يسمونها صدقة؟ وقد أجاب رحمه الله بقوله: “إن الإستسقاء جعلت له الشريعة الإسلامية صلاةً تخصه، فقد روى الأئمة -ومنهم البخاري ومسلم- عن عبد الله بن زيد رضي الله عنه قال: “رأيتُ النبي صلى الله عليه وسلم يوم خرج يستسقي، قال: فحوَّل إلى الناس ظهره، واستقبل القبلة يدعو، ثم حوَّل رداءه، ثم صلى ركعتين جهر فيهما بالقراءة”. هذه هي الصلاة المشروعة في الاستسقاء، لا أن يذهب الأحياءُ إلى الأموات ويقيمون عندهم الحفلات… فقيسوا أعمالكم يا من يقيمون الحفلات عند قبور الأموات التي تذكر الآخرة لا أفراح الدنيا، على أعمال رسولكم صلى الله عليه وسلم، وأعمال خلفائه الراشدين والصحابة المهتدين، فحينئذ يظهر أنكم تطلبون القحط لا القطر، حيث تركتم التوجه إلى ربكم الحي الدائم بالخضوع والخشوع، والاستغفار والخنوع إلى قبرٍ اللهُ أعلم بحال صاحبه، غافلين عن قول الله تعالى: “إن الذين تَدعون من دون الله عبادا أمثالكم، فادعوهم فليستجيبوا لكم إن كنتم صادقين…”.
25- سؤال عن وثيقة حبس وجوابه. 26- حكم إدخال الميت إلى المسجد والصلاة عليه. 27- الحلف بالحرام. 28- تحريك السبابة في التشهد. 29- إذا صام أحد بأوروبا ثم زار بلاد المغرب. 30- خطيب يتعاقد مع ثلاثة مساجد للخطبة. 31- زكاة الأموال المودعة في البنوك، وأموال الأحباس. 32- حول الاجتهاد وقول من قال بانقطاعه. 33- تحية المسجد يوم الجمعة أثناء الخطبة، وما العمل عند اجتماع العيد والجمعة. 34- نداء إلى كافة السادات العلماء: وممّا جاء فيه قوله رحمه الله: “أجيالُ شباب الإسلام تتلاطم بها أمواج الكفر والإلحاد، فهل من منقذ؟ وهذه عقيدة المسلمين اعتراها الخللُ والفسادُ، فهل من مصلح؟ وهذه أحكام القرآن وأحاديث الرسول العظيم قد ابتلعتها القوانين، فهل من ناصر؟ وهذه لغته السَّامية قد ضايقتها اللغات الأجنبية، فهل من مخلِّص؟. إنكم أيها العلماء الكرام، أنتم المكلفون بحماية الشريعة الإسلامية والدفاع عنها والذب عن جميع ما يمس ديننا الحنيف وعقيدته وأخلاقه وعوائده وأعرافه المأخوذة منه”.
وقوله رحمه الله وكأنه يصف واقعَنا المرير، الذي تنمَّر فيه أهلُ الخبث والنفاق والإلحاد، وكشروا عن أنيابهم -جعل الله تدبيرَهم تدميرَهم، وردَّ كيدهم في نحرهم-: “إننا نعرف كثيراً من الإخوان العلماء لا يتحركون ولا يتحرقون بأعمالهم على ما أصاب المسلمين، ولا سيما شبابهم من الانحلال والانحراف عن تعاليم ربِّ العالمين، فلماذا تركتم الفراغ للمفسدين في الأرض والحاقدين على الإسلام، والذين يهاجمون كتابَ الله الكريم وحديث رسوله الصادق الأمين، ورفعوا القناعَ عن وجوههم القبيحة، وفغَروا أفواههم الخبيثة، بعدما كانوا بالأمس يتسترون؟
لقد اتفقت مذاهبُهم الهدَّامة وما أكثرها، واتِّجاهاتهم المنحرفة وما أغزرها، مع الاختلافات الواسعة بينهم، على مهاجمة الإسلام وفي عقر داره، ولولا أن الله عز وجل تكفَّل بحفظ كتابه الكريم في قوله سبحانه: “إنَّا نحن نزَّلنا الذكرَ وإنَّا له لحافظون” لوقع ما لا تحمد عقباه، ولحل مثل قوله تعالى: “فما له من قوة ولا ناصر”، ولكنه تعالى أودع فيه من المنعة والقوة الشديدة والأسرار والحصن الحصين، ما يصد كل عدوان”.
وقوله رحمه الله: “وإني أعتقد أن كثيرا من الشباب لم تصل الدعوة إليهم ليطمئن إليها، حيث أن قلبه وفكره امتلآ بما تلقفه من بعض الأساتذة المنحرفين والحاقدين على الإسلام بالمدارس. فعلى العالم المرشد أن يكون حكيما في إزالة تلك الأوهام من صدور الشباب الذي يقول لسان حالهم:
أتاني هَوَاها قبل أن أعرف الهوى ••• فصادَف قلباً خالياً فتمكَّنا.
أما إذا تركنا هذا الشباب -وهو الذي يمثل القوة البشرية- في حيرته وشكوكه، أو تجاوز ذلك إلى الجهر بعداوته للإسلام، فالمسؤولية على العلماء والأساتذة والمعلمين وسائر المرشدين، حيث لم يُبيِّنوا لهم البيان الشافي عن الإسلام، بل وما هو الإسلام”.
35- حرمة الربا بإطلاق. 36- فتوى حول منشور الشيخ أحمد حامل مفاتح الحرم النبوي بزعمه.
فهرس الكتاب.
رحم الله العلامة الفقيه محمد كنوني المذكوري ، وجزاه خير ما جزى عالما عن أمته.