التفاوت في أنصبة الوارثين في الإسلام له أسباب معينة، ولا علاقة له بحال من الأحوال بالذكورة أو الأنوثة.
شرع الله التوارث في كتابه وعلى لسان رسوله -صلى الله عليه وسلم- وجعله نظاما قويما محكما يعد معجزة من معجزات التشريع الإسلامي، يفيض رحمة وعدلا وسدادا ورشدا، تجد فيه النفوس المؤمنة عظة وطمأنينة ورضا وسكينة، ويتمثل ذلك النظام جملة في الأمور الآتية:
1. حكم الله تعالى بأن تكون تركة المتوفى ملكا لأبنائه وأمه وأبيه وإخوته وأخواته وغيرهم؛ لأنهم أمس الناس قرابة به، ولأنه كان يستنصر بهم ويستعين ببعضهم في تكوين تركته، فلا جرم أن تكون هذه التركة فيمن كانوا سببا في تكوينها على وجه من الوجوه.
2. حدد لكل وارث نصيبا معينا، فحسم بهذا مادة النزاع التي تزرع الأحقاد وتقطع الأرحام.
3. كان نصيب الأنثى نصف نصيب الرجل في حالات معينة؛ لأنه الكافل لأسرته وعليه وحده يقع عبء الإنفاق.
4. ألحقت الزوجية بالقرابة تقديسا للصلة بين الزوجين وإبرازا لمظهر الوفاء.
5. ألحق الولاء أيضا بالقرابة اعترافا بالجميل وشكرا على المعروف.
إذن فعلم الميراث نظام دعت إليه الحياة الاجتماعية، وحفزت نحوه الحكمة الإلهية لعمران الكون والتوازن بين أفراد المجتمع؛ لأنه بما فيه من توزيع تركة المورث الواحد على وارثين عدة، وانتقالها من جيل إلى جيل يفتت الملكية ويحارب الأثرة.
والشريعة الإسلامية تدعو دائما إلى عدم تركيز المال في يد بعض الناس وحرمان غيرهم منه، وذلك ليس بتشريع المواريث وحدها، ولكن بكثير من التشريعات المالية على اختلاف أنواعها كما هو معلوم من القرآن والسنة. الفقه الواضح، د.محمد بكر إسماعيل، 3/141-142.