مِن ذاكرتي.. “علمانيو بلدي” بوجمعة حدوش

بدأتُ كتابة المقالات عندما كنت في المرحلة الثانوية، ومازلتُ أتذكر أن أغلب المواضيع التي كنت أتناولها بالكتابة عن التبرج والعلاقات غير الشرعية والاختلاط، وهي نفسها المواضيع التي كنا نلقيها في المحاضرات والندوات متى سنحت لنا الفرصة لذلك، ودائما كنت أتساءل عن أسباب هذه الانحرافات الأخلاقية، ومَن وراءها، فقد كان لدي حدس أن وراءها أصحاب شهوات، لكن لم أكن أعلم من هم. ورغم أن مدينتي الصغيرة “ترجيست” لم يكن قد انتشر فيها هذا الوباء بكثرة، إلا أني كنت أجزم أن المدن المغربية الأخرى فيها من تردي الأخلاق -مما أكتب عنه في المقالات- ما الله به عليم.
وقد تأكدت من تخميني ذلك عندما التحقت بمدينة “وجدة” لإكمال دراستي الجامعية، وهناك عرفت خطر ما كنت أتحدث عنه في المقالات والمحاضرات، وعرفت كذلك من هم وراء هذه الانحرافات الأخلاقية الخطيرة التي يمارسها شبابنا وفتياتنا، إنهم عَلمانيو بلادي.
لذلك لم أفوت أول فرصة أتيحت لي وهي بحثي الجامعي فخصصته للبحث عن تيار العَلمانية، فكان موضوع بحثي الجامعي تحت عنوان “العَلمانية وآثارها في المجتمع المغربي”، ومن ذلك الحين غيرت وجهة كتاباتي في المقالات من الحديث عن التبرج وما شابه ذلك إلى الحديث عن من هم وراء هذه الآفات الاجتماعية الخطيرة.
نعم هم سبب الانحرافات الأخلاقية التي نتخبط فيها، كيف لا وقد كانت مجتمعاتنا المغربية في العقود الأولى من القرن الماضي تنعم بدرجة كبيرة من الحياء والعفة والوقار، كانت الفتاة تستحي مِن إظهار شيء من جسدها.
كانت ترفض إمساك يد شاب والسير معه في الشارع، وتعتبره من أهول ما يمكنها فعله، كانت ترفض العلاقات الغير الشرعية رفضا تاما، وكان الشاب لا يستطيع مغازلة الفتيات في الدروب والأزقة، بل لا تسمح له أخلاقه بذلك.
لكن بعد الاحتلال الذي ترك نبتته الخبيثة تنمو في مجتمعاتنا وهي نبتة العلمانية، بدأ أصحاب هذا التيار في تنفيذ مخططات المحتل في القضاء على الأمة بإفساد جوهر الأمة وهي المرأة.
لذلك نرى العلمانيون قد سيطروا على الإعلام سيطرة شبه تامة لعلمهم أنه من أسرع الوسائل لنشر مذهبهم ونفث سمومهم، فلا ترى في برامجهم الإعلامية غير الدعوة إلى أقبح الرذائل، وهي كلها برامج للدعوة إلى التفسخ والرذيلة، فهذا لا يرى في العلاقة غير الشرعية ضررا، وتلك ترى أن الفتاة التي ليس لها صديق متخلفة ومعقدة وتحتاج إلى طبيب نفسي.
والآخر يرى أن المتمسك بدينه المهذِب لأخلاقه المعفي للحيته، إما متطرف أو ينتمي إلى جماعة مشبوهة أو هو الآخر مريض نفسيا، وغير ذلك من الدعوات الخطيرة التي ما تعب منها بنو علمان حتى رأوا ثمرة جهدهم الجهيد بدأ يتحقق لهم.
أما عن المسلسلات والأفلام التي يعرضونها؛ فيٌخيل من أي لقطة يراها المار على تلك القنوات أنهم يعرضونها لشعب غير هذا الشعب المغربي المسلم؛ قبلات ومعانقات ورقصات مختلطة، بل وصلت بهم الجرأة إلى عرض لقطات وإيحاءات جنسية تدعو حقيقة الشعب المغربي للمطالبة بإغلاق هذه القنوات.
نعم هم سبب الانحرافات الأخلاقية التي نتخبط فيها، فقد كانت المرأة تحترم بيتها وتطيع زوجها -ومازالت، وفي الأمة خير- لكن ما إن تسلط علينا قوم السوء وأسسوا جمعياتهم المزعومة للمدافعة عن المرأة حتى رأينا موازين الأخلاق انقلبت رأسا على عقب.
فقد زعموا أنهم يدافعون عن المرأة المهضومة حقوقها، فدعوها إلى المطالبة بالمساواة في كل شيء، فهي ليست بناقصة عقل ودين ومن حقها فعل ما تراه مناسبا لها.
وشجعوها على التمرد على زوجها، حتى رأينا المحاكم قد امتلأت ملفاتها بدعوات الطلاق لأتفه الأسباب، وكثرة المطلقات على غير ما كان في العقود السابقة قبل ظهور بني علمان، وكثرة العوانس والعازفين عن الزواج، إما لخوف الشباب من المشاكل الزوجية التي ما سمعنا عنها من قَبْل، قبل ظهور العلمانيين أو لعلمهم أن الجمعيات النسائية قد شجعت الفتيات على المطالبة بأمور لا يتحملها كاهل كل الشباب، فكثرت العوانس لكثرة العازفين عن الزواج.
لكن من “حسنات” العَلمانيات أنهن أوجدن لهؤلاء الشباب والفتيات متنفسا لهم يعوضهم عن الزواج الذي حرموهم منه، وهو العلاقات غير الشرعية، فكثرت البغايا وأولاد الزنا وطَمست الأخلاق ورُفع الحياء.
هذه الأمراض والانحرافات الخطيرة كنتُ أتساءل دائما عمن يمكن أن يكون وراءها، فيقيني يدفعني أن خلفها جهة خطيرة خطر هذه الكوارث الاجتماعية، فليس من الممكن ظهور شيء بدون سبب، وقد بحثتٌ عمن يكونون فعرفتهم، إنهم علمانيو بلدي.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *