لا أفهم كيف يحتقر المغاربة أنفسهم ويجادلون في شيء محسوم أمره منطقيا وهو تعريب التعليم. أليس لكل قوم حضارتهم ولغتهم يعتزون بها؛ خصوصا إذا كانت هذه الحضارة هي الإسلام وهذه اللغة هي لغة القرآن؟
أنا شخصيا عندي تكوين فرنسي وتذاكرت مع فرنسيين في هذا الموضوع وكثير منهم لا يفهمون احتقارنا لأنفسنا ولغتنا وحضارتنا وتاريخنا وانبهارنا انبهارا فوق اللازم بكل ما هو غربي.
لست متطرفا، نعم للتفتح، نعم لتعلم كل لغات الدنيا: “من تعلم لغة قوم سلم من مكرهم”. نعم للتعرف بالآخر، واحترام وجهة نظره الصالحة للمجتمع الإنساني، نعم للتساكن والتعارف.
وبالمقابل: لا لاحتقار النفس.. لا لمسخ الهوية.. لا للتقليد الأعمى كالغراب الذي يريد مشية الحمامة فلا هو مشى مشيته ولا هو مشى مشية الحمامة.
الذي ينقصنا هو العزيمة والثقة بأنفسنا.
ما الذي منع الصين من الاعتماد على اللغة الصينية والهند على اللغة الهندية وذلك دون تردد أو رجوع إلى مناقشة الأمر في أدنى عاصفة فكرية.
ما منعهم أي أحد؛ لأن ذلك من حقهم الشرعي ثبتوا وصبروا عليه، ومن أراد أن يشككهم في اختياراتهم المصيرية تنبهوا إلى مكره وعلموا أن مراده ليس النصيحة ولكن مذلة الشعوب ليبقوا جاثمين على خيراتهم.
هذا هو نظري المتواضع في أمر هذه اللغة التي تنكر لها أهلها وهي بمنزلة علية عند الله تعالى، وقد نزل القرآن الكريم بلسان عربي مبين محفوظ بحفظ الله، وهو آخر كتاب أنزله الله على آخر رسول محمد عليه أزكى الصلوات والسلام.
وعوض أن نمضي إلى الأمام دون إضاعة الوقت في التعريب إلى المراحل الأخرى نجد في كل مناسبة من يريد أن يثبط هممنا ويرجعنا إلى الوراء مدعيا أن أسباب مشاكلنا هي تعريب التعليم وما كان علينا أن نغير من التعليم الفرنسي قيد أنملة. إلى متى والفرنسيون الأحرار أنفسهم يجدون أنه من الطبيعي أن نعتمد على أنفسنا ونعتز بمقوماتنا.
إخواني لقد ظهرت بعض ثمار التعريب على التلاميذ وأحس بذلك جل الأساتذة، فلا يعقل أن نقف وسط الطريق لا إلى هؤلاء ولا إلى هؤلاء، فلا مفر من الإقدام على الخير ومن يتوكل على الله فهو حسبه والله لا يضيع أجر المصلحين.
وفي هذا الصدد أريد أن أشير إلى ظاهرة مخزية عمت جل مدن المملكة، وهي ظاهرة كتابة الأسماء بالفرنسية فقط على جدران المقاهي والمطاعم والمخابز وبعض المتاجر، وهذا سلوك غير مقبول بتاتا، فالدستور نص بشكل واضح في فصله الخامس أن العربية هي اللغة الرسمية للدولة، وأنه على الدولة أن تعمل على حمايتها وتطويرها، وتنمية استعمالها. وتعد الأمازيغية أيضا لغة رسمية للدولة، باعتبارها رصيدا مشتركا لجميع المغاربة، بدون استثناء”.
فواجهات المتاجر يجب أن تكتب بالعربية والأمازغية ثم بعد ذلك بالفرنسية. ويتعين أن تمنع هذه الظاهرة لأن أي دولة تحترم نفسها يجب عليها أن تحترم لغتها، فنحن هنا في المغرب ولسنا بفرنسا أو أي دولة أخرى.
اللهم اغفر لقومي فإنهم لا يعلمون.