مباشرة بعد رجوعه إلى الريف شرع في ممارسة التطبيقات الفقهية والنوازل القضائية، بإشراف وتوجيه من العالم الكبير في فقه النوازل المرحوم علي الخمليشي، وعيّن قاضيا لقبيلة بني يدر الجبلية، ثم نائبا لمدير الأحباس بالناظور، ثم مستشارا شرعيا بنيابة الأمور الوطنية بمدينة تطوان، ورئيسا لكتابة الصدارة العظمى (رئاسة الوزراء) في الحكومة الخليفية، التي كان يترأسها الفقيه محمد بن عزوز، فكاتبا عاما للصدارة، ثم عيّن وزيرا للأحباس بالحكومة الخليفية بمنطقة الشمال، دون أن ننسى توليه لفترة طويلة وبصفة مؤقتة إدارة شؤون مكتب رئيس المحكمة العليا للعدلية المخزنية بنفس المدينة.
أما المناصب العلمية التي تبوأها العربي اللوه في سلك التربية والتعليم، فنشير إلى تعيينه مدرسا بالمعهد الديني الثانوي منذ سنة 1935، وأستاذا بالمعهد الديني العالي في 10 فبراير 1945، وأستاذا جامعيا بكلية أصول الدين التابعة لجامعة القرويين، فعميدا لنفس الكلية إلى حين وفاته، فضلا عن مزاولته لمهنة الفتوى بالريف (الحسيمة والناظور) وتطوان.
أثناء حرب الريف، لعب العربي اللوه دورا مهما في دعم الجهاد الريفي، حيث كان يقوم بدور الوساطة بين زعماء القبائل الجبلية (بني منصور، وادراس، بني يدر، جبل حبيب…) لتحريضهم ضد الإسبان، وبين أخيه عبد الكريم المستقر بمدينة طنجة، والذي كان يزود المقاتلين بالمال والسلاح، وكان مشهورا في طنجة والمغرب بل حتى في الجزائر لقيامه بأدوار سياسية لصالح الثورة الريفية، ولم يكتف العربي اللوه بهذا حسب ما جاء في بعض المصادر، بل حمل السلاح في وجه المستعمر الإسباني وقاوم إلى جانب إخوانه، ورغم إيمانه العميق “…بأن التحزب أو الحزبية ما هي إلا من أعضل المعضلات التي تمزق الشعوب وتشتت كيانها وتبدد أوصالها…” فقد شارك بعد استقلال المغرب في أول انتخابات برلمانية أجريت سنة 1963 وفاز بها.
مؤلفاته
للعلامة اللوه عدة مؤلفات نذكر منها ما يلي:
1 ـ (أصول الفقه) تناول فيه بكثير من الدقة المنهجية تعريف علم أصول الفقه ومصادر التشريع الإسلامي، ونشوء مختلف المذاهب الإسلامية وأعلام هذه المذاهب والأصول التي استندوا عليها، إلى غير ذلك مما يرتبط بهذا المجال.
2 ـ (الرائد في علم العقائد) عرف فيه علم العقائد وأعطى نبذة عن تاريخه، وفصل الكلام في علم التوحيد والوحي وأنواعه، وعدد الأنبياء والرسل وصفاتهم وغير ذلك كثير.
3 ـ (المنطق التطبيقي) عرف في مؤلفه هذا علم المنطق مبينا فضله ومزاياه، ساردا مبادئه وأركانه وفروعه ومداخله إلخ.
4 ـ (المنهال في كفاح أبطال الشمال) وثق فيه للأعمال البطولية التي قام بها المقاومون بالشمال ضد الاحتلالين الإسباني والفرنسي، وما قدموه من تضحيات جسيمة في سبيل وحدة الوطن وتحريره، وصدرت طبعته الثانية سنة 2009 عن مطبعة الخليج العربي بتطوان،
رغم كل هذا فإن جوانب عدة من شخصية هذا العالم الفذ لم تقدم للقراء بعد، أو قدمت لهم من قبل أشخاص قلائل بشكل لم يشف غليلهم بعد، نظير تاريخ الرجل النضالي واتجاهه السلفي في محاربة البدع والأهواء، وأفكاره الفقهية المتضمنة في فتاواه التي تحتاج إلى من يجمعها، وكذا آراؤه السياسية.
وفاته:
بعد مسيرة علمية زاخرة بالعطاء، انتقل العربي اللوه إلى جوار ربه يوم الخميس 22 ذي القعدة 1408هـ الموافق لسنة 1988م، وصلى عليه العلامة أحمد بن تاويت، دفن بعدها بمقبرة سيدي المنظري خارج باب المقابر بتطوان.
لمعرفة المزيد عن علامتنا انظر مقال للأستاذ فؤاد الغلبزوري بعنوان: “العلامة العربي اللوه”.