معركة برابح وسيدي عبد الكريم (السدرة) أيام 15 و16 و17 فبراير 1908م:
حيث هاجم المجاهدون قوات الغزو وعلى وادي انفيفخ يومي 16 و17 فبراير 1908م، مما أدى بتلك القوات إلى التراجع نحو فضالة، لتعود مرة أخرى صباح يوم 18 قرب ضريح سيدي عبد الكريم، حيث دارت معركة السدرة التي خسرت فيها 69 فردا بين قتيل وجريح بينهم ضابطان، وفي ذلك تقول المصادر السالفة “يوم 16 فبراير في شعب بير رابح، اصطدمت كتيبة الشمال بجماعات عديدة قطعت عليها طريق المرور فاضطرت للانكفاء نحو فضالة، وأما فيالق الجنوب فإنها بعد أن استولت يوم 17 على النجد الذي ترتفع فيه قمة سيدي نادر أو نويدر، أصبحت منذ الغد مستهدفة لإرهاصات عدو لا سبيل إلى ضبطه، وبعد تجمعها بالقرب من واد عياطة غير بعيد من طريق سيدي داود تراجعت يوم 19 فبراير إلى الدار البيضاء للحصول على مؤونتها ” ندوة ص:81.
وفي يوم 27 فبراير قرر “داماد” القضاء على لمداكرة، فحشر مجموعة الجنود الذين شاركوا في العمليات السابقة حوالي 5000 رجل و1500 فرس وبغل في اتجاه وادي المالح، ووصلت الطوابير بدون عائق إلى عين مكون، وتوقفت هناك في انتظار قافلة آتية من مديونة، لكن في هذه الأثناء تعرض جناح الحراسة من الخيالة المستقر في فخاخة للتغطية على عمليات التمويل لهجوم أعداد كثيرة مهاجمة شرسة، ووجدت ثلاث مجموعات من قناصي إفريقيا نفسها محاصرة، ولم ينقدها إلا تدخل كتيبة من الرماة.
معركة فخاخة 29/02/1908: حيث توجد قصبة الحاج المكي بن البهلول التي اتخذ القائد الحفيظي عمر السكتاني من سورها مركزا لقيادته، وتحصين بعض المدافع التي بحوزته، وقد ترك المجاهدون الغزاة يدخلون بينهم تم هجموا عليهم مما جعلهم يتراجعون متكبدين خسارة 60 منهم، أما المغاربة فأصيب منهم 12 من المداكرة و30 من رجال السكتاني وجرح المجاهد عمر بن منصور قائد الهجومات وحامل العلم.
يقول الجنرال “داماد” في رسالة إلى وزير الحرب:
“مخيم سوق الإثنين 29 فبرار 1908م
تحركت مع القوات إلى سوق الإثنين بواد المالح حيث واجهنا ثوار المداكرة المتعصبين التابعين لمحلة عمر السكتاني. الفرسان كانوا على مقربة مكلفين بحمل المواشي والمجروحين، حيث حملوا 10 قتلى و34 جريحا.
لقد أمرت بالهجوم على الأعداء على طول 7كلم، المعركة دامت من 8 صباحا إلى سقوط الليل”.
ونقلت جريدة لسان المغرب عدد 26/02/1908م عن جريدة (الاكودي دي باري) الباريزية: أن الإجراءات الحربية في المغرب على ما يظن قد توقفت إلى حين، ريثما يصل الجنرال “دماد” مدد آخر من العساكر، ومن المحتمل أن الجنرال ليوطي يتولى قيادة تلك العساكر التي يكون مجموعها من 3000 إلى 5000 جندي.
ولعل هذا الخبر جاء نتيجة لما كان يدور في الجمعية الفرنسية من مناقشات حول الغزو الفرنسي للمغرب والخسائر المالية المتصاعدة في القوات والمعدات، مما أدى بوزارة الحرب إلى طلب تخصيص 16 مليون فرنك للإجراءات الحربية بالدار البيضاء (لسان المغرب عدد:27-06/06/1908)، لأن السبعة ملايين المخصصة في الميزانية 1907م قد نفذت جميعها. كما صرح بذلك وزير الحرب في الجمعية العامة، كما اقترح تعزيز جيش الجنرال “داماد”.
أما وزير البحرية فقد أعلن أن نفقات البوارج الموجود في المياه المغربية تبلغ 400 ألف فرنك شهريا” نفس المصدر.
ونقلت نفس الجريدة عدد:27 – 06/03/1908 أن الحكومة الفرنسية تناولت بالدرس جواب الجنرال “داماد” الذي يقول فيه بأنه لا يوافق على توقيف الإجراءات الحربية، بل يجب مطاردة العدو ولذلك برح الدار البيضاء مع جيشه في 28 فبراير ووجهته قبائل لمداكرة، فأجابته الحكومة مفوضة إليه التفويض التام أن يجري المقتضى، أما من جهة مده بالعساكر فهي ستبلغه فيما بعد ما يقر رأيها عليه في هذا الشأن (…) وقد قرّ رأيها على ضرورة تعزيز جيش الجنرال “داماد” بفرقتين تبحران من تونس، وفرقة من قسنطينة، وكوكبة من الخيالة، وألف ومئتان من عساكر السنغال، فيكون مجموعهم 4000 جنديا معهم عدة مدافع مجهزة ومدافع رشاشة”.
وقد أوردت نفس الجريدة بأن معركة بين العساكر الفرنسية وقبيلة لمداكرة في نواحي سوق الخميس على ضفة وادي المالح يوم الجمعة الماضي استمرت طوال النهار، وكان “داماد” يقود بنفسه أربع فرق منها: فرقة ابن الرشيد وفرقة فضالة، فخسر الفرنسيون من خيالتهم 10 قتلى، منهم ضابطين صغيرين و23 من المشاة 3 قتلى و17جريحا”.
وفي أول مارس واصل “داماد” العمليات ضد لمداكرة وهدفه مكارطو وهو كتلة صخرية عارية تسد نهر اعسيلة كانت معقلهم. وفي 8 مارس دارت هناك معركة قاسية في اتجاه ضريح سيدي عسيلة، حيث أحرقت القوات الفرنسية خيام السكان، وذبحت السكان في أحد شعاب جبل مكارطو ممن كانوا هناك من لمداكرة واولاد محمد.
في فاتح مارس 1908م أبرق وزير الحرب إلى الجنرال “داماد” بأن الحكومة وضعت رهن إشارته فيلقين من المشاة السنغاليين، يتألف كل واحد من 600 جندي سيغادرون إلى الدار البيضاء يوم 8 مارس للانضمام للقوات المتحركة في الشاوية.
وفي 3 مارس 1908م أبرق إليه أنه سيضع رهن إشارته فيلقين من القناصين الجزائريين، وواحد من زواوا، وآخر من قناصة إفريقيا، ومدافع عيار 75 ملم.
وفي 8 مارس 1908 بعث الجنرال “داماد” إلى وزير الحرب البرقية التالية:
“مخيم واد اعسيلة 8 مارس 1908م
العملية التي قدتها في أعالي واد اعسيلة ضد لمداكرة من الشمال إلى الجنوب، تراجع فيها الأعداء رويدا رويدا على الجبهة الشمالية في خط يمر عبر سيدي عسيلة ليسقطوا في منحدر مكارطو والعشاش، وقد أوقفت إطلاق النار عندما تقاطر الناس لأخذ القتلى والجرحى.
في الجنوب حضر امزاب، لمساعدة، لمداكرة. دامت المعركة ستة ساعات صباحا وستة ساعات مساء”.
في هذه المعارك أسرت قبائل لمداكرة أوربيين: واحد إيطالي، والآخر فرنسي، انظر: لسان المغرب عدد:28- 13/3/1908م، وقد تم فدائهما 700 ألف بسيطة أعطيت للقبيلة. وعن نفس الجريدة عدد:29 -20 مارس 1908 تورد الرواية التي نقلتها عن مراسلها بالدار البيضاء حيث يقول:
يوم الأحد الواقع في 8 مارس الساعة الثامنة والنصف صباحا أغارت الجيوش الفرنساوية على قصبة سيدي بوعزة فاضطر العربان إلى الجلاء عنها والركون إلى الفرار، فتبعهم الفرنسويون إلى واد هناك حيث تجمعت جموعهم وصبوا عليهم مدافعهم وانتهى القتال في الساعة 3 بعد الظهر، وفي 13 مارس ما يزال “داماد” يتجول في أرض لمداكرة بجيوشه دون أن يلقى مقاومة لأن السواد الأعظم من القبائل قد التجأ إلى جبال العشاش وهو الآن لم يتوغل في مضايق تلك الجبال.
وجاء منه باللاسلكي، بتاريخ 10 مارس من سيدي الهادي يقول: إن فرقة من جنوده زايلت سيدي عبد الكريم متجهة نحو قصبة بن احمد التي هي دوار كبير في قبيلة امزاب، وأن كثيرا من كبراء تلك القبائل قد عقدت الصلح معه طائعين.
وقيل أن الشيخ البوعزاوي زعيم الطريقة الدرقاوية المعروف قد طلب مواجهة الجنرال “داماد”.