البوعزاوي في مواجهة اليوطي

سبق الإشارة لبعثة ليوطي إلى الشاوية لاستقصاء أحوال سير العمليات القتالية لجيوش الإحتلال، وأثناء مقامه بعث بعدة برقيات إلى وزارة الحرب قبل أن يقدم تقريره الشامل بتاريخ 30/04/1908.

وفي برقية من وزير الحرب الفرنسي إلى الجنرال دماد من باريس بتاريخ 29 مارس 1908 (رقم:210 ص:86) جاء بها:
لقد استحسنت برنامج عملياتك الذي أبلغني به الجنرال ليوطي، أذكر بأني سأبعث لك بما يجب عمله لاحقا فلا تتحرك الآن جنوبا بعد سطات.
وفي برقية من دماد إلى وزير الحرب (رقم:211 ص:186) جاء بها:
من سيدي عسيلة 29 مارس 1908.
انتقلنا إلى المرحلة الثانية من برنامجنا، أقترح أخذ بعض قوات النواحي لمتابعة عملية التهدئة.
في هذا الإطار توجهت صحبة من معي إلى ملحقتنا المتواجدة بناحية لمداكرة حيث انتقلنا إلى حدود تلك الناحية وكان ذلك مفيدا حيث نتج عنه تعرف القائد الجديد الملحق بالناحية وهو الكولونيل برانليير على أكبر قدر من مساحتها.
أسجل بأن بقايا من مزاب وغيرهم من قبائل لمداكرة المستقرين معادين قد فرضوا علينا مقاتلتهم للمرور بناحيتهم في المواجهة مع فرساننا المكونين من مفرزة من القناصة الأفارقة السادسة، وأخرى من الصبايحية الأولى، حوالي 300 جندي مشاة ظهروا فجأة من أعالي الحقول ذوي كفاءة عالية؛ وأثناء المعركة قتل قائدا المفرزتين وهما ليوطنا سيلفستر وليوطنا برامودا ومعهما في نفس الوقت فارسان من فرقة القناصة الأفارقة السادسة و3 صبايجية أهليين وجندي مشاة أهلي .
الخيالة انسحبوا بسرعة دون أن يبقى أحد بيد الأعداء الذين تابعناهم إلى مكارطو حيث تقدم المشاة إلى نهر وادي فكاك حيث توجد نقطة الفصل بين النواحي والحقول المتاخمة للبلد وهي ناحية شديدة الوعورة مجهولة كليا لدينا، حيث سنحاول بسرية وسلاسة مراقبتها والتحرك فيها. ولما حلّ الليل خيم الجند في اعسيلة.
الـﮝوم الجدد، الجزائريون الوافدون حديثا اندمجوا في القوات مع الخيالة النظاميين وأدخلوا على الوجه الأكمل والملائم في الميدان الصعب مع خصم يصارع باندهاش .Un adversaire qui lutta admirablement
دور الخيالة يطرح مخاطر تتلخص بأن أحسن تنظيم هو مهارة المناورة التي لا يمكن تفاديها.
وفي رسالة (رقم:212 ص:187) من دماد إلى وزير الحرب حول متابعة ما سلف بعث يقول:
من معسكر بوشرون-الكارة-30 مارس 1908:
القوات توقفت اليوم في وادي عسيلة بين دار سي بوعزة بن الشركي وسوق الخميس، المعسكر الملحق بناحية لمداكرة أقيم في ملتقى الوادي، وأكمل بهوائيين أقيما بدار السي بوعزة الشركي وفوق كتلة صخرية معروفة بالناحية باسم كارة لمداكرة. هذه النقطة عبارة عن مكان تجمع حربي للمحلات العاملة في الناحية ومن أجل تكريم ذكرى ليوطنا سيلفستر الذي قتل بالأمس من طرف الأعداء أطلقت اسمه على أحد المخيمين.
وفي برقية لأمرال البحرية الفرنسية الراسية بالدار البيضاء أرسلت إلى وزير الحرب جاء فيها: الدار البيضاء في 30 مارس 1908 (رقم:213/ص:87).
عامل أزمور سي عيسى قاد شخصيا محلة مسنودا ومدعوما من طرف ناحية اشتوكة هجوما على ناحية الشياضمة لأن هذه الأخيرة وقائدها المعيزي خضع وأذعن للجنرال دماد، وبعد قتال دام يوما وفي الوقت الذي كان فيه العدوان قريبا من النهاية قتل المعيزي فجأة.
وجاء في جريدة لسان المغرب عدد:32 بتاريخ 10/04/1908:
أقام الفرنسيون ثلاث مراكز حربية معززة بالمدافع، إحداها في دار بوعزة بن سليمان، والثاني في دار أولاد صالح، والثالث بالقرب من سوق الخميس، وذلك لمحاصرة قبائل لمداكرة والتضييق عليهم حتى يرجعوا إلى الطاعة.
ومنها أيضا (7 أبريل): احتلت الجنود الفرنسوية سطات ثانية بدون قتال بعد أن فارقها من كان فيها من محلة مولاي حفيظ عابرين واد أم الربيع، وقد أرسلت قبائل لمزامرة إلى الجنرال دماد رؤساءها لإعلان الطاعة.
تقابل حضرة وزير فرنسا “رونو” في بن الرشيد مع قواد مديونة وأولاد زيان وأولاد حريز، ثم توجه لتفقد المراكز المقامة على حدود لمداكرة، فوجدها على ما يرام والهدوء سائد في البلاد من الدار البيضاء إلى دار بن الرشيد.
ودون شك فإن هذه الزيارة ضمت ليوطي أيضا الذي بعث برقية إلى وزير الحرب (رقم:220/ص:192) جاء فيها:
برشيد في 6 أبريل 1908:
الجنرال دماد ترك في المداكرة بمعسكر بوشرون -الكارة- قوة كبيرة هناك تتكون من أربعة كتائب مع فرسان ومدفعية ومصلحة للخدمات تحت قيادة برادليير، وذلك لتأمين احتلال الناحية ومتابعة مراقبة لمداكرة وتجمعات المعادين الذين يعملون على تقوية المحلة الحفيظية وإمكان مواصلة ظهور زيان في شرق وادي امزابرين، هذا الإلتحاق من شأنه تأمين حماية الضفة اليسرى وحرية العمل بها. وستدخل سبعة كتائب لبرشيد اليوم لتستريح غدا 7 أبريل.
سطات، هذه النقطة ما تزال أيضا في يد المحلة الحفيظية بقيادة البوعزاوي مشكلة ضغطا على لمزامرا التي تنتظر إعلانها محمية لنا. وهي تعتبر بالتأكيد مركزا سياسيا وأيضا مفتاحا عسكريا للمزامرا، وهي ضرورية لضمان أمن هذه الناحية من الشاوية ومواصلة حماية أطرافها أخيرا بواسطة هذه النقطة المقامة مؤقتا كملحقة جهوية، والتي ستقام كمثيلتها في المداكرة. طبقا لبرقيتكم السالفة في 29 مارس القاضية بعدم إقامة إنشاءات في الجنوب.
وتجدر الإشارة أن وزير الخارجية بيشون بعث برسالة من باريس إلى رونو بطنجة بتاريخ 1 أبريل 1908 حول البوعزاوي جاء فيها:
أبلغني عضو بالبرلمان الفرنسي بنسخة من رسالة كتبت من طرف الجنرال دماد بتاريخ 13 مارس يتحدث فيها الجنرال على احتمال قبول الشيخ البوعزاوي الخضوع والإذعان قائلا ما يلي:
“ينبغي أن يفهم أن هذا الإذعان؛ يختار أن يقدم للسلطان عبد العزيز بالرباط”، لقد فهمت واستحسنت كل الاحتياطات التي اتخذها الجنرال من أجل تجنب إعطاء مولاي حفيظ حججا ليتقدم كمحاور لنا بشكل سلطان، لكن لن نلزم قواد النواحي الذين يريدون منا قيادتهم للوصول إلى الرباط ليقدموا الطاعة والولاء لعبد العزيز في إطار الرسالة الموثوقة التي أتحدث عنها.
ألتمس منكم القول للجنرال بأنه ليس هناك شكل نموذجي للمرافقة أشير به، هذا ما يمكن أن أقوله حول هذه الرسالة (رقم:220/ص:192).
وحول احتلال سطات بعث دماد إلى وزير الحرب برقية (رقم:221/ص:192) جاء فيها:
سطات: 07/04/1908.
من أجل مراقبة مستجدات دلالات حركة محلة مشرع الشعير نحو الشاوية، وفي نفس الوقت متابعة الجزء الثاني من مخططي في الإستيلاء على سطات التي تراقب كل الطرق المحورية، أبحث عن الناحية المناسبة لإقامة مركز جهوي يستجيب لمراقبة سير عمليات الإحتلال.
تباعا واصلنا دون حوادث إلى سطات التي غادرتها محلة البوعزاوي يوم 16 أبريل بعد وقوع خسائر جديدة فيها.
ساكنة سطات عادت هذه المرة بكثافة، واستقبلت القوات الفرنسية كمحررة منتصرة كانت تتمنى قدومها من مدة.
لقد نصبت قائدا في القصبة، أما محلة البوعزاوي فتراجعت نحو مشرع الشعير، وهي توجد اليوم على بعد ثلاث ساعات من المشي جنوب سطات، وأجد أن معسكرنا آمن ولا خوف عليه. النواحي المجاورة أعلنت خضوعها وعدد من القياد زارونا أو تلاقوا مع وسطائنا من الموظفين والقياد في أهم نواحي اولاد سعيد.
بيد أن رسالة ليوطي إلى وزير الحرب رقم:222 الصادرة من سطات في 08/04/1908 تقول:
وصلتنا معلومات مؤكدة بأن البوعزاوي مع 500 فارس من المحلة الحفيظية تقدمت يوم 5 أبريل بـ12 كلم غرب برشيد حيث يعسكر كثير من قياد اولاد حريز طالبا منهم الانضمام إليه لمقاتلتنا، فأجابوه بأن الفرنسيين يعسكرون هناك، فضغط عليهم بواسطة أتباعه ودخلوا سطات من جديد.
وأرى أن هذه المعلومات ذات دلالة هامة على:
1- صواب حركة تمركزنا بسطات من أجل إعادة الأمن والسلام إلى الناحية.
2- تأكد عدوانية كافة العناصر الحفيظية التي مهما كان إنكارها ومفاوضتها الوهمية، حيث تبرز هذه الأنشطة أنها أعوان للفوضى والإضطراب.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *