أبو القاسم بن أحمد بن علي بن إبراهيم الزياني (1147ـ1249هـ/1734ـ1833م)

تتمة موقفه من التيجانية
ثم بعد مدة قال لهم: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم علمني صلاة قالها وصلى عليه بها، خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم، من رمسه، وجاءه بسبب ذلك يزوره بنفسه، وإذ ذكرها جماعة منكم وأزالوا عنهم ثيابهم ووضعوها بين أيديهم شبه القطينة، يأتي إليهم النبي زائرا ويجلس عليها بذاته الشريفة، وأنه صلى الله عليه وسلم أخبره بأن له ولأصحابه تقدما وشفوفا على كل حر وعبد وذكر وأنثى كبير وصغير، وأنه منذ عصر الصحابة لم يكن له نظير، وأن طريقته أفضل الطرق كلها على الإطلاق والشمول والاستغراق، وأعطاها له رسول الله صلى الله عليه وسلم منه إليه، وأن تلاميذه تلاميذ رسول الله صلى الله عليه وسلم وفقراؤه، وأنه لم تكن هذه الطريقة لغيره إلى النفخ في الصور، وأن أصحابه عند الله ورسوله في الدنيا والآخرة في نعم وسرور، من فضل الله والعز الأكبر، والبرهان الساطع الأنور، وذلك أمر لا مطمع فيه لغير الصحابة من جميع الأولياء حتى الأقطاب لا يلحقون مراتب أصحابه في الآخرة وأنه لا يتأتى لطريقتي إلا التفرد بها، فمن ذكر ورد أحد من المشايخ مع وردي فهو خارج عن طريقتي المحمدية، وكل طرق المشايخ تدخل عليها طريقتي وتبطلها، ولا يخاف من ترك طريقة غيري لطريقتي في الدنيا ولا في الآخرة، ومن تعمد وأدخل طريقة أخرى على طريقتي حل به الهلاك في الدنيا والآخرة، ومن ترك طريقة غيري لأجل طريقتي فهو آمن في الدنيا والآخرة، قبحه الله وقبحهم أجمعين.
رحلاته ومغامراته
وقد قسم رحلاته و مغامراته إلى:
– رحلته الأولى لأداء الفريضة والزيارة سنة 1169هـ.
– الغرق في بحر قزوين وتلف المال والرجوع إلى المغرب سنة 1171هـ.
– التعلق بالكتابة والخدمة السلطانية ونهي والده عنهما إلى أن حصلت له النكبة سنة 1184هـ (نفذ مال والده وباع جميع كتبه).
– الخلاص من النكبة والرجوع للخدمة والتمكن في الدولة وما تخلل ذلك من الحوادث إلى أن عيّن سفيرا باسطنبول (تركيا-آل عثمان) عام 1200 إلى 1204هـ.
-تعيينه سفيرا للمغرب بإقليم الأندلس.
– النكبة في أيام السلطان اليزيد والتقلب في سجون المغرب حتى موته سنة 1206هـ والخروج من السجن وبيعة السلطان مولاي سليمان.
– ولايته لمدينة وجدة بالإكراه من السلطان مولاي سليمان، وسفره منها حتى وهران وتلمسان والمكوث فيها سنة ونصف.
– سفره إلى القسطنطينية ثمّ إلى افريقية (تونس).
– سفره من تونس إلى اسطنبول.
– سفره من اسطنبول إلى دمشق الشام (دار السلام) كما لقبها.
– زيارة إقليم الشام وما بها من المدن.
– زيارته الجزيرة العربية ثمّ إلى بلاد ما بين النهرين (العراق)، ودخوله بغداد فالمدينة ثمّ مكة لأداء مناسك الحج.
– زيارته لليمن ثمّ بلاد الزنج والحبشة وأرض الهند والسند وأرض الصين.
– مقامه في مصر ثمّ الإسكندرية ثمّ الجزائر ثمّ رجوعه إلى فاس وعودته للخدمة السلطانية.
وفاته
مع الحفاظ له بما يحتاج إليه ماديا، فلم يكترث الزياني لكل ما حدث من بعد ولم يتحول عن خطته التي رسمها لنفسه، وهي التأليف وعدم الاهتمام بما دون ذلك لأنّه أخذ من الحياة ما يكفيه، وبذلك انقطع عن الناس غير مكترث بما يحدث إلى درجة أن بعضهم لما عاب عليه انقطاعه قال في ذلك:
أنست بوحدتي ولزمت بيتي فدام الأنس لي ونما السرور
وأدبني الزمـان فما أبالـي هجــرت فلا أزار ولا أزور
ولسـت بسائل ما دمت حيـا أسار الجنـد أم خرج الأميـر؟
وإذا كانت هذه الأبيات تكاد تفصح لنا عما كان عليه أبو القاسم الزياني من عزلة ومقاطعة بمنزله، وكيف قضى هذه العزلة التي استمرت من يوم انقطاعه عن العمل الإداري سنة 1224هـ/1809م إلى سنة 1249هـ/1834م حيث انتهى أجله أيام المولى عبد الرحمن بن هشام بفاس عصر يوم الأربعاء 4 رجب عام 1249هـ عن نحو مائة سنة وخمس سنوات كما قيده بذلك القاضي أبو الفتح ابن الحاج ودفن بفاس.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *