إدريس الثاني بن إدريس الأول (177-213هـ / 793- 828م)

إدريس الثاني أو إدريس الأزهر، هو إدريس بن إدريس بن عبد الله بن الحسن المثنى، أبو القاسم ثاني ملوك الأدارسة في المغرب الأقصى وباني مدينة فاس، كان عاملا بكتاب الله تعالى، قائما بحدوده، راويا لحديث النبي صلى الله عليه وسلم، عارفا بالفقه والسنة والحلال والحرام وفصول الأحكام، ورعا تقيا جوادا كريما حازما بطلا شجاعا، له عقل راجح، وحلم واسع، وإقدام في مهمات الأمور، أحبته رعيته، واستمال أهل تونس وطرابلس الغرب والأندلس إليه، وصفا له ملك المغرب وضرب السكة باسمه، توفي رحمه الله بفاس سنة ثلاث عشرة ومائتين.
ولمولاي إدريس الثاني بعض من الأشعار التي تُروى.
كان رحمه الله شجاعاً كريماً، وفي إحدى معاركه يُذَكر أن داود بن القاسم الأوْرَبي وهو من أمراء البرابرة قد رآه يكرّ على الأعداء من كل جانب ثم يعود إلى رايته، والأعداء أضعاف جيشه والحال هذه ورفاقه قد جفّت حلوقهم وجحظت أعينهم، فسألوه عن سر شجاعته فأجابهم بهذه الأبيات:
أليــــس أبونا هاشم شَّدَ أزرَهُ وأوصى بنيهِ بالطِّعان وبالضَّربِ؟!
فلَسنا نَملّ الحربَ حتّى تملَّنا ولا نشتكي مما يؤولُ مــن النَّصبِ
مواقفه
وجاء في”الأنيس المطرب بروض القرطاس في أخبار ملوك المغرب وتاريخ مدينة فاس”: وذكر ابن غالب في تاريخه أن الإمام إدريس لما فرغ من بناء مدينة فاس، وحضرت الجمعة الأولى، صعد المنبر وخطب الناس، ثم رفع يديه في آخر الخطبة فقال:
اللهم إنك تعلم أني ما أردت ببناء هذه المدينة مباهاة ولا مفاخرة ولا رياء ولا سمعة ولا مكابرة، وإنما أردت أن تعبد بها ويتلى بها كتابك وتقام بها حدودك وشرائع دينك وسنة نبيك محمد صلى الله عليه وسلم ما بقيت الدنيا، اللهم وفق سكانها وقطانها للخير وأعنهم عليه، واكفهم مؤنة أعدائهم وأدر عليهم الأرزاق، واغمد عنهم سيف الفتنة والشقاق إنك على كل شيء قدير.
قال داوود بن القاسم بن عبد الله بن جعفر الأوربي: شهدت مع إدريس بن إدريس بعض غزواته للخوارج الصفرية من البربر، فلقيناهم وهم ثلاثة أضعافنا، فلما تقارب الجمعان نزل إدريس فتوضأ وصلى ركعتين ودعا الله تعالى، ثم ركب فرسه وتقدم للقتال، فقاتلهم قتالا شديدا، فكان إدريس يضرب في هذا الجانب مرة ثم يكر في الجانب الثاني، فلم يزل كذلك حتى ارتفع النهار فرجع إلى رايته.
وفاته:
وهكذا مات إدريس فجأة في 10 جمادى الآخر سنة 213 (29 غشت 828) في العهد الذي كان فيه زيادة الله بن الأغلب واليا على أفريقية، وكان سن إدريس عند وفاته ستا وثلاثين سنة.
ولئن ذكر صاحب “الأنيس المطرب بروض القرطاس في أخبار ملوك المغرب وتاريخ مدينة فاس” أن سبب موته هو أنه شرق بحبة عنب، فإن مصادر أخرى مثل البكري وابن عذاري تذكر أنه مات مسموما.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *