جاء في رسالة “دوبيليي” رقم: 192، إلى وزير الخارجية من طنجة، بتاريخ 18 أبريل 1911:
بعث لي قنصلنا بفاس البرقية التالية بتاريخ 10 أبريل1911:
بعث السلطان إلى جميع قبائل الحوز، بجمع حركة من القبائل المستجيبة لندائه، لكن المشكلة المطروحة على الحركة هي مسألة المرور من الرباط.
السلطان طلب من الحكومة الفرنسية أن تضع رهن إشارته جزء من كوم الشاوية، إذا ما قامت حركة الشاوية وتم استدعاؤها، بمعنى استدعاء الخليفة، وقياد الشاوية لحراسة الحركة بالخيالة والمشاة حتى توضع رهن إشارة السلطان على العادة المتبعة.
السلطان يعتقد أن حكومتنا ستعمل كل ما يمكن أن يسهل جمع الحركة بالشاوية، وتبرق لقائد الاحتلال بالتعليمات اللازمة كي يعطي الأمر لسيدي محمد لمراني خليفة السلطان بالدار البيضاء لجمع مساعديه بسرعة، لتنظيم الحركة والسير معها إلى الرباط.
مولاي حفيظ يريد مشاركة منفيي بني مسكين، ودكالة، في حركة الشاوية، ويعتقد أن الجنرال “موانيي” سيعمل على ذلك.
وأخيرا كتب السلطان إلى لمراني بالاجتماع مع متطوعي باقي القبائل الموجودة بالرباط، وترك له الحرية في اختيار الطريق التي يريد أن يسلكها، إذا ما كان الجواب بالإيجاب على اختيار مولاي حفيظ فإنها ستكون جاهزة تماما في أقرب وقت، وستكون تلك العملية علامة على أن الحوز مستعدون لدعم تحرك المخزن” ص: 216.
وفي نفس التاريخ أي 18 الجاري، بعث نفس المسؤول إلى رئيسه السالف الذكر، البرقية رقم: 193 ص: 217 جاء بها:
“بعث لي “كيار” ببرقية مؤرخة في 13 الجاري يقول:
نحن محاصرون بفاس، أولاد جامع ارتدوا وأخلوا بالتزاماتهم، وبني امطير هاجموا أمس فاس الجديد بعنف، وعسكروا بمسلة، لكنهم ردوا بعدما تكبدوا عدة خسائر، الكولونيل “برنلي” حاول التقدم، لكن عليه الانتظار بسبب سوء المواصلات، لقد بعثت بعدد من الرسائل، نطلب باسم السلطان مولاي حفيظ، القيام باستدعاء حركة الشاوية المتوقفة في الرباط، تحت قيادة لمراني.
المعمرون الأجانب سيكونون في وضعية شديدة الحرج إذا ما خسر المخزن، وستتم مؤاخذتهم بشدة، مما يجعلني أثير انتباهك إليه، بوجوب التحرك بحزم في القبائل العربية خاصة المخزنية، وعند البربر.
إذا نادت جماهير فاس بشيخ الربيع، سأقيم علاقات رسمية معه، لكن شيخ الربيع بالمدينة سيكون هو نفسه غير قادر على فعل شيء أمام جماهير المدينة، وأن البربر سيطلبون من مدربينا إلقاء السلاح، وعدم المقاومة”.
وفي 19 أبريل 1911، كتب “دوبيليي” لوزير الخارجية من طنجة رسالة رقم: 197، بما يلي:
“أطلعني القبطان مورو، في رسالة مؤرخة بـ17 من الجاري، يقول بأنه توصل من الكومندان “بريموند” برسالة جاء بها:
بتاريخ 12 من الجاري قامت المحلة بخوض معركة حقيقية حول القنصلية الفرنسية بفاس، واستغرقت حتى مساء يوم 13، القبطان “كلاي” طرد ما بين 3000 إلى 4000 من اشراردة، حيث قتل منهم حوالي 150.
يتوقع الكومندان “بريموند” أنه سيتوجه بعد الغد إلى الحجرة الشريفة، حيث يظن أنه سيصلها يوم 15، لا جديد في أخبار فاس” ص: 219.
الحكومة الفرنسية تستجيب لطلب مولاي حفيظ
جاء في رسالة من وزير الخارجية الفرنسية، إلى المكلف بالمصالح الفرنسية بطنجة ما يلي:
“باريس 19 أبريل 1911، رقم: 198:
لقد عزمت الحكومة الفرنسية على اتخاد قرار الاستجابة لطلب مولاي حفيظ بالسماح للجنرال “موانيي” بالعمل على قيام حركة الشاوية، لذلك يمكن القيام على وجه السرعة بإعطاء التعليمات في هذا الإطار لقائد قوات الاحتلال ليتم ذلك العمل بالسرعة المطلوبة.
كما يجب احتلال قصبة القنيطرة في أقرب وقت ممكن، وقيادة قافلة ذخيرة مخصصة للكومندان “بريموند”.
على الجنرال “موانيي” أن يتفادى كل نية في إرفاق كثير من الضباط، مع لمراني للاستشارة، والاستيلاء على سلطة الخليفة، وقياد الشاوية الذين يقودون المتطوعين” ص: 220.
وكتب الوزير نفسه إلى مرؤوسه السالف الذكر، في نفس التاريخ رسالة رقم: 199 من باريس، يقول فيها:
“لقد أقرت الحكومة الفرنسية المعيار الواجب اتخاذه من أجل حماية المعمرين الأجانب، في حالة ما إذا تفاقمت الوضعية بفاس، وجعلهم في خطر.
الحكومة تريد تحقيق ذلك الاحتمال في الوقت الذي يجب التركيز فيه على حماية حدود كوم الشاوية.
أرجو إعطاء الأوامر للجنرال “موانيي”، للقيام بدراسة سريعة للمعلومات الخاصة بحدود الشاوية، وجعل القوات الفرنسية، وكوم الشاوية يقدمون المساعدات للمعمرين الأوربيين بفاس.
أمر الحكومة واضح وصريح، بأن يوضع الكلون المكون من القوات الفرنسية وكوم الشاوية في حالة تأهب للسير، على أن يتفادى احتلال الرباط وهو يقطع نهر بوركراك ويترك بينه وبين المدينة مسافة تمكنه من تفادي احتلالها” ص: 220.
ألمانيا تعارض توجه القوات الفرنسية لفاس
جاء في رسالة من سفير فرنسا بألمانيا إلى وزير خارجيته من برلين، في 19 أبريل 1911:
“استقبلت من طرف المستشار وشرحت له المستجدات التي توصلت بها من طنجة، والتدابير المتخذة من طرف الحكومة الفرنسية في الموضوع، سواء فيما يتعلق بتكوين محلة بالشاوية للتوجه إلى فاس لفك الحصار عليها، أو تقديم المساعدات الضرورية للمعمرين الأوربيين بالعاصمة المحاصرة عند اللزوم.
المستشار أجابني بأن ما توصل به في هذه الليلة من الوزير الألماني بطنجة يشير إلى أن الأوضاع أقل سوء مما شرحته، وأن الخلافات ستسوى مغربيا، وأن التدخل بالعكس سيزيد الأمر سوء.
أجبته بأن لا أحد يريد أن يرى العكس الذي يؤدي إلى سقوط المخزن، ولكن يمكن القول بأن العرب يبحثون فقط على إسقاط السلطان، لكن البربر يبغضون الأوربيين دون تفريق.
وأنهى كلامه بقوله: لن أقول لك لا، لأني لا أريد تحمل المسؤولية بالنسبة لمواطنيكم، لكن أكرر بأني لا أشجعكم على عملكم” ص: 223.
الوضعية بالمغرب في رأي الحكومة الفرنسية
بعث وزير الخارجية الفرنسية إلى سفير فرنسا بألمانيا رسالة رقم: 203، جاء بها:
“الوضعية في الإيالة المغربية، السلطان طلب منا المساعدة على تكوين محلة بالشاوية من أجل فك الحصار عن فاس.
الحكومة الفرنسية رحبت بطلب مولاي حفيظ في الحال، والأمل في إيجاد حل لمشكل توفير القوات اللازمة لإقامة الأمن والهدوء لضمان حماية المعمرين الأوربيين.
سنحاول أن نرسل إلى الدار البيضاء على وجه الاستعجال أربعة أفواج ليكونوا على استعداد لاتخاذ ما يلزم لإنقاذ المعمرين الأوربيين بفاس.
الهدف المرسوم للحامية الموجودة بحدود الشاوية هو أن تكون فعالة في تقوية قواتنا في النواحي المتاخمة لحدود القبائل المجاورة وحملها على السكينة والخضوع، وفي ذلك مساعدة للمخزن لأن سياستنا متوافقة مع عقد الجزيرة، فنحن نقوم بدور المساند، وفي هذا الإطار ندعم تكوين محلة شريفة للقيام بإنقاذ المعمرين الأوربيين بفاس” ص: 223.
وكتب الوزير نفسه إلى سفير بلاده بمدريد رسالة رقم: 204 من باريس في 20 أبريل 1911، جاء بها:
“لقد عملنا على تكوين حركة بالشاوية استجابة لطلب السلطان من أجل إنقاذ فاس، إنها ليست مسألة تنفيذ استدعاء 15000 دوار دون تحديد أجل، لأن ذلك يستوجب من جهة أخرى إن أمكن 100 طلقة عيار 80 جبال، و25000 رصاصة.
القبطان “مورو” لديه كل الوسائل لإرسال النقود على وجه السرعة، الكومندان “بريموند” أوضح بأن بني احسن هادئة، واشراردة قالوا بأن المنشقين أعلنوا الجهاد ضد النصارى العاملين مع المخزن، لكن بني احسن أجابوا بأن المدربين الأوربيين كانوا دائما يعلمون السلطان سابقا، وقالوا أيضا بأن المحلة تضم مسلمين.
المتمردون خلصوا في الأخير إلى أنهم سيعلنون الحرب ضد إخوانهم في الدين، مضيفين أنه إذا أرادت اشراردة الجهاد فعليها مهاجمة الشاوية” ص: 224.
وجاءت المراسلة بناء على مراسلة سابقة للكومندان “برانلي” تحت رقم: 201، تعود لـ14من الجاري، أوردت نفس المحتوى مع الإشارة إلى أن فيضان نهر سبو يعيق التحرك من المعسكر، وأن المنشقين خلصوا إلى أنهم سيعلنون الحرب ضد إخوانهم في الدين، وأضافوا: إذا أرادت اشراردة إعلان الجهاد فعليها مهاجمة الشاوية” ص: 222.
وفي 21 أبريل أبلغ “دوبيليي” وزير خارجيته في رسالة رقم: 206، أن القنصل الفرنسي بالقصر أبلغه بأن 20 من الخيالة قد أرسلوا من طرف القبطان “مورو” لمراقبة السوق المقام بسوق أربعاء الغرب، هؤلاء الفرسان وصلوا إلى هناك وقت اجتماع أعيان الغرب لإقالة قائدهم وتنصيب قائد للحرب.
الفرسان أخبروا بأن محلة القصر بدأت في اجتياز اللوكوس ومحلة الحوز قادمة، المجتمعون تفرقوا دون أن يتم الانتخاب.
ونظرا لخطورة الوضعية طلب القبطان “مورو” إرسال قوة من 200 رجل للتعرف على الوضع، وقد رخص لـ”بوازيي” أن يتوجه يوم 19 بالذخيرة والنقود المخصصة لمحلة الكومندان “بريموند”” ص: 227.
وعن محلة الحوز والشاوية، كتب “دوبيليي” إلى وزير الخارجية رسالة رقم: 208 بتاريخ 21 أبريل، جاء بها:
“لقد نبهت من طرف قائد جيش الاحتلال الذي تعرف على قيام الحركة في بني مسكين والشاوية، حيث اجتمع حوالي 600 فارس، ولكن لا يعرف متى سيصلون إلى الرباط، حيث مقر تجمعهم.
الكوم وصلوا بوزنيقة يوم 26، هناك كلون ثقيل على استعداد للتحرك منه، نحو الرباط، وقد ترك له الحرية في حمل الذخيرة والسلاح من الرباط وسلا.
الكومندان “بريموند” أحيط علما في مراسلة، بأن أسلحة هامة أدخلت للعصابات بالغرب، بشكل مكثف عن طريق المدينتين السالفتين” ص: 228.