حمد بن العربي الأدوزي (1249-1323هـ/1833-1905م)

هو محمد بن العربي بن إبراهيم بن عبد الله بن علي بن محمد بن عبد الله بن يعقوب السملالي الأدوزي السوسي الفقيه العلامة المشارك، غزير العلم ذو مقدرة غريبة في الإنشاء والتحرير، وذوق خاص في كتابة التاريخ والمباحث الأدبية، ولد في قرية ولتيتة (إقليم سوس).
حفظ القرآن الكريم في كتّاب قريته، ثم تعهده أبوه فلقنه جميع العلوم التي يتلقاها طلبة المدارس في عصره من لغة وشريعة وحساب وأخذ عن السيد الحسن بن أحمد التمكدشتي، عمل مدرسًا، ومارس القضاء وفق أعراف منطقته التي تتخذ من أساتذة القرى قضاة بين سكانها، وكان على علم ببعض الصناعات اليدوية شغوفًا بها كالنجارة والطباعة والبناء، كان ينهج المنهج السلفي فحمل على بعض الطرق الصوفية، وحارب بشدة الطريقة الدرقاوية متمسكًا بظاهر النص القرآني والحديث الشريف ولا يرضى بما عداهما، وكان على علاقة بالسلطان الحسن الأول فوفد عليه وراسله وحظي بتقديره وعنايته.
وألف كتبا جمة ودواوين عديدة تشهد له بعلو الكعب وهمة عالية، منها (العكاز، المضروب به من جور للأب بعد موت ابنته أن يسترد الجهاز) تعرض فيه للحقائق الشرعية كالجهاز والهبة والصدقة والإرث والمحاسبة بين الورثة، وقواعد أحكام قضاة المغرب الأقصى، والعرف الجاري فيها، و«كتاب العروس المجلوة في ابتداء النبوة» (مخطوط)، وكتاب «الحيل الميكانيكية وكيفية استخدام العقل فيها» (مخطوط)، وكتاب «تشحيذ الأذهان في الأحاجي»، و«الرسالة المختصرة في فرائد الاستعارة المحررة».
كما كان ينظم الشعر فنظم في الأغراض التقليدية: فوصف الرحلة كما وصف الشاي، ومدح السلطان المولى حسن وعزاه في والده وهنأه على الملك في قصيدة واحدة فعدد أغراضها والتزم قوافيها، وله قصيدة يهجو فيها أتباع الطريقة الدرقاوية ويسخر من أفعالهم موضحًا ما فيها من بدع مخالفة للكتاب والسنة، وهي ذات نبرة تهكمية حادة، وله قصيدة طريفة تعرض لمحاورة بين السكر والعسل، وهي أمثولة ذات طابع سردي تصور حوارًا يتفاخر فيه كل من السكر والعسل بميزاتهما وتنتهي بحكمة في ذم التخاصم، والقصيدة مقطعة تتوحّد فيها القافية. وشعره سلس اللغة واضح المعنى بسيط التركيب أغلبه أراجيز.
ونذكر من قصائده قصيدة: من أين لكم؟ يخاطب أتباع الطريقة الدرقاوية.

مِنَ أين لكـم فـي الشـرع هَزُّ الـمـنـــاكبِ وركزٌ برجْلٍ مـثل فعـل الـمَجاذبِ؟
وتغـيـيرُ حـلْقٍ حـيـن ذكرِ الـذي بـــه سكـونُ الجسـوم عـند أهل الـمـنـــــــاقبِ
ولطمُ الخدود مـثل نـــــــــــــائحةٍ إذا أتى النعْيُ أذنـيـهـا بكلِّ الـمـصــــــائب
وإبـداء محتـار الـتـنفّسِ كلـمــــــــــا يجـالسكـم مـن كـان أصدقَ طـالــــب
فهل لكـمُ فـــــــــــــــي جَرِّ سُبْحةِ حنظلٍ رواية أسلاف عَنَ أفضل صـاحــب؟
يرى غـيرَ فرض العـين ردَّ سلامه ومـا إنْ له لُطْفٌ بكل مخــــــاطَب
يـمـرُّ عـلى الأقـوام مـثلَ مـــــــــروره عـلى نسـوةٍ أرخـيــــــــــن فضْلَ الجَلابب
وإن بـوسطـوا زادوا انقبـاضًا وأهـمســـوا وإن خـاصـمـوا أبـدوا نـيـوب الـتكـالــب
أيحصلُ بـالـمـجــــــــــــرور نصْبٌ لرفعةٍ ومـا وسمـوا مـجـرور ربَّ بنـاصــــــــــب
ولـيس ببـدْعٍ وصْلُ لـيلَى وشمّ مـــــــــــا بـه ضمّخت أو لـمح تزجـيج حـاجــــــــــب
أمـن لـم يُطقْ هَدْيَ ابنِ مسعـودَ يـنضـــــوي إلى حـيَلٍ معـلـومةٍ فـي الثعـالــــــــب؟
فخُذْ أيّهـا الـمغبـونُ مـن شـــــــرعةٍ مضتْ وقـد خلصت مـن قبحِ بـدع الشـــــــــوائب
وسدّدْ وقـــــــــــاربْ والزم الرفقَ مخلصًا لـوجه الإله فـي جـمـيع الــــــــــمآرب
وأدّ الـحقـوق فـي سكــــــــــــون ورأفةٍ فـمـا قـدَّر الرَّزاق يأتـــــــــــي لراغب
مضى صـالـحـو الآفـاق فـي أمـر ديـنهـــم بفـانـوسه بـل شمسه فـي الغـيـاهـــــــب

وفاته
توفي رحمه الله في 25 من ذي الحجة عام 1323 ودفن بلصق أبيه بمقرة بأدوز.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *