دور الكنيسة في غزو المغرب

سبق أن تحدثنا في حلقات سابقة عن مناقشة المسألة المغربية في البرلمان الفرنسي، واليوم نورد بعضا من مناقشة البرلمان الإسباني، لما سماه السياسة المغربية، وذلك؛ انطلاقا من يوم 18 مارس 1908م، وذلك في ثماني جلسات، حيث انطلقت بتقديم تقرير حول الدور الذي يلعبه الإخوة الفرانسيسكان، والذي جاء فيه : “لقد نشط السيد “فيلانوفا” في الاستجواب الذي وضعه حول السياسة المغربية، حيث قال بأن الحكومة تتبع في المغرب نفس السياسة التي بإسبانيا، وتتابع معطيات البعثة الدبلوماسية بفاس وعواقب تلك السياسة التي نوقش الهدف من هيأة مركز “كازارييرا” بالكوليج الإسباني بطنجة، ومتابعة المخطط الأولي لإنشاء مستشفى مع مطبخ مغربي، لأنه دون هذه المعطيات، لا يمكن الاعتقاد برؤية مسلمين يترددون على المؤسسة.
وبعدها تتبع بحملة خفية”.
ويضيف: “توضع مدرسة كاثوليكية تسير من طرف الإخوة الفرانسيسكان بشكل يجعل الإسبان يبقون خلف فرنسا والبلدان الأخرى التي تؤسس مستشفيات ومستوصفات.
هذا التصور الفاسد للتبعيات وبعد مهمة السيد “ميري ديل فال” أخ كاتب البابا المنتدب لدى الحكومة، الذي قال دون معرفة، ربما لأنه قريب من الملك، صرح بأن الأرض التي ستبنى عليها المدرسة لا ترجع للدولة، لكن الإخوان الذين يمتلكون مساحة داخل طنجة شهدوا بأن مدارس الفرانسيسكان بطنجة معيبة ومشوبة بالنقصان، وفقط الذين لا يعرفون هم الذين يرسلون أبناءهم إليها.
ومن جهة أخرى الفرانسيسكان يرغمون العمال أنفسهم بإتمام واجباتهم الدينية، وإلا فلن يقبلوا بتشغيلهم.
الإحصاءات تبين بأن 78% من الأطفال يتلقون تعليمهم بالفرنسية.
السيد “فيلانوفا” حدد بأن فرنسا وألمانيا تمارسان تأثيرا مهيمنا على المغرب.
في تطوان أحسن المدارس صيانة، هي مدارس الرابطة الإسرائيلية (فرنسية)، والإمبراطورية الألمانية لها مدارس في العرائش وهي تعارض الإخوان الفرانسيسكان التي حسب رأيهم لا يرون فيها سوى ضرر وخسارة لإسبانيا.
لنتحدث عن مليلية، قال بأن أسلوب الحكم العسكري قام بما يشبه بالضبط الاستبداد الروسي، لم يبن أيضا أي مسجد صمّم، والعيادة الأهلية استخدمت من طرف الإخوة الفرانسيسكان للعمل على احتضانها. إنه يرى أن الإخوان لا يريدون مرافقة البعثة الدبلوماسية وأن مدارس الفرير (الإخوة) انتشرت بواسطة الثقافة الإسبانية في المغرب.
في 20 مارس السيد “فيلانوفا” تابع عرضه، مؤكدا بأن العقلية السياسية للحكومة الإسبانية في المغرب جوهره كهنوتيا، فقد تساءل: لماذا يوجد الإخوان في فاس مكونين جزء من البعثة الدبلوماسية الإسبانية وصرحوا بأنهم جاؤوا للمغرب من أجل اقتناء أرض هناك تحت حماية العلم الإسباني لاستعمالها لاحقا، مدعما كلامه بأن الإخوان ذهبوا ليواصلوا بالمغرب التاريخ الحزين للفيليبين، يعلمون على الاعتقاد بأن الأمة الإسبانية لن تردد في تقسيم الكنيسة إلى فرق كما وقع في الأرخبيل من أجل اكتشاف قيمة هذا المال.
السيد “فيليل” قال: بأن هذه فرية شنيعة.
السيد “فيلانوفا”: تشبت بقوله، لقد كان في روما بعدها الأموال سحبت من رصيد الإخوان بالفيليبين، وذهبوا لاقتناء هذه الأملاك خدمة للاسم وللمجهود الإسباني، يمكن لنا قبول الإفراط في الثقة من قبل الإخوان الذين يحملون اسم البلد في المغرب عند “فرناندو” وعند المعمرين الآخرين، لأنهم استولوا على كل ما هو مهم.
السفير الإسباني تقدم في فاس بين إخوانين.
الممثلون الأجانب أمكنهم تذكير السلطان بأن هؤلاء هم الذين كانوا يصطادون العرب في الأراضي الإسبانية وهم المشايعون للتقليد والتعصب والتصلب ومناهضي العمل والتقدم.
ممثلو الأجانب أمكنهم القول أيضا للسلطان: “اذهب إلى مصر وإلى الهند وفي كل مستعمراتنا وسترى احترام أديان الأهالي، وفي إسبانيا لا يوجد ذلك نتيجة لموقف هؤلاء المرافقين للسفير”.
هل حقا يقول السيد “فيلانوفا” أن فرنسا اعترضت على حضور السفير الإسباني بفاس، في الوقت الذي يكون فيها لسفير الجمهورية الفرنسية ما يريد؟
ماذا يفعل السفير بفاس عادة؟ الجواب على ذلك؛ هو الإخبار بما يجري في المغرب، والتبصير بما يحدث لاحقا.
في وثيقة بالكتاب الأحمر تبين كيفية الاستعلام وجمع الأخبار، إنه الطلب المكلف به من طرف الشئون الإسبانية الهادفة إلى تقويم وضعية العناصر الأهلية بفاس الذين يثبت تحيزهم لصالح مولاي حفيظ.
السيد “فيلانوفا” ذكر بأن السفير السابق أخفق تماما، لم يسو أية مشكلة وقعت بالرباط من قبل السيد “لابيريا”.
فرنسا احتلت وجدة والدار البيضاء، وفي هذه المدينة الأخيرة تدخلت إسبانيا، لكن كمساعدة لفرنسا، كانت ضعيفة في حملتها العسكرية، ليس هناك أكثر محال ولا ظلم يقال: بأن يطالب من فرنسا احتلال وجدة والدار البيضاء وفي نفس الوقت الحفاظ على السلم مع المغرب، ومطالبة الفرنسيين بالتزامه في كل أنحاء الإمبراطورية الشريفة؛ فاحتلال مكان يستوجب من الدولة المحتلة إعلان الحرب. الإسبانيين كانوا بالمغرب تابعين لفرنسا، كيف ما كان سبب الإخفاقات؟ هذه الدولة كان بيدها ورقة عبد العزيز تلعب بها، بل خسرتها.
عبد العزيز استسلم كليا للفرنسيين، وفرنسا تخلت عنه.
السيد “رونو” جدد عروضه على مولاي عبد الحفيظ التي سبق أن قدمها لعبد العزيز، هذه الحوادث توافقت مع ظهور الروكي في ناحية فاس.
السيد “فيلانوفا” يرى في هذا الشخص أحد أعوان فرنسا، يحتمل أن يكون جزائريا يقاتل عبد العزيز لصالحها، كي تنمي مشروعها، وعندما لا تحتاج إليه يبقى آمنا في سلوان، وقد عاد الآن مخيما هناك، وهو الأساس المشترك للفوضى، ولا ندري بالضبط ما هي العلاقة بين وضعه، وبعثة “رونو” إلى فاس، لكن الثابت أن الروكي سيفوز إذا لم تنجح المفاوضات، وسيبتعد إذا ما صارت في صالح فرنسا في زمن تسلط الروكي، ولن يفعل أي فرنسي شيئا بمرشيكا، إذا الإسبان لم يتمموا عمله، كما لم يتواجد الروكي بجوار فاس من أجل إرغام مولاي حفيظ على الارتماء في أحضان فرنسا، مما يعني بداية فقده لعرشه، لكن الحكومة الإسبانية لم تتمم عمله لأن الروكي ما يزال بجوار مليلية بدلا من حماية المطالب بالعرش تقبل تقديم حماية للقبائل المعادية لإسبانيا.
(انظر إفريقيا الفرنسية 1909 ص:113).

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *