أبو بكر بن العربي المعافري ‏(543-468هـ/1076-1148م)

نسبه ومولده
هو الإمام العلامة الحافظ القاضي، أبو بكر، محمد بن عبد الله بن محمد بن عبد الله بن العربي الأندلسي الاشبيلي المالكي، صاحب التصانيف.
سأله ابن بشكوال عن مولده، فقال: في سنة ثمان وستين وأربع مائة.
سمع من خاله الحسن بن عمر الهوزني وطائفة بالأندلس.
وكان أبوه أبو محمد من كبار أصحاب أبي محمد بن حزم الظاهري.
بخلاف ابنه القاضي أبي بكر فإنه منافر لابن حزم، محط عليه بنفس ثائرة.
ارتحل مع أبيه، وسمعا ببغداد من طراد بن محمد الزينبي، وأبي عبد الله النعالي، وأبي الخطاب بن البطر، وجعفر السراج، وابن الطيوري، وخلق، وبدمشق من الفقيه نصر بن إبراهيم المقدسي، وأبي الفضل بن الفرات، وطائفة، وببيت المقدس من مكي بن عبد السلام الرميلي، وبالحرم الشريف من الحسين بن علي الفقيه الطبري، وبمصر من القاضي أبي الحسن الخلعي، ومحمد بن عبد الله بن داود الفارسي وغيرهما.
وتفقه بالإمام أبي حامد الغزالي، والفقيه أبي بكر الشاشي، والعلامة الأديب أبي زكريا التبريزي، وجماعة.
وذكر أبو القاسم بن عساكر أنه سمع بدمشق أيضا من أبي البركات بن طاووس، والشريف النسيب، وأنه سمع منه عبد الرحمن بن صابر، وأخوه، وأحمد بن سلامة الآبار، ورجع إلى الأندلس في سنة إحدى وتسعين وأربع مئة.
قلت: رجع إلى الأندلس بعد أن دفن أباه في رحلته -أظن ببيت المقدس- وصنف، وجمع، وفي فنون العلم برع، وكان فصيحا بليغا خطيبا.
كتبه
صنف كتاب “عارضة الأحوذي في شرح جامع أبي عيسى الترمذي”، وفسر القرآن المجيد، فأتى بكل بديع، وله كتاب “كوكب الحديث والمسلسلات”، وكتاب “الأصناف” في الفقه، وكتاب “أمهات المسائل”، وكتاب “نزهة الناظر”، وكتاب “ستر العورة”، و”المحصول” في الأصول، و”حسم الداء في الكلام على حديث السوداء”، كتاب في الرسائل وغوامض النحويين، وكتاب “ترتيب الرحلة للترغيب في الملة” و”الفقه الأصغر المعلب الأصغر” وأشياء سوى ذلك لم نشاهدها.
واشتهر اسمه، وكان رئيسا محتشما، وافر الأموال بحيث أنشأ على إشبيلية سورا من ماله.
الآخذون عنه
حدث عنه: عبد الخالق بن أحمد اليوسفي الحافظ، وأحمد بن خلف الإشبيلي القاضي، والحسن بن علي القرطبي، وأبو بكر محمد بن عبد الله الفهري، والحافظ أبو القاسم عبد الرحمن الخثعمي السهيلي، ومحمد بن إبراهيم بن الفخار، ومحمد بن يوسف بن سعادة، وأبو عبد الله محمد بن علي الكتامي، ومحمد بن جابر الثعلبي، ونجبة بن يحيى الرعيني، وعبد المنعم بن يحيى بن الخلوف الغرناطي، وعلي بن أحمد بن لبال الشريشي، وعدد كثير، وتخرج به أئمة، وآخر من حدث في الأندلس عنه بالإجازة في سنة ست عشرة وست مئة أبو الحسن علي بن أحمد الشقوري، وأحمد بن عمر الخزرجي التاجر، أدخل الأندلس إسنادا عاليا، وعلما جما.
وكان ثاقب الذهن، عذب المنطق، كريم الشمائل، كامل السؤدد، ولي قضاء إشبيلية، فحمدت سياسته، وكان ذا شدة وسطوة، فعزل، وأقبل على نشر العلم وتدوينه.
وصفه ابن بشكوال بأكثر من هذا، وقال: أخبرني أنه ارتحل إلى المشرق في سنة خمس وثمانين وأربع مئة، وسمعت منه بقرطبة وبإشبيلية كثيرا.
وقال غيره: كان أبوه رئيسا وزيرا عالما أديبا شاعرا ماهرا، اتفق موته بمصر في أول سنة ثلاث وتسعين، فرجع ابنه إلى الأندلس.
قال أبو بكر محمد بن طرخان: قال لي أبو محمد بن العربي: صحبت ابن حزم سبعة أعوام، وسمعت منه جميع مصنفاته سوى المجلد الأخير من كتاب “الفصل” وقرأنا من كتاب “الإيصال” له أربع مجلدات، ولم يفتني شيء من تواليفه سوى هذا.
كان القاضي أبو بكر ممن يقال: إنه بلغ رتبة الاجتهاد.
قال ابن النجار: حدث ببغداد بيسير، وصنف في الحديث والفقه والأصول وعلوم القرآن والأدب والنحو والتواريخ، واتسع حاله، وكثر إفضاله، ومدحته الشعراء، وعلى بلده سور أنشأه من ماله.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *