لقد أثنى على مترجمنا عدد من علماء زمانه، حيث قال عنه ابن عمه أبو محمد الوليد بن العربي العراقي في “التذييل المنتخب فيما لفضلاء الشعبة العراقية من المآثر وجب”: “كان إماما في علم الحديث محققا فيه، وانفرد بذلك في وقته فكان لا يقاومه فيه أحد، واعترف له بذلك علماء زمانه وشيوخه وأقرانه، فكان يلقب بسيوطي زمانه، وقد حصل بيده من كتب هذا الفن جملة وافرة وعدة متكاثرة، وكان يستحضر ما يسأل عنه من مراتب الأحاديث غالبا مشارا له في ذلك، ولم يكن له عند ابتداء أمره وجهة لغير ذلك من العلوم، فخلا ذهنه عنها كلها بعد أن أتقن القدر المحتاج إليه من فقه وعربية وعلى عادة الأقدمين وكان شيخه العلامة الحافظ المتبحر أبو العباس أحمد بن مبارك اللمطي يبالغ معه في تحقيق بعض مسائل الحديث، وكان يشير إلى الرجوع إليه فيه، كان الشيخ ابن المبارك يدرس كبرى الشيخ السنوسي، فجرى ذكره لبعض الأحاديث، فسأل صاحب الترجمة عمن خرجه، فذكر له على البديهة ستة طرق، فقال له: لله درك لقد تعب ابن حجر ولم يخرج له إلا طريقين”.
وقال الصدر أبو حفص عمر بن عبد الله الفاسي في شأن صاحب الترجمة: “أنه أحفظ من ابن حجر”.
وقال الشيخ عبد الحي الكتاني قال عنه شيخه أبو عبد الله جسوس في إجازته له: «إنه ممن حاز قصب السبق في علم الحديث حفظا ورواية ودراية، ووصل في ذلك غاية الغاية، بحيث لم يصل إليها أحد من أهل عصرنا فيما نعلم».
وحلاّه الحافظ أبو الفيض مرتضى الزبيدي المصري بحافظ العصر ثم قال عنه: «اعتنى بعلم الحديث حفظا، وضبطا، ورواية، ودراية حتى مهر فيه، ودَرَّسَ للطالبين وأفاد، وانتفع به كثيرون، وأقرأ الكتب الغريبة مع تحقيق وإتقان ومراعاة للفن، فلم يكن في وقته من يدانيه في هذا الفن حتى أشير إليه بالحفظ».
أما عن حاله فقال محمد بن جعفر الكتاني: «وكان -رحمه الله- مقبلا على شأنه، مجتنبا ما يخل بمروءته، ذا سمت حسن، وهيئة ووقار، قويا في دينه، ملازما لأوقاته، قائما بما ولي من الولايات، من إمامة وتوريق وغيرها».
وقال عنه نده ومعاصره ابن الطيب القادري في “نشر المثاني الكبير”: “كان مقبلا على مطالعة كتب السير وعلوم الحديث، استغرق في ذلك مدة عمره، ودخل بيده من كتب الغريبة والأطراف والأفراد والناسخ والمنسوخ وكتب الترجيح والتعديل والضعفاء والوضاعين فضلا عن التقاة المحتج بهم فكان يستحضر رجال الذهبي والستة والميزان واللسان لابن حجر والكاشف للذهبي والكلاباذي وموضوعات ابن الجوزي وتاريخ الخطيب والجامع الكبير وغالب كتب الحديث، فحصل له من ذلك ما لم يحصل لغيره، وانتهى إليه السؤال عن ذلك، فكان يستحضر ما يسأل عنه ويجيب عقب فراغ السائل من غير تأمل ولا مطالعة…”.
وقال عنه العلامة المحدث المسند أبو عبد الله محمد بن محمد الصادق بن ريسون في فهرسته: “شيخنا المحدث الحافظ سيوطي زمانه وفريد عصره وأوانه، وقد انفرد بعلم الحديث في وقته”.
وقال عنه القاضي ابن الحاج في “الاشراف”: “العلامة خاتمة حفاظ الحديث بالديار المغربية، فاق أهل عصره في الصناعة الحديثية لفظا ورواية وضبطا وإتقانا إلى القدم الراسخ في معرفة طرق التجريح والتعديل”.