الشيخ المفسر المكي الناصري1 1324-1414هـ/1906-1994م -الحلقة الثانية- أحمد السالمي

تعرضنا في الحلقة الماضية لنشأة الشيخ وطلبه للعلم وجانب من نشاطاته المتعددة؛ وندلف في هذه الحلقة إلى ذكر بعض مؤلفاته وعقيدته السلفية.
مؤلفاته:
قال عبد الله بن العباس الجراري: “ومن وراء تلك الدراسات المهمة كان له إنتاج قيم وبحوث علمية لها أهميتها المرموقة في الثقافة العربية منها: كتابه “إظهار الحقيقة وعلاج الخليقة” تقييد حرره ضد الخرافات والبدع المنسوبة للدين ومنها كتاب: “حياة سقراط” ومن إنتاجه “حرب صليبية في مراكش” ومنها: “فرنسا وسياستها البربرية في المغرب الأقصى” ومن آثاره التاريخية تحريره: “وصايا دينية من ملوك الدولة العلوية” كتبه بمناسبة تأسيس عيد العرش.
ومن مؤلفاته المفيدة كتابه: “الأحباس الإسلامية في المملكة المغربية” تحرير ضمّ دراسات دقيقة وافية للأوقاف في المغرب مع مقارنتها بالأوقاف في بقية العالم الإسلامي.
ومن آثاره السياسية تقييد أسماه: “موقف الأمة المغربية من الحماية الفرنسية” هو عبارة عن عرض وتحليل لتاريخ الاحتلال الأجنبي بالمغرب، وكفاح الشعب المغربي للتخلص من هذا الاحتلال وألق به بحوثا ومقالات أخرى مترجمة.
كما أن المترجم الناصري قام بتعريب عدة أبحاث ومستندات سياسية من اللغة الفرنسية ونشر منها:
– “سياسة الحماية الفرنسية في المغرب”، تقرير سري للمارشال ليوطي سنة 1920.
ـ “كيف تمت مؤامرة الظهير البربري” احتوى محاضر جلسات اللجنة السرية المكلفة بوضع مشروع الظهير سنة 1930″.
ـ التيسير في أحاديث التفسير.
ـ كما أصدر رحمه الله جريدتين هما “الوحدة المغربية”، و”الشعب” و”المغرب الجديد”…إلى غيرها من التآليف.
سلفيته:
قال عنه شقيقه وشيخه محمد اليمني الناصري: “أول من جاهر بين أقرانه في هذا الوسط الغربي -الذي تعود أهله السكون والسكوت والتسليم للرجال عل كل حال- بالدعوة إلى العمل بكتاب الله وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم وتطهير العقائد من الخرافات، وذم البدع ومحاربة أهلها من غير أن يخشى في الله لومة لائم، أو عذل عذول بحب البدع هائم” ضرب مطاق الحصار.
قال عباس الجراري: “يضاف إلى هذا أن طبيعة البيئة الأسرية التي نشأ فيها أتاحت له تكوينا واستعدادا هيآه لحمل فكرة الإصلاح السلفي الذي انطلق من الرباط بفضل الشيخ أبي شعيب الدكالي ونخبة من تلاميذه كان هو في طليعتهم”.
وقال: “ومن هنا لا غرابة أن يكون هذا المثقف السلفي المتقد حماسا”.
قال عبد الوهاب بن منصور: “ومن أحق من الشيخ المكي الناصري وأقران له بالتمجيد والتكريم؟ وهو الذي عاش حياة حافلة لم تخل ساعة من ساعاتها من بث علم، وتنمية وعي، ونصرة حق، ومحاربة مبتدعة، ومقاومة مستعمر، وتحبيب فضيلة ودفاع عن دين..”.
قال عبد الكريم كريم: “ظهر نبوغ محمد المكي الناصري في وقت مبكر، وانطلقت دعوته الإصلاحية والعودة إلى ما كان عليه السلف الصالح وهو دون العشرين من عمره”.
قال الشيخ المكي الناصري رحمه الله: “الاتباع أصل الفضائل كلها، وأس الكمالات بأسرها، والابتداع رأس الفضائح والمصائب، والسبب في اضمحلال الأمم وانحطاطها، وما يصب من اللعنات عليها ويحل بها كل لحظة من القوارع والنوائب”.
وقال رحمه الله: “والحل القرآني والعملي لكل تنازع يطرأ بين المسلمين كما نص عليه كتاب الله، هو الرجوع إلى الله ورسوله، والنظر فيما أوجب التنازع بينهم، على ضوء ما في كتاب الله وسنة رسوله، واستخراج الحل الإسلامي الملائم من تعاليمهما وتوجيهاتهما، ومن القياس على نصوص الدين وسوابقه في عهد الرسالة وعهد الخلافة الراشدة، وبذلك يهتدي المسلمون إلى حل واحد يرضاه الجميع، ويلتزم طاعته الجميع، وما دام المرجع فيه هو الله ورسوله فلا غالب ولا مغلوب، ولا منتصر ولا منهزم، وإنما تكون كلمة الله وحدها هي العليا: “ثُمَّ لاَ يَجِدُواْ فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجاً مِّمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُواْ تَسْلِيماً”.
قلت: لا تكفي هذه الكلمات عن تعداد فضل الشيخ المفسر وتفانيه في خدمة دينه والدفاع عن وطنه، ولكنها إشارات نضعها على حياة الشيخ رحمه الله.
وفاته:
توفي الشيخ رحمه الله في 29 من ذي القعدة 1414 هجرية الموافق لـ10 ماي 1994؛ رحمه الله شيخنا رحمة واسعة وجازاه الله عن الإسلام والمسلمين خير الجزاء.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

1- انظر سيرة الشيخ محمد المكي الناصري شهادات ووثائق عن حياته وجهاده في خدمة العلم والدين والوطن، وتحت راية العرش، والسلفية في المغرب ودورها في محاربة الإرهاب، وإظهار الحقيقة وعلاج الخليقة، والتأليف ونهضته بالمغرب في القرن العشرين.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *