معركة سيدي صلاح بتادلة في 16 نونبر 1910م

تقرير عن الأمر العسكري رقم:23 الصادر لكتيبة القناصة السينغاليين الذين خاضوا معركة سيدي صلاح بتادلة لقطع الطريق على المجاهد ماء العينين الذاهب إلى فاس.

اجتمع الفوج السنغالي بالمغرب بأكمله تحت أوامر قائده يوم 16 يوينو 1910م مكون من: السرية 22 المحمولة للفيلق الرابع لابن احمدde ye de ben-ahmed :
فصيلة مدفعية الجبال
فصيلة أزواوا الأولى للرشاشات
وذلك تحت قيادة الكومندار أوبيرت حيث أرسلوا خارج الشاوية لملاحقة الثائر المعروف بماء العينين الذي أخبر بأنه خرج من مراكش قاصدا فاس.
وبعد قطع ثلاث مراحل بسير مضني وصلنا إلى قصبة تادلة الكبيرة للمغاربة، التي لم تمس إلى أن وصلناها فانتزعناها ممن كانوا بها بعد مناوشة حامية يوم 19 يونيو 1910.
ثم انتقلت القوات إلى الضفة اليسرى لنهر أم الربيع، وفي 21 يونيو ردت طليعة مجموعة مهمة من بني عمير كانت تريد قطع الطريق علينا؛ متكبدة خسائر فادحة. واستولينا على قصبة الزيدانية حيث كانت الحشود تجتمع هنا بعد القيام بعملياتها في أمن وأمان.
يوم 23 حدث أمر آخر جديد هذه المرة حيث جرت مواجهة على كل الجبهات وشارك في المعركة أنصار ماء العينين، الرجال الزرق المرافقون له متعصبوا بني موسى قساةfarouche البرابرة النازلون من الجبال.
حيث هاجمنا حوالي 5000 رجل مدة 8 ساعات تقريبا تحت أشعة الشمس حارقة، وقد تركز القتال خاصة في مؤخرة الجيش.
السرايا الأربعة للكتيبة تتابع استخدامها خاصة السادسة والسابعة السنيغالية اللتان أنجزتا الأصعب من المهمة، مستقبلة ذلك بنيران صائبة ردت الأعداء على أعقابهم، وفرقتهم مكبدة إياهم خسائر فادحة، وقد استبدلتا بغيرهما لمواصلة الزحف. وبالرغم من الإصابات في صفوف قواتنا التي نقلت إلى المعسكر الثابت ليلا، تاركين في السهل الجميل لسيدي صلاح ذكريات طيبة عن قيمة فرنسا.
لقد خسرنا 13 قتيلا و 92 جريحا، منهم: 10 قتلى، و72 جريحا من الفرقة السنغالية وحدها.
هذه الخسارة ليست بذات أهمية بالنسبة لساكنة الأطلس المتوسط والعواقب السياسية المترتبة عن هذه الغارة بالنسبة لإنجازات المستقبل.
وقد تلقت الكتيبة تهاني الحكومة الفرنسية على انتصارها في سيدي صلاح يوم 23/6/1910.
الكومندار اوبيرت ص:274/1910.
وقد أنجز مراسل مجلة “إفريقيا الفرنسية” تغطية للمعركة، نشرت قبل الأمر الحربي السالف ذكره، مؤرخة بالدار البيضاء 28/6/1910 ص:273 تحت عنوان:
“قوات الاحتلال تادلة والقناصة السنغاليين بالمغرب”
(جاء ماء العينين خصمنا المسن للقيام بعمل ضد قواتنا منذ عشرات الأيام، وذلك على بعد كيلومترات من تواجدها.
وكما تعلمون فإن الشخص سيء الذكر لم يستقر في تزنيت، وطولب من طرف الشمال لعدة أسباب، فانطلق نحو فاس في أواخر الشهر الماضي في خط السير الذي سبق أن قطعه ابنه دون مغايرة سنة 1909، والمار من مراكش، دمنات، انتيفة، أعالي واد أم الربيع، خنيفرة، زيان، وقد طلب من حاشيته السير بحذر في طريقها، والحرص على عدم إحداث أية فوضى على ثخوم الشاوية.
Car il ya dans ce pays pas mal de tetes chandes.
ومن الأحسن اتخاذ الإبعاد على اتخاذ العقاب بعد إطلاق النار، كما أحترم مقترح المخزن الجديد بعدم المرور من طريق المحلة أو في المناطق التي نحتلها بالشاوية وفي مقدمة شمال الأطلس المتوسط.
وقد تكون فيلقان للمراقبة بعدما علمنا بتحركه، واحد في ابن احمد بقيادة الكومندار أوبيرت، والثاني في سطات، كلفا بالمراقبة على التوالي محاور الجنوب الغربي والجنوب، وتتكون تلك القوات من القناصة السنغاليين والفرقة الرابعة للكوم المختلطة، وكتيبة صبابحيه والفرقة 22 الراكبة، ومدفعية الجبال، ما مجموعه 1200 رجل، و5000 حيوان.
وأخيرا في 16 يونيو بمجرد ما أخبر بأن ماء العينين اجتاز واد العبيد، وأن قلقا مهما صار ثابتا في الشاوية، تحرك فيلقا المراقبة لتهدئة النفوسpour aller calmer les esparits ، فتحرك فيلق سطات نحو لبروج بني مسكين، وفيلق ابن احمد إلى أبي الجعد تادلا مقر إقامة الولي، الذي له دور سياسي أكثر منه عسكري، والذي إن كان صار محميا فرنسيا إلا أنه في التقارير مع السكان.
مفرزة ابن احمد بقيادة الكومندار أوبيرت توجهت على وجه السرعة لاعتراض ماء العينين من المقدمة، وقطع الطريق عنه إلى فاس.
مفرزة سطات بقيادة القبطان تريبال (350 بندقية)، ستنقض على مؤخرة ركب ماء العينين فلم يبق أمامه إلا الأطلس المتوسط، حيث سيواجه عجزا فزيولوجيا يجعل سيره مكلفا وصعب التكليف مع الوسط الطبيعي، مما يزيد من الحوادث التي ستعيق سيره ومغادرته لسهل تادلا قبل إن تلحق به قواتنا.
قاطع الطريق المسن وجد القوة للهرب، بحيث كان في سفح الأطلس بكرز عندما علم بأن قواتنا وصلت إلى قصبة الزيدانية على بعد مرحلة منه إلى هنا.
لم يكن متأثرا في سيره حيث لم يعرف أنه ملاحق من أم الربيع، لكنه بمجرد ما علم بتطويقه قام بسرعة ببيع جماله وإزالة المظاهر العسكرية عن ركبه، وذبح ثورا على برابرة جبال أيت بوزيد وآيت عطا للاحتماء بهم واللجوء لديهم.
لم يكن الطقس الحار عائقا له عن السير الحثيث للاحتماء بالجبال والشروع في حرب هناك ضدنا يتعذر علينا الاقتصاص منه وقمع المتمردين الذين انحازوا إليه.
وهكذا نادى بالجهاد ضد الفرنسيين وبعث برسائل تدعو المسلمين إلى الحرب المقدسة، وقام بإضافة رؤساء وجماعات أهلية كثيرة كانت لها علاقة بنا قديمة، وهدَّد بأن قواتنا ستلاقي مقاومة متكاثرة فيما إذا ما توغلت في تادلا.
في 19 يونيو من أجل الاقتراب من قصبة تادلا قامت جماعة غاضبة بمنع المرور، وفي 21 يوينو قامت ناحية بني عمير كلها على طول الطريق إلى قصبة الزيدانية من أجل استردادها على عدة كيلومترات.
في هذه الأثناء توالى نقاش ممل بين الناحي المواصلة بحدة هذا التحالف من الفرق الثائرة والجماعات البربرية المخترقة حديثا من طرف الشتكيطي النازل إلى الواد محرضا الدواوير الذين دلوه على الطريق.
قوات كلود أوبيرت وجدت هذه المقاومة فعقد اجتماعا على عجل للرد على الإغلاقات المتعددة الجوانب على طول سهل تادلا الجميل، حيث لا تظهر هناك قوة أو جماعة رئيسية تضرب، لكن المقاومة في كل مكان، في الزرائب، وراء الحيطان، تعمل على انتهاك قواتنا بواسطة تكتيك متشتت على جميع الجبهات وأساسا في مؤخرة القوات.
ليس هناك إمكانية إلا للقتال اليدوي لإحداث أكبر الخسائر في العدو وإظهار العزم على مواصلة التقدم في الاتجاه المطلوب وهكذا سارت القوات منذ الصباح حوالي 14 كلم وبعد حوالي 6 ساعات من العراك في طبيعة قاسية مع أعداء مكونين من:
برابرة بني موسى، أيت بوزيد، أيت عراض، ورجال ماء العينين، تكبدوا خسائر فادحة، وطهر منهم الساحل مصطحبين قتلاهم.
أما خسائرنا فكانت أيضا نسبيا حساسة 13 قتيلا و 92 جريحا، مع العلم أن القتال كان بلا مدافع والمشاة لم يكن لديهم إلا قطعتين من عيار 80 ملم. سيذكر سكان تادلا ومساعدوهم من الجبال تلك المعركة الماحقة cette frotte التي جاءوا بعدها يطلبون الأمان طويلا.
لقد ذاق مشايعوا ماء العينين هزيمة نكراء وهو معهم، رغم خروجه سلميا، إلا أن أصحابه الذين لم يكن لهم ما يفعلوه أمام أنظار المسلمين العاجزين عن مساعدتهم فروا إلى الجبال، حيث لن يجدوا فيها (بعد ما وقع) من يريد حمل بندقية لمهاجمة قواتنا، أما المشاة السنغاليون فقد كانوا أبطال معركة سيدي صلاح.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *