ابن أبي الربيع عبيد الله القرشي الإشبيلي السبتي (599-688هـ)

ولد أبو الحسين عبيد الله بن أحمد بن عبيد الله بن محمد بن عبيد الله بن أبي الربيع القرشي الأموي العثماني في إشبيلية سنة تسع وتسعين وخمسمائة للهجرة.
ويرجع نسبه إلى عثمان بن عفان رضي الله عنه، انتقلت أسرته من قرطبة إلى لَبْلَة ثم إشبيلية التي ولد بها أبو الحسين، ونشأ وتعلم وتصدر للإقراء حتى سقطت إشبيلية في يد النصارى سنة ست وأربعين وستمائة للهجرة، فرحل إلى سبتة ولقي من ولاتها العَزَفيِّين كل عناية، فتفرغ للتعليم والتأليف إلى أن توفاه الله في السادس عشر من شهر صفر سنة ثمان وثمانين وستمائة للهجرة.
شيوخه وطلبه
تلقى العلم في إشبيلية على يد عدد من العلماء الجلة، ورد ذكرهم في برنامجه الذي جمعه تلميذه ابن الشاط، وعدتهم اثنا عشر شيخا، من أشهرهم أبو الحسن علي بن جابر المعروف بالدَّبَّاج ت 646هـ، وأبو علي الشلوبين ت646هـ، وأبو عمرو محمد بن أحمد بن أبي هارون التميمي ت 647هـ.
وكانت ثقافة ابن أبي الربيع متنوعة متينة على نمط ثقافته عمره التي تغلب عليها المشاركة في مختلف العلوم النقلية والعقلية، فقد ذكر في برنامجه أن درَّس أربعين كتابا تشمل علوما مختلفة هي القرآن والحديث والفقه والأصول والفرائض، بالإضافة إلى علوم اللغة والنحو والأدب التي برز فيها، وصار إماما من أئمتها.
ولم تقتصر دراسة ابن الربيع للكتب المذكورة على مجرد الفهم، بل كان يحفظ بعضها عن ظهر قلب ويعرضه على شيوخه كما يعرض عليهم صور القرآن.
وقد أخذت كتب النحو واللغة والأدب نصيب الأسد من قراءاته على شيوخه، فبالإضافة إلى السبعة عشر كتابا التي ذكرها ابن أبي الربيع في برنامجه، والتي منها كتاب سيبويه، وجمل الزجاجي، وإيضاح الفارسي، ومفصل الزمخشري، وإصلاح المنطق لابن السكيت، والفصيح لثعلب، فهناك كتب أخرى صرح بها في البسيط أحصاها محققه، وهي التذكرة والبغداديات والإغفال للفارسي، والقد لابن جني، والأفعال لابن القوطية، والحلل لابن السيد، والتوطئة للشلوبين.
وحظيت القراءات بعناية ابن أبي الربيع فقرأ على شيوخه بالأربع عشرة رواية المشهورة عن الأئمة السبعة، وقرأ بالإدغام الكبير وبقراءة يعقوب، وقرأ بعض كتب القراءات منها التيسير لأبي عمرو.
وكذلك حظيت كتب الفقه المالكي بعناية ابن أبي الربيع.
عقيدته
لقد انتصر ابن أبي الربيع في تفسيره لقول أهل السنة والجماعة كثيرا، ورد على الفرق الباطلة كالمعتزلة والمعطلة والجبرية والكرامية.
يقول رحمه الله: “والرزق عند أهل السنة يقع على ما أعطي الإنسان من حلال وحرام، والمعتزلة يذهبون إلى أنه لا يقع إلا على الحلال.. ينبني على مذهب فاسد”.
ويقول: “وأفعال العباد كلها منفعتها ومضرتها راجعة لهم وعليهم، وهو سبحانه لا ينتفع منها بشيء ولا يتضرر بشيء فهذا معنى قوله تعالى: “وما ظلمونا ولكن كانوا أنفسهم يظلمون”..فهو سبحانه لا ينتفع بعبادتهم ولا يتضرر بمعاصيهم، تعالى الله عن هذا كله، ومنفعة عبادتهم لهم ومضرة معاصيهم عليهم، لا خلاف في هذا بين أهل السنة”.اهـ

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *