الحسن بن محمد بن عبد الرحمن بن هشام بن محمد بن عبد الله (1247-1311هـ/1831-1894م)

نشأته

أبو علي1 الحسن بن محمد بن عبد الرحمن بن هشام بن محمد بن عبد الله بن إسماعيل الحسني الينبوعي السجلماسي.
ولد سنة 1247هـ/1831م ونشأ نشأة حسنة في حجر جده السلطان أبي زيد عبد الرحمن بن هشام وكان له بتأديبه وتهذيبه وتدريبه اهتمام واعتناء زائد، وكان يحبه محبة شديدة، ويختار لتعليمه جلة الأساتذة وفضلاء الأعلام، ولما شب وظهرت منه لجده مخايل النجابة والفلاح وجهه للقراءة ببلاد أحمر الشهيرة بأحواز مراكش، إبعادا له عن الاشتغال بالمألوف عن تحصيل العلوم حسبما يستفاد من ظهير أصدره المولى عبد الرحمن جد المترجم لولده محمد ودونك لفظه:
“الحمد لله وحده وصلى الله على سيدنا ومولانا محمد وآله وصحبه، عبد الرحمن بن هشام الله وليه، ولدنا الأبر الأرضى، سيدي محمد أصلحك الله ورضي عنك وسلام عليك ورحمة الله تعالى وبركاته، وبعد: فإن الطالب محمد بن عبد الواحد بن سودة طلب التوجه لصلة رحمه فأذنا له في ذلك فادفع له خمسين مثقالا من زكاة أهل فاس، وذكر أنه يقيم بداره هذه الأشهر الثلاثة حتى يصوم رمضان ويعيد بها، فإذا مضت أيام العيد فوجهه والسلام في 24 جمادى الأخيرة عام 1272.
ومنه فإن سيدي حسن أصلحه الله أراد القراءة ولم نجد له فقيها فقد عرضنا ذلك على كل من هنا من طلبة مراكش فلم يرد أحد الذهاب لاحمر، وكتبنا لك بذلك فلعلك لم تجد من يقبل ولا حول ولا قوة إلا بالله، فإنه ظهرت فيه قريحة ومولع بقراءة الأمهات وغيره، فلا بد انظر وابحث عسى أن تجد من يصلح لذلك ما دام الغصن رطبا فإن تعلم الصغر كالنقش في الحجر صح”.
ومن اعتنائه به أن ضم إليه جماعة من كبراء السن من الخدام المطلعين على سير الملوك الذين أدركوا عصرهم وأمرهم بأن يكونوا يحدثونه بما شاهدوه وحفظوه من ذلك، فكانوا يجدون منه الرغبة الحارة في الإطلاع على ما عندهم من الأنباء زيادة على ما كانت تتوق إليه همته من تحصيل العلوم الدينية والأدبية والرياضية والاجتهادية في لقاء من له مهارة في العلوم وخصوصا أرباب العلوم الرياضية.
وجمع شتات المؤلفات من سائر الفنون حتى خصص جماعة وافرة من مهرة النساخين المتقنين، ولما جلس على أريكة الملك ازداد شغفه وولوعه بذلك، ولم يزل عمله مسترسلا على ذلك في عواصم المغرب مدة حياته فرفع بهذا العمل المفيد للعلم راية وأفاد المعارف خدمة جليلة.
ثم لما توفي جده المذكور وبويع لوالده ازدادت عنايته به ومثابرته على تعليمه ما يستحق به أن يكون أولى بنيه بولاية عهده، إلى أن ظهرت عليه ملامح النجابة والقيام بالمأمورية فاصطفى له من أعيان الدولة وساستها ومهرة العلماء وقادتها وعقد له راية من صناديد الجيش الذين حنكتهم التجارب وتدربوا على الكر والفر.
ـــــــــــــــــــــــــ

1: ننبه هنا على أن اتخاذ الكنية كان عند العرب قديما ووافقهم عليه النبي صلى الله عليه وسلم وكنيته “أبو القاسم”، ودرج على ذلك الصحابة والتابعون والعلماء والملوك والخاصة والعامة، ثم يأتي اليوم من يتهكم على من اتخذ كنية اقتداء بهؤلاء الأعلام والآباء والأجداد وعلى رأسهم سيد الخلق صلى الله عليه وسلم!

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *