حسن الخلق قاد «فرنس ميدي» إلى الإسلام مصطفى الونسافي

من الظلمات إلى النور (5)

نعرض في هذه السلسلة قصصا مؤثرة لأناس عاشوا فترة من أعمارهم بعيدين عن ربهم، تائهين عن طريق الهدى، تتقاذفهم أمواج متلاطمة من الشهوات والشبهات، قبل أن يتسلل نور الإيمان إلى قلوبهم، ليقلب بؤسهم نعيما، وشقاءهم سعادة..
إنه نور توحيد رب العالمين، إنه قوت القلوب وغذاء الأرواح وبهجة النفوس

لم يكن صلاح الدين، الشاب المغربي الذي يعمل بالولايات المتحدة الأمريكية، يعير كبير اهتمام بتحمس ورغبة صديقه «فرنس ميدي» في التعرف على الإسلام، فقد اعتقد أن أسئلته الملحة والمتكررة مجرد فضول لن يلبث أن يتلاشى في زحمة مشاغل الحياة ومغرياتها، لكن إصرار «فرنس» انتهى بمفاجأة.
عندما أخبر صلاح الدين صديقه الأمريكي برغبته في التوجه إلى المغرب لقضاء عطلته بين أفراد عائلته، طلب منه «فرنس» مرافقته في رحلته فوافق على الفور، وحين كانا على متن القطار قرر «فرنس» أن يطلع صديقه المسلم على السر، «أريد أن أصبح مسلما»! وأمام الإصرار الكبير أدرك صلاح الدين أن رفيقه صادق، وأنه لا مبرر بعد الآن لتجاهل استفساراته عن الإسلام.
بعد نطقه بالشهادتين، اختار أخونا الأمريكي اسم محمد؛ وعن الدافع الذي جعله يترك دين النصارى ويدخل في دين الله، قال محمد: «إنه التعامل الحسن، فقد لاحظت بأن صديقي صلاح الدين يعامل زملاءه في العمل معاملة طيبة، وكل الذين يلتقون به يحبونه بفضل أخلاقه الحسنة وحرصه على مساعدة الناس وممازحتهم، لقد تأثرت كثيرا بهذه المواقف التي أشعرتني بعظمة المعتقد الذي يعتنقه صديقي، وكنت حينها ما أزال أجهل أنه مسلم، فلما أخبرني أحسست برغبة قوية في التعرف أكثر على هذا الدين الرائع، وقلت لصلاح الدين: أريد أن أكون مثلك.
ثم لما أتيت معه إلى المغرب، ورافقته إلى المسجد لأعلن إسلامي بعد صلاة الجمعة، إذا بالمصلين صغارا وكبارا يتسابقون إلى معانقتي وتهنئتي؛ إنني الآن أشعر بسعادة غامرة لم أشعر بها من قبل، وأحس باطمئنان وهدوء نفس عجيبين».
ومن أجمل الأشياء التي انبهر بها محمد في الإسلام هي قضية التوحيد الذي هو صلب الدين وأصله الأعظم، فهو كان في النصرانية يعتقد بأن لله ولدا هو عيسى عليه السلام، وبالتالي كان كلما أراد أن يدعو توجه إلى عيسى بالدعاء، بيد أنه في الإسلام بات يؤمن بأن الله تبارك وتعالى وحده لا شريك له، ما اتخذ صاحبة ولا ولد، وأنه سبحانه وحده النافع الضار، ولا واسطة بينه وبين عباده ..{وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ، أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ، فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ}.
أما أخونا صلاح الدين فقد أبدى أسفه على تفريطه في دعوة غير المسلمين إلى دين الله، وهو اليوم عازم على الاجتهاد في إسداء النصح والتوجيه لكل من يريد التعرف على الإسلام، كما أنه ينصح كل مسلم بألا يتردد في مساعدة من يلمس فيه رغبة في معرفة الدين الحق، لأن الغربيين -يقول صلاح الدين- «عندما يعتنقون الإسلام فإنهم -ما شاء الله- يتمسكون به ويلتزمون بتعاليمه بصدق وثبات».
فالدعوة إلى الله تعتبر من أعظم القربات التي ينال بها المسلم رضوان الله في الدنيا والآخرة، قال رسول الله عليه الصلاة والسلام: «لأَن يهديَ اللهُ بك رجلاً واحداً، خيرٌ لك من أن يكونَ لك حُمْرُ النَّعَمِ» [البخاري ومسلم].

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *