الآثار المدمرة لسياسة الانفتاح السياحي بغاء، شذوذ، خمر، قمار، تنصير إبراهيم بيدون

فرض الواقع الاقتصادي المتدهور والأزمات الاجتماعية والسياسية التي يعيشها المغرب نهج سياسة جديدة تفتح مجالات عديدة أمام الاستثمارات الداخلية والخارجية, وإقامة المشاريع التي تحقق مكاسب هامة على المستوى الاقتصادي, وكذا توفير عدد كبير من مناصب الشغل للحد من استفحال معضلة البطالة, في هذا الإطار يدخل مشروع المغرب لتطوير القطاع السياحي, هذا التطوير الذي صاحبه انفتاح كبير ربما خسر المغرب من آثاره العكسية أكثر مما يأمل أن يدر عليه من مكاسب، هذا مع العلم أن الدول الأوربية التي تعتمد في اقتصادها على القطاع السياحي لم تستطع الحد من آثاره السلبية والخطيرة والمتمثلة بالخصوص في انتشار الشذوذ الجنسي وترويج المخدرات والدعارة السياحية.

فهل قام المسؤولون في المغرب بإجراء دراسات لمعرفة حجم وخطورة الآثار السلبية المحققة التي ستخلفها المشاريع السياحية الكبرى والتي دخلت حيز التنفيذ؟ أم أننا مرة أخرى سنكون أمام مفهوم علماني ميكيافيلي لسياسة انفتاح اقتصادي-سياحي، يحرص على المردود المادي على حساب العقيدة والقيم والأخلاق!؟

فما على وزارة الصحة وجمعيات مكافحة السيدا إلا التعجيل بتخزين ما يمكنهم من العوازل الطبية التي ستكفي 10 ملايين سائح ووصفات الأدوية لعلاج نفس العدد من المصابين بالسيدا، وما على الحكومة إلا الإسراع في بناء المركبات السجنية والمحاكم، مما سيجعل مداخيل السياحة في كل عام تدرج ضمن ميزانية وزارتي العدل والصحة.
الخطوات والتدابير المتخذة لتطوير القطاع السياحي:
يعمل المغرب منذ أمد على تحسين البنية التحتية الخاصة بالسياحة عبر اتخاذ كل الخطوات والتدابير التي من شأنها أن تحقق الأهداف المتوخاة منها, فقد تم تحديد أهداف واضحة, خلال توقيع الاتفاقية الإطار بين الفيدرالية الوطنية للسياحة والحكومة بتاريخ 29 أكتوبر 2001, ويتعلق الأمر بوضع بنيات مؤسساتية ومالية وبشرية, بهدف توجيه ومراقبة أوراش المشروع الطموح المتمثل في “رؤية 2010”, الرؤية التي تتوقع:
ـ استقبال 10 ملايين سائح.
ـ إيجاد 160 ألف سرير إضافي.
ـ إحداث 600 ألف منصب شغل.
ـ تحقيق استثمار إجمالي بقيمة 90 مليار درهم.
ومن أهم الخطوات المتخذة في هذا الإطار نهج المخطط الأزرق, ومخطط المدائن, والاهتمام بالسياحة ذات الطابع المحلي, وسياحة الرحلات البحرية, وتم البحث على أسواق مصدرة جديدة, كما تم تكوين جيل جديد من المهنيين في مجال الفندقة…
بالإضافة لسياسة الانفتاح التي تنتهجها الحكومة المغربية في هذا الإطار, والتي تتجلى في فتح المجال على مصراعيه لكل مستثمر سياحي, وإقامة المهرجانات بشتى أنواعها سينمائية وغنائية ومسرحية.., وإعطاء رخص بيع الخمور, وتقديم رخص فتح كازينوهات، وانتشار المقاهي والنوادي التي يشرب فيها الخمر وتتفنن فيها الراقصات وبنات الليل في توفير كل أنواع الخدمات المرتبطة بالجنس اللطيف.
ولهذا عرف المغرب اجتياحا استثماريا في ميدان السياحة, من خلال ستّ محطات (المخطط الأزرق) سيتم تهيئتها من طرف منمين دوليين, وهي كالتالي:
محطة “موغادور” تم تفويتها للمجموعة الفرنسية البلجيكية الهولندية “توماس وبيرون ـ واتوليه ـ كولبير أوركو/ ريسما التابعة لأكور”, و”الليكسوس” تم تفويتها إلى المجموعة البلجيكية “توماس و بيرون/ أوركو”, و”مازاغان” لمجموعة “كيرزنير الدولية” وصندوق الإيداع والتدبير, والشركة المغربية الإماراتية للتنمية و”مامدا/ إم سي ما”, و”السعيدية” لمجموعة “فاديسا”, و”محطة تغازوت” للمجموعة الأميركية الكنارية “كولوني كابيتال ـ ساتوكان لوبيسان”, بالقرب من كلميم، أما بالنسبة لـمحطة “الشاطئ الأبيض” فتم تفويتها أيضا للمجموعة الاستثمارية “فاديسا” والتي تمثل المحطة الأخيرة المبرمجة في إطار المخطط الأزرق.

الآثار المترتبة عن النشاط السياحي غير المنضبط بالشرع
إن المطلع على أحوال المغاربة يعلم يقينا ما مدى تأثير الانفتاح على الغرب, إذ أصبحت بلادنا تعيش تقليدا أعمى لكل القيم الغربية العلمانية, ويمكن اعتبار توفير الظروف الملائمة للسائح حتى يشبع رغباته من أهم الأسباب التي تقف وراء ذلك التقليد.
فضخامة المشاريع السياحية المزمع تشييدها عبر التراب الوطني والتي تم توقيع اتفاقياتها مع الشركات والمقاولات الأجنبية تنبئ عن ضخامة حجم آثارها التي ستكون مدمرة لعقائد المغاربة ولتماسك بنية أسرهم وثقافتهم.
فقبل أن تبدأ المشاريع السياحية المذكورة في تقديم خدماتها نجد المغرب والمغاربة يعانون من الشذوذ والدعارة المرتبطة بالسياح والسياحة، فلا يمر يوم إلا ويستيقظ المواطنون على فضيحة أخلاقية تكون ضحيتها فتيات وفتيان مغاربة أرغمهم الفقر وضعف الوازع الديني إلى تقديم خدمات عفنة لسياح مرضى.
أما الخمور فالقانون المغربي للأسف الشديد يبيح بيعها للأجانب غير المسلمين بينما يلاحظ غير المدقق أن أماكن بيعها مثل “مرجان” و”مترو” و”أسيما” لا يرتادها من أجل الخمر إلا المغاربة المسلمون، كما أن 90 %من الحانات غالبية زبنائها مغاربة، فإن انضاف إليهم 10 ملايين سائح الذين تعمل وزارة السياحة على استقطابهم في أفق سنة 2010 فإن صناعة الخمور في المغرب ستعرف دون أدنى شك منافسة قوية سيغرق المغرب من جرائها في بحر من الخمر وبحور من الجريمة والرذيلة مما سيدفع المسؤولين إلى بناء المزيد من السجون والإصلاحيات.
وثالثة الأثافي قرين الخمر في الرجس: القمار، فمنذ الإعلان عن المشاريع السياحية تهاطلت على مكتب الوزير الأول طلبات الترخيص لفتح “كازينوهات” جديدة من طرف شركات القمار الأجنبية, لتنضاف إلى الكازينوهات الستة التي سبق الترخيص لها والموزعة على الشكل التالي: اثنان في أكادير وثلاثة في مراكش وواحد في طنجة.
ومعلوم ما يحصل في هذه “الكازينوهات” من شرب للخمر ورقص وبغاء, وعلى رأس كل ذلك لعب القمار الذي بدأ يعرف انتشارا واسعا في بلدنا يمارسه الصغير والكبير, الغني والفقير، وذلك لقيام القنوات التلفزية والإذاعات الوطنية بإشهار عروضه والترويج له.
أما قاصمة الظهر فتتجلى في المد التنصيري المصاحب في الغالب لتواجد ملايين السياح الذين سيطالبون بتشييد كنائس، ولا غرابة في الترخيص لهم تحت ضغط حكومات بلادهم ومعونة العلمانيين المغاربة في بنائها لممارسة عقائدهم وطقوسهم، الشيء الذي سيخول لهم تطبيق سياساتهم التنصيرية المستهدفة للشباب المغربي، مما سيعرض إسلام العديد من المغاربة للدمار.
إن الأهداف المتوخاة من وراء المشاريع السياحية الضخمة تتمثل بالخصوص في توفير مناصب الشغل للقضاء على البطالة، وتحقيق استثمارات أجنبية تدرّ مداخيل هائلة من العملة الصعبة حتى نخرج من حالة الإفلاس المستعصية، لن يتم تحقيق هذه الأهداف -هذا إذا افترضنا أنها ستتحقق في ظل استشراء الرشوة وفشو الفساد الإداري، والانفلات الأمني- إلا على حساب قيمنا وأخلاقنا وتماسك أسرنا، فلن نجني أكثر مما جنته الدول الغربية من انحلال وتفسخ على مستوى الأسرة والمجتمع.
ولا غرابة إذا ما اقترحت بعض الأحزاب العلمانية بعد سنة 2010 الترخيص للشواذ جنسيا في الزواج المثلي مادام ذلك سيخدم السياحة، بعد أن يصير الشذوذ ظاهرة علنية كالخمر والقمار، وليس لنا أن نندهش إذا ما طالبت نفس الأحزاب العلمانية بتنظيم البغاء والدعارة مادامت ستكون من مستلزمات نجاح السياحة هذا بالإضافة إلى الرسوم التي ستفرض على البغايا والشواذ، فما على وزارة الصحة وجمعيات مكافحة السيدا إلا التعجيل بتخزين ما يمكنهم من العوازل الطبية التي ستكفي 10 ملايين سائح ووصفات الأدوية لعلاج نفس العدد من المصابين بالسيدا، وما على الحكومة إلا الإسراع في بناء المركبات السجنية والمحاكم، مما سيجعل مداخيل السياحة في كل عام تدرج ضمن ميزانية وزارتي العدل والصحة.
فنخسر بذلك الازدهار والرفاهية في الدنيا التي اشتريناها بجنان الآخرة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *