دراسة أمريكية مفزعة عن مستقبل الأوضاع في مصر جمال سلطان

الدراسة التي أعدتها “ميشيل دن” و”اسكوت وليامسون” في مؤسسة كارنيجي عن الأوضاع في مصر خلال الأشهر العشرة السابقة والتي تلت إسقاط نظام الرئيس السابق محمد مرسي مفزعة فعلا ، خاصة وأنها تأتي من رؤية باحث محايد وبعيد عن اشتباك الأحداث في مصر والتحيزات السياسية هنا وهناك ، الدراسة تقول باختصار أن الصورة في مصر أكثر قتامة من أي وقت مضى في تاريخ الجمهورية المصرية ، وأن مستويات العنف والقمع والقتل والانتهاكات هي أكثر بشاعة من أي وقت مضى بما في ذلك الملاحقات العنيفة التي خاضها الرئيس الأسبق جمال عبد الناصر ضد جماعة الإخوان في الخمسينات والستينات ، الدراسة تقول بوضوح كاف وبالحرف أن مستويات العنف في مصر حاليا أكبر مما كانت أيام مرسي ، وحالة الاستقرار الآن أضعف مما كانت عليه أيام مرسي ، وتضيف : (في الأشهر الثمانية التي أعقبت عزل الجيش الرئيس السابق محمد مرسي، عانى المصريون من أشدّ التجاوزات في تاريخهم الحديث في مجال حقوق الإنسان والإرهاب. وقد تم حجب حجم وأبعاد هذه القصة عن الأنظار إلى حدّ كبير نظراً إلى عدم توفّر بيانات دقيقة، غير أن التقديرات تشير إلى أنه تم قتل أكثر من 2500 من المصريين، وإصابة أكثر من 17 ألفاً، واعتقال أكثر من 16 ألفاً في المظاهرات والاشتباكات التي جرت منذ 3 تموز/يوليو. وقتل مئات آخرون من المصريين في هجمات إرهابية ، وتتجاوز هذه الأرقام تلك التي ظهرت حتى في أحلك الفترات التي مرّت على مصر منذ ثورة العام 1952 التي قادها الجيش وجاءت بجمال عبد الناصر إلى السلطة. وهي تعكس استخداماً للعنف على نحو غير مسبوق في التاريخ السياسي الحديث لمصر) ، ثم تعلق الدراسة بقولها : (وعلى الرغم من تصريحات المسؤولين المصريين بأن التدابير التي يتّخذونها ضرورية لتحقيق الاستقرار في البلاد، فإن العكس هو الصحيح. فقد أصبحت مصر أكثر عنفاً وعدم استقرار مما كانت عليه قبل تموز/يوليو 2013 أو مما كانت على مدى عقود طويلة، حيث يثير القمع الذي تمارسه الحكومة دورة متصاعدة من العنف السياسي. وليس ثمّة ما يشير إلى الآن إلى أن الأوضاع ستهدأ قريباً) . دراسة مؤسسة كارنيجي استعرضت تقارير إحصائية عن أعمال القمع والعنف وكذلك أعمال الإرهاب التي عانت منها مصر خلال عهود عبد الناصر والسادات ومبارك ثم اللحظة الراهنة ، ثم عندما عقدت المقارنة بين الأحداث الحالية وبين الأحداث التي وقعت أيام عبد الناصر وما تلاه خلصت إلى نتيجة لخصتها بقولها : (شكّلت الحملة القاسية التي شنّها الرئيس الراحل جمال عبد الناصر على جماعة الإخوان المسلمين أسوأ فترة من القمع في تاريخ مصر الحديث، ولكن يبدو أن الأحداث الأخيرة قد تجاوزتها أيضاً) ، الدراسة أيضا أكدت على دقة التوصيف الذي وصفت به منظمة هيومن رايتس ووتش مذبحة رابعة العدوية وأنه ـ حسب وصفها الحرفي ـ” أخطر حادث قتل جماعي غير مشروع في التاريخ المصري الحديث” ، لتضيف الدراسة قولها : (لم يقتصر الأمر على اعتصام رابعة. فمنذ تموز/يوليو وقع ما لا يقلّ عن 36 حادثة قتل فيها عشرة أو أكثر من المصريين في الاحتجاجات السياسية والاشتباكات) . دراسة مؤسسة كارنيجي تنتهي إلى خلاصة حول مستقبل مصر واحتمالاته ، لتؤكد على أن الصورة شديدة القتامة ، وخاصة مع اشتداد ممارسات القمع الوحشي ، حسب نصها ، وتراكم سلسلة قوانين جديدة قمعية بدعوى مواجهة الإرهاب ستمثل إرثا كئيبا على المشهد السياسي المصري كله في المستقبل ، ثم تختم الدراسة بقولها 🙁 ثمّة حاجة في مصر إلى مسار مختلف. وفي ظل عدم وجود استراتيجية اقتصادية وسياسية وحقوقية شاملة تحلّ محلّ القمع الوحشي وتساعد المصريين في أن يسهموا بقدر أكبر في نجاح الحكومة، فإن استمرار دورة الاحتجاج والقمع والإرهاب والانتقام يمثّل نتيجة أكثر احتمالاً من تحقيق الاستقرار) . هذه رؤية من الخارج لواقع الأحداث في مصر وتأمل مستقبلها ، وأعتقد أنها مطابقة إلى حد كبير لرؤية كثير من المحللين المصريين القلقين من تلك الأجواء التي دخلت إليها البلاد منذ الإطاحة بمرسي وسلسلة الأخطاء الكارثية التي وقعت فيها السلطة من لحظتها .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *