د. عبد السلام بلاجي*: منتجات البنوك التشاركية كلها مستمدة من الفقه الإسلامي حاوره: نبيل غزال

المصادقة على هذا القانون ستكون فاتحة خير بالنسبة للمغاربة جميعا، لأن نسبة المتعاملين مع البنوك في المغرب لا تتعدى %57 بمعنى أن %43 من المغاربة لا يتعاملون مع البنوك، إذن إذا استطعنا أن نستقطب هذه النسبة على مراحل فمعنى ذلك أننا سنستقطب مدخرات جديدة.

1- ما هي المستجدات التي حملها القانون الجديد للبنوك الإسلامية؟
قانون هيئات الاعتماد أو الهيئات التي في حُكمها، جاء في نطاق تجديد القانون البنكي المغربي، وهذا القانون تعرض لآخر تجديد سنة 2006، وقبله في سنة 1995، وفي هذه السنة 2014 أُدخلت عليه تعديلات جوهرية ليواكب المستجدات المتعلقة بالاقتصاد والمالية والنظام البنكي، سواء في المغرب أو في المنطقة أو في العالم.
ومن بين أهم المستجدات التي جاءت في هذا القانون، هي مستجدات تتعلق بإحداث قسم كامل وهو القسم الثالث تحت مسمى أو عنوان البنوك التشاركية، ويشمل هذا القسم 17 مادة من بين 196 مادة يتكون منها المشروع بكامله، وهذا القسم قسم البنوك التشاركية يُحدث هذه البنوك التي يسميها إخواننا في البلدان الأخرى بالبنوك الإسلامية، يُحدثها لأول مرة في المغرب على أساس قانوني.
صحيح كانت هناك ما سُميت بالتمويلات البديلة منذ سنة 2007، ولكن لم يكن لها أساس قانوني. فبمناسبة قدوم أو عرض هذا المشروع القانون على مجلس النواب، تمت مدارسته في لجنة المالية، وتم إدخال عدد من التعديلات الجوهرية عليه.

2- ما هو مضمون هذا القانون؟
مضمون هذا القانون أولا: أنه يُعرف هذه البنوك التشاركية، ويُعرف بالمنتوجات التي تقدمها أو كما نسميها في الفقه الإسلامي بالعقود التي يقدمها هذا القانون. ثم كذلك يتعرض إلى الضمانات التي يعطيها القانون سواء لهذه البنوك، أو يعطيها كذلك للزبناء الذين يتعاملون مع هذه البنوك.
إذن القانون نفسه ينقسم إلى ثلاثة أقسام.
القسم الأول: التعريفات والمنتوجات، القسم الثاني: الهيئات المطابقة، القسم الثالث: الضمانات المقدمة للزبناء والمقدمة لهذه الأبناك.

3- ما هي المنتجات التي سيقدمها قانون البنوك التشاركية؟
فيما يتعلق بالمنتوجات التي يقدمها، جاء في المشروع أربعة منتوجات كلها مستمدة من الفقه الإسلامي، وهي منتوج عقد المرابحة وعقد المشاركة وعقد المضاربة وعقد الإيجار، وكلها عقود توجد في الفقه الإسلامي بصفة عامة، وأضفنا إليها في التعديلات عقدين أساسيين، وهما عقد السلم وعقد الاستصناع لحاجة البيئة المغربية إليهما ولاستعمالهما، عادة هذان العقدان منتشران في المغرب كمضمون دون أن يتحدث المغاربة عن عقد السلم أو عقد الاستصناع.
فعقد الاستصناع مثلا مشهور في الصناعة التقليدية اشتهارا كبيرا، لكنه الآن أصبح مقننا في هذا القانون، وكذلك عقد السلم منتشر جدا في الفلاحة، وهو منذ عهد الرسول صلى الله عليه وسلم، أرخص فيه رغم أن فيه غررا يسيرا، أرخص فيه لحاجة الناس إليه، ونحن أدخلناه في التعديلات، والآن أصبح عندنا ستة عقود: عقد المرابحة وعقد المشاركة وعقد المضاربة وعقد الإيجار وعقد السلم وعقد الاستصناع، وهذه العقود ربما أسماؤها اليوم غريبة في البيئة لأنه طال العهد بيننا وبين الفقه الإسلامي، ولكن سرعان ما سيتعرف عليها الناس ويستأنسون بها ويتعاملون بها.
القسم الثاني من القانون يتعلق بهيئات المطابقة، وهذه الهيئات المطابقة تسمى في البلدان الإسلامية بهيئات الرقابة الشرعية، لكن المشرع المغربي سماها بالهيئات الإسلامية المطابقة، وفي الحقيقة ربما هذا الاسم أوفق وأدل على موضوع عمل هذه اللجان.
وهي تنقسم بدورها إلى قسمين: هيئة المطابقة الخارجية، ويقوم بها المجلس العلمي الأعلى الذي يصدر أراء بالمطابقة لكل منتوج ولكل عملية تقوم بها هذه البنوك، هل هي موافقة ومطابقة أم غير مطابقة.
والقسم الثاني من هذه المطابقة، تقوم بها لجان داخلية من داخل البنك التشاركي تسهر يوميا على مطابقة هذه العمليات مع المعطيات الفقهية والمعطيات القانونية.
والقسم الثالث والأخير وهو القسم المتعلق بالضمانات المقدمة للزبناء والمقدمة للبنوك التشاركية، لأنه كما نعلم البنوك الإسلامية أو التشاركية، السيولة المالية عندها لا تكون كبيرة، لأن السيولة التي عندها تدخل في المعاملات في العقود والتجارة والصناعة… لذلك قد يأتي أحد الزبناء الذي عنده ودائع مالية كثيرة، ويطلب وديعته المالية فلا يجدها، لذلك المشرع قدم ضمانات لهؤلاء الزبناء ولهذه البنوك حتى لا تقع في أزمة، يعني قرر إنشاء صندوق تضامني بين البنوك التشاركية التي سوف توجد في المغرب، هذا الصندوق في حالة وجود أي بنك تشاركي في حالة صعبة، يساعد هذا الصندوق على تجاوز هذه الأزمة وهذا الصندوق بطبيعة الحال موجود في بعض البلدان الإسلامية منها ماليزيا على سبيل المثال.
الخلاصة أن المصادقة على هذا القانون بكامله، الذي يقوم بتحديث القانون البنكي المغربي ويدخل البنوك التشاركية، ستكون فاتحة خير بالنسبة للمغاربة جميعا، لأنه كما نعلم نسبة المتعاملين مع البنوك في المغرب لا تتعدى %57 وبمعنى أن %43 من المغاربة لا يتعاملون مع البنوك، إذن إذا استطعنا أن نستقطب هذه النسبة على مراحل فمعنى ذلك أننا سنستقطب مدخرات جديدة.
وهذه المدخرات الجديدة سوف يتم توظيفها في الاستثمار، بمعنى رواج جديد ومناصب شغل جديدة ومشاريع جديدة..
إذن إن شاء الله ننتظر أن يكون هذا فاتحة عهد جديد، كما أنها تقدم لعدد من المغاربة معاملات تتوافق مع عقيدتهم ومع اقتناعهم، يعني لا يبقون خائفين مع التعاملات المالية التي يرون أنها يجب ألا تكون. والله تعالى الموفق.
4- متى سيتم تفعيل العمل بالقانون الجديد؟
القانون صودق عليه في مجلس النواب، وسوف يعرض على مجلس المستشارين، وينتظر إن شاء الله خلال أسابيع قليلة أن يصادق عليه، ثم ينشر في الجريدة الرسمية، ونتوقع إن شاء الله أنه بعد أربعة شهور أو ستة شهور، ستدخل البنوك التشاركية إلى المغرب.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
* رئيس الجمعية المغربية للدراسات والبحوث في الاقتصاد الإسلامي، وأستاذ الفقه والعلوم السياسية، والبرلماني عن حزب العدالة والتنمية.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *