أشعر أني ولدت من جديد وأن حياتي قد بدأت الآن!(*) مصطفى الونسافي

من الظلمات إلى النور (8)

نعرض في هذه السلسلة قصصا مؤثرة لأناس عاشوا فترة من أعمارهم بعيدين عن ربهم، تائهين عن طريق الهدى، تتقاذفهم أمواج متلاطمة من الشهوات والشبهات، قبل أن يتسلل نور الإيمان إلى قلوبهم، ليقلب بؤسهم نعيما، وشقاءهم سعادة..
إنه نور توحيد رب العالمين، إنه قوت القلوب وغذاء الأرواح وبهجة النفوس

«مارك شيفر»، مليونير أمريكي أعلن إسلامه في بلاد الحرمين بعد أن كان في زيارة سياحية للسعودية لمدة عشرة أيام، وهو يعمل محاميا بولاية «لوس أنجلس» الأمريكية، وقد اكتسب شهرة كبيرة في عموم البلد، لاسيما بعد أن ربح قضية تعويض رُفعت ضد المغني الأمريكي الراحل «مايكل جاكسون» قبل وفاته بأسبوع.
وعن قصة إسلام مارك، يقول ضاوي بن ناصر الشريف، المرشد السياحي السعودي، إنه ومن لحظة وصول مارك إلى السعودية بدأ يسأل عن الإسلام وعن الصلاة، ويضيف ضاوي بقوله: «مكثنا في الرياض يومين، وكان مارك مهتماً بالإسلام، وبعد ذلك انتقلنا إلى نجران، ثم إلى أبها، ثم ذهبنا إلى العلا، وفيها ازداد اهتمامه بالإسلام وتحمسه لمعرفة المزيد عن تعاليمه، وعندما خرجنا في جولة شد انتباهه كثيرا منظر ثلاثة من الشباب السعوديين الذين كانوا يرافقوننا في العلا وهم يصلون في الصحراء على التراب بكل تواضع.
وبعد قضاء يومين في العلا ذهبنا إلى الجوف، وفي هذه الأخيرة طلب مني مارك كتباً عن الإسلام، فأحضرت له كتيبات دعوية بالإنجليزية، فشرع في تصفح محتواها بنهم، وفي الصباح طلب مني أن أعلمه كيفية الصلاة، فشرحت له كيف يتوضأ وكيف يصلي، وفعلا قام وصلى بجواري، وبعد ذلك أخبرني أنه ارتاح كثيرا في الصلاة، ومع حلول المساء عدنا إلى جدة، وكان مستمراً في قراءة الكتب عن الإسلام.
وفي صباح يوم الجمعة كنا نتجول في جدة القديمة، وعندما حان وقت صلاة الجمعة عدنا إلى الفندق وأخبرت مارك وأصدقاءه أنني سوف أذهب إلى المسجد للصلاة، فقال لي مارك: أريد أن أذهب معك وأشاهد الصلاة، فقلت مرحبا، وذهبت إلى المسجد وصليت الجمعة مع بعض المصلين خارج المسجد من شدة الزحام، وكان مارك يراقب الجميع، وبعد انتهاء الصلاة شاهد المصلين يصافح بعضهم بعضا والجميع مسرور، فأعجبه هذا المشهد كثيرا.
وعندما عدنا إلى الفندق أخبرني برغبته في اعتناق الإسلام، فعلّمته صفة الاغتسال، ثم لقنته الشهادة ونطقها، ثم صلى ركعتين، وبعد ذلك أخبرني أنه يريد زيارة الحرم المكي الشريف، وأن يصلي فيه قبل مغادرته السعودية، فلبيت طلبه بعد أن توجهنا إلى مكتب الدعوة والإرشاد في مدينة الحمراء، ليعلن مارك إسلامه رسميا، وتم منحه شهادة تثبت اعتناقه الإسلام، ونظرا لكون باقي أفراد المجموعة الأمريكية سوف يغادرون فقد تكفل الأستاذ محمد تركستاني بتوصيل أخينا مارك إلى الحرم المكي الشريف».
وعن ذهاب مارك إلى الحرم المكي الشريف، يقول الأستاذ محمد تركستاني: «بعد الحصول على شهادة الإسلام المؤقتة، ذهبت أنا والسيد مارك إلى الحرم المكي الشريف، وما أن شاهد المسجد الحرام حتى تهلل وجهه وبدت عليه السعادة، ولما دخلنا إلى الحرم وشاهد الكعبة ازدادت فرحته كثيرا وتهلل وجهه بالبشر والسرور، وحقيقة والله أعجز عن وصف ذلك المشهد.. وبعد أن طاف السيد مارك بالكعبة الشريفة صلينا وخرجنا، ولم يكن يرغب بالخروج».
وقد أعرب مارك، في حديث لجريدة الرياض بعد إسلامه، عن سعادته البالغة، وقال: «لا أستطيع وصف شعوري ولكني الآن ولدت من جديد في هذه الحياة والآن بدأت حياتي الجديدة».
وأضاف: «كنت سعيدا بل في قمة السعادة، وكنت أشعر بفرحة لا أستطيع وصفها لكم عندما زرت الحرم المكي الشريف وطفت حول الكعبة المشرفة».
وفي سؤال عن الخطوة التالية له بعد إسلامه: قال: «سوف أقرأ المزيد عن الإسلام وأتعمق في دين الله، وسوف أعود إلى السعودية من أجل أداء مناسك الحج».
وعن الدافع الذي جعله يشهر إسلامه، قال: «لقد كانت لدي معلومات قليلة عن الإسلام، وعندما زرت السعودية وشاهدت المسلمين وهم يصلون شعرت برغبة قوية في معرفة المزيد عن الإسلام، وما أن عرفت المعلومات الصحيحة عن الإسلام حتى تأكدت أنه الدين الحق».
وبعد نهاية عطلته غادر أخونا مارك بلاد الحرمين متوجهاً إلى أمريكا، وقبل المغادرة كتب في خانة الديانة بورقة البيانات في المطار: مسلم.
{فَمَنْ يُرِدِ اللهُ أَنْ يَهْدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلْإِسْلَامِ وَمَنْ يُرِدْ أَنْ يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقاً حَرَجاً كَأَنَّمَا يَصَّعَّدُ فِي السَّمَاءِ كَذَلِكَ يَجْعَلُ اللهُ الرِّجْسَ عَلَى الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ}.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
-(*) قصة إسلام الأمريكي «مارك شيفر»، نقلا عن جريدة «الرياض» / العدد: 15096، بتصرف واختصار.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *