“إن لله تسعة وتسعين اسما من أحصاها دخل الجنة” من آثار الإيمان باسم الله السميع (الحلقة 61) ناصر عبد الغفور

– إثبات صفة السمع لله تعالى:
الإيمان باسم السميع يقتضي إثبات صفة السمع لله جل في علاه، فهو سبحانه سميع بسمع يليق به.
وصفة السمع من الصفات الذاتية التي لا تنفك عن الذات فهو سبحانه لم يزل ولا يزال سميعا… .
وكما هو الشأن في كل الصفات الإلهية لا يجوز السؤال عن الكيفية، فكما لا يجوز أن نتساءل: كيف ينزل؟ وكيف يتكلم؟ وكيف يجيء؟ فكذلك لا يجوز السؤال: كيف يسمع؟ لأنه لا يعلم بذلك إلا هو جل في علاه، قال تعالى: “وَلَا يُحِيطُونَ بِهِ عِلْمًا” (طه:110)، ومن ذلك الإحاطة بذاته وكنه صفاته، وقال تعالى: “فَلَا تَضْرِبُوا لِلَّهِ الْأَمْثَالَ إِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لَا تَعْلَمُونَ” (النحل:74).
يقول شيخ الإسلام رحمه الله تعالى: “ومثل هذا -يعني عدم العلم بحقائق الصفات والذات- يوجد كثيرا في كلام السلف، والأئمة ينفون علم العباد بكيفية صفات الله وأنه لا يعلم كيف الله إلا الله” .
وممن خالف في إثبات صفة السمع المعتزلة كما هو الحال بالنسبة لكل الصفات، حيث أثبتوا الأسماء مجردة عن المعاني وما تحويه من الصفات، فالسميع عندهم مجرد علم عن الله تعالى، فهو سميع بلا سمع كما أنه عليم بلا علم وقدير بلا قدرة وهكذا، قال الإمام أبو الحسن الأشعري رحمه الله تعالى: “وقالت -أي المعتزلة- إن الله عالم قادر سميع بصير عن طريق التسمية من غير أن يثبتوا له حقيقة العلم والقدرة والسمع والبصر” .
وقد حكي عن الجبائي المعتزلي أنه قال: “يكون سميعا بصيرا، أي حي لا آفة فيه؛ ولا يجوز وصفه بالسمع والبصر” .
كما تأولوا السميع بالعليم، يقول الإمام أبو الحسن الأشعري رحمه الله تعالى في إبانته: (وزعمت المعتزلة أن قول الله تعالى: “سَمِيعٌ بَصِيرٌ” أن معناه عليم، يقال لهم: فإذا قال الله تعالى: “إنَّني مَعَكُمَا أَسْمَع وَأَرَى” (طه:46)، وقال: “قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا” (المجادلة:1)، فمعنى ذلك عندكم “عليم”، فإن قالوا: نعم، قيل لهم: فقد وجب عليكم أن تقولوا معنى قوله: “أَسْمَع وَأَرَى” هو “أعلم وأعلم”) .
وفي الحقيقة قول المعتزلة هذا يوافق قول النصارى الذين نفوا عن الله صفاته زاعمين أن سمعه وبصره وعلمه وقدرته وغير ذلك من صفاته كلها بمعنى واحد، لا فرق إلا في الأسماء.
يقول الإمام أبو الحسن الأشعري: “ونفى الجهمية أن يكون لله تعالى وجه، -كما قال- وأبطلوا أن يكون له سمع وبصر وعين، ووافقوا النصارى لأن النصارى لم تثبت الله سميعا بصيرا إلا على معنى أنه عالم وكذلك قالت الجهمية…”.
وقالت الجهمية: إن الله لا علم له ولا قدرة ولا سمع له ولا بصر، وإنما قصدوا إلى تعطيل التوحيد والتكذيب بأسماء الله تعالى، فأعطوا ذلك له لفظا، ولم يحصلوا قولهم في المعنى، ولولا أنهم خافوا السيف لأفصحوا بأن الله غير سميع ولا بصير ولا عالم، ولكن خوف السيف منعهم من إظهار زندقتهم ..” .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *