وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية ودورها في حيرة الشباب المغربي أحمد السالمي

.. الغالب على ما أحدثته الوزارة في مجال تأطير وتأهيل الحقل الديني يبقى يغلب عليه الدخن والمخالفات الشرعية، ولعل أبرزها إدخال جهاز التلفاز إلى المساجد وما صاحبه من مخالفات شرعية، كمشاهدة النساء المتبرجات عبر التلفاز في المسجد وسماع الموسيقى، وحكم التبرج والموسيقى في المذهب المالكي معروف مشهور، وهو: الحرمة بإجماع علماء المالكية.
إذا كان تشييد البناء على أرض متحركة بإسمنت ضعيف الصلابة وحديد نخره الصدأ مع وجود بنائين لا يُحسنون الحرفة فهذا البناء لا محالة يسقط على رؤوس ساكنيه.
الشخصية الإنسانية لا تُبنى إلا بالمنهج القويم الذي وضعه خالق هذه الشخصية سبحانه لا بالأغاني والأفلام والخرافات والشركيات والأباطيل وبث الكراهية والفرقة بين المسلمين.
فعندما نجد الشباب يعيش في حيرة وتيه، ولا نكلف أنفسنا البحث عن الأسباب فهذا خذلان لهم من طرف من يتحمل مسؤولية تأطيرهم وتوجيههم.
إن سبب تيه وحيرة شبابنا يكمن وراء ذلك التناقض الفظيع الذي يعيشونه، تناقض بين ما يحاولون امتثاله يوميا من أوامر ربهم وسنة نبيهم صلى الله عليه وسلم وبين ما يكابدونه في حياتهم!!
فهذا التناقض العجيب هو السر أيضا في هذه الحيرة المردية التي عصفت بفئة أخرى عريضة من شباب وشابات اليوم يهتمون الاهتمام المفرط بشهواتهم، فهم يضيعون أوقاتهم في التفاهات مثل “ستار أكاديمي” و”استوديو دوزيم” ومشاهدة “الكليبات” والأفلام وحضور الحفلات الصاخبة التي تكشف فيها العورات وتنتهك فيها الأعراض، وتنتهك خلالها حرمات الله.
نعم، إذا كان جيل الشباب ضعيف الشخصية كلُّ همه في بطنه وتحصيل شهواته ولا يهتم إلا بسفاسف الأمور فكيف نروم تنمية البلاد وإصلاحها، فشباب كهذا لن تجد قضايا أمته إلا في آخر اهتماماته، إن كان يهتم بصالح أمته أصلا، فمثل هؤلاء تمنعهم نرجسيتهم وحبهم لذواتهم من التفكير في صلاح أمتهم، بل يقدمون مصلحتهم وشهوتهم وحيوانيتهم على الصالح العام بل قد يقفون في صف الأعداء في حالة الحرب، والتاريخ خير دليل على ذلك.
والأمر العجيب أن تجد الجهات التي يجب عليها الأخذ بيد الشباب وإرشادهم إلى الجادة، بوصفها مسؤولة أمام الله لتقلدها شؤون الإسلام في بلدنا هذا حماه الله، تُسهم في الحيرة والتِّيه الذي يعيشه الشباب، وتعمق لديهم الإحساس بالتناقض بين ما تبثه من مواد دينية وبين ما ألفوا سماعه من العلماء عبر بعض الفضائيات المتميزة، أو ما درسوه في كتب العلم التي توافرت ولله الحمد لطلابها، هذا بالإضافة إلى تجنب القائمين على الشأن الديني الخوض في المواضيع المتعلقة بحياة الشباب، كتفشي ممارسة الزنا في صفوفهم، ومسائل السفور والتبرج والشذوذ الجنسي الذي أصبح ظاهرة تقض مضاجع الغيورين، وأمور الربا والخمور وما يعرض في القنوات الوطنية من أفلام ومسلسلات تروج للزنا والخيانة الزوجية والربا والشذوذ، كل هذه المواضيع يحس الشباب كباقي المواطنين بأن وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية تضرب عنها الذكر صفحا فتذهل، وكأن الأمر لا يتعلق بمخالفة تعاليم الدين وشرائعه، وما سكوت الوزارة وتجاهلها إلا استجابة للمطالب العلمانية وخوفا من أن تتعرض إلى انتقادات من طرف غلاة العلمانيين الذين يمنعون الناس حتى من الاعتقاد بأن غضب الله قد يورث الأمة الكوارث من فيضانات وزلازل!
وحتى لا نبخس الوزارة حقها نثمن بعض المجهودات التي يقوم بها بعض القيمين على بعض المساجد، إلا أن الغالب على ما أحدثته الوزارة في مجال تأطير وتأهيل الحقل الديني يبقى يغلب عليه الدخن والمخالفات الشرعية، ولعل أبرزها إدخال جهاز التلفاز إلى المساجد وما صاحبه من مخالفات شرعية كمشاهدة النساء المتبرجات عبر التلفاز في المسجد وسماع الموسيقى، وحكم التبرج والموسيقى في المذهب المالكي معروف مشهور وهو الحرمة بإجماع علماء المالكية، فعن إسحاق بن عيسى الطباع قال: سألت مالك بن أنس عما يترخص فيه بعض أهل المدينة من الغناء، فقال: “إنما يفعله عندنا الفساق”. وأقوال علماء المذهب موجودة مبثوثة في كتب المذهب.
فعلى الوزارة المعنية أن لا تكون سببا في حيرة الشباب، وأن لا تزيدهم خذلانا إلى خذلانهم بل عليها أن تأخذ بأيديهم وترشدهم إلى الصواب الموافق للكتاب والسنة لا الموافق لأهواء العلمانيين.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *