“إن لله تسعة وتسعين اسما من أحصاها دخل الجنة” من آثار الإيمان باسم الله السميع (الحلقة 64) ناصر عبد الغفور

ب- أنه سبحانه لا تختلط عليه الأصوات مهما اختلفت اللغات واللهجات:
فالله تعالى يسمع كل متكلم وكل داع وسائل بأي لغة كان كلامه أو بأي لهجة كان دعاءه وسؤاله، لا تختلط عليه الأصوات ولا تختلف عليه اللغات ولا تلتبس عليه اللهجات، فهو سبحانه: «السَّمِيعُ لسائر الأصوات على اختلافها وتشتتها وتنوعها»(1).
ولنقف مع حديثين ثابتين يبينان عظم سمع الله تعالى وأنه لا يدانيه سمع:
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «قال الله تعالى: قسمت الصلاة بيني وبين عبدي نصفين ولعبدي ما سأل، فإذا قال العبد: «الحمد لله رب العالمين»! قال الله تعالى: حمدني عبدي، وإذا قال: «الرحمن الرحيم»! قال الله تعالى: أثنى علي عبدي، وإذا قال: «مالك يوم الدين»! قال: مجدني عبدي، وقال مرة: فوض إلي عبدي، فإذا قال: «إياك نعبد وإياك نستعين»! قال: هذا بيني وبين عبدي ولعبدي ما سأل، فإذا قال: «اهدنا الصراط المستقيم صراط الذين أنعمت عليهم غير المغضوب عليهم ولا الضالين»! قال: هذا لعبدي ولعبدي ما سأل»(2).
فكم من مصل على وجه الكرة الأرضية؟ وكم من تال لهذه السورة المباركة؟ وكم من حامد لله تعالى بقوله: «الحمد لله رب العالمين»؟ وكم من مثن على الله تعالى بقوله: «الرحمن الرحيم»؟ في نفس الوقت الذي يمجده سبحانه ما لا يعلم عددهم إلا الله بقولهم: «مالك يوم الدين»… كل هؤلاء قد وسعهم سمعه سبحانه، فيسمع حمد الحامدين ويجيبهم في نفس الوقت الذي يسمع فيه ثناء المثنين ويجيبهم وتمجيد الممجدين ويجيبهم… فما أعظم سمعه جل في علاه.
وعن أبي ذر الغفاري رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم فيما يرويه عن ربه عز وجل أنه قال: «…يا عبادي لو أن أولكم وآخركم وإنسكم وجنكم قاموا على صعيد واحد فسألوني فأعطيت كل واحد مسألته ما نقص ذلك مما عندي إلا كما ينقص المخيط إذا أدخل البحر»(3).
هذا المقطع من هذا الحديث القدسي وإن كان يدل أول ما يدل على عظم ملك الله تعالى وغناه المطلق، لكن لا يمنع أن نستفيد منها كذلك عظم صفة السمع لله تعالى، ولنتصور هذا المشهد: أن يقف كل مخلوق من الثقلين على صعيد واحد فيسأل كل مسألته بلغته أو لهجته، ولنستحضر عدد اللغات واللهجات التي يتكلم بها البشر، الكل يسأل مسألته في وقت واحد، والكل يسمعه الله، لا جرم أن هذا لا يتصور إلا في حق من قال عن نفسه: «ليس كمثله شيء» ومن قال عن نفسه: «وما قدروا الله حق قدره».
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1- «تيسير الرحمن»، (ص:599).
2- رواه الإمام مسلم في صحيحه، (حديث رقم:395).
3- رواه الإمام مسلم، (حديث رقم:2577).

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *